آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:44 م

شكراً ”حكايا“

أثير السادة *

أن تجد طفلك الصغير يتحدث بلغة أخلاقية عن سلوك ما، لم تشر له من قبل، هذا يجعلك تتخيل بأنه اكتسب معلومة تربوية جيدة من مدرسته، أو أقرانه، غير أني اكتشفت عالما آخر يمكن أن يهب الصغار نضجا ومعرفة جيدة وقبل ذلك سلوكا تربويا صالحا وهي مواقع الانترنت الواسعة.

كان صغيري يحدثني عن أشياء تعلمها من مشاهداته لبرنامج حكايا حسن الذي تنتجه مؤسسة حكايا للإنتاج الفني بالبحرين، يشرح لي مواقف ومشاهد ويفسر معها السلوك الحسن الذي ينبغي اتخاذه، مختصرا علي الطريق في تمرير رسائل وعظية وتربوية قد تأخذه لعنوان التململ والنفور.. وحكايا حسن التي يؤدي بطولتها حسن محمد جواد ويخرجها السيد هاشم الحلاي حلقات ممتدة لأكثر من أربع سنوات، ومعها حكايا مجاورة تحت سلسلة أخرى، بمسمى حكايا سلمان وحكايا عمار، تهدف جميعا لتقديم محتوى تربوي للصغار ضمن قالب درامي، ووفق مزاج محافظ إلا أنه منفتح على كل معطيات التكنولوجيا.

المشاهدات لتلك المقاطع بالملايين، والمحتوى يتماوج من حيث النضج الفني على مستوى صياغة الفكرة، إلا أن الظاهر منها بساطتها التي مثلت جواز العبور لقلوب الصغار.. علينا أن نعترف بأن أقرب الأصدقاء لأطفالنا اليوم هي الأجهزة الالكترونية، الحقيقة التي لا نملك الهروب منها، وهذه الأجهزة هي بمثابةنوافذ واسعة تطل على فضاءات مكتظة بالأشياء الجيدة وغير الجيدة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه المربون في الدعوة إلى عدم الاستسلام أمام التقنية، وإعادة تفعيل الطرق التربوية في التنشئة، تتمدد الأجيال الجديد في اتجاه تعزيز الرابطة العاطفية مع تلك الوسائط الجاذبة.

لا نريد تكرار التخويفات والتهويلات التي يجري تداولها بين حين وآخر حول مخاطر الإدمان الالكتروني على الأطفال، فطبيعة حياتنا أخذتنا جميعا ناحية الترنح ما بين العيش في الواقع والعيش في الفضاءات الافتراضية، وداخل الشاشات الفضية، مايخسره الكبار من الوقت والتفاعل الاجتماعي الحقيقي والقيمة يخسره الأطفال أيضا وهم يستقبلون منتجات وأفكار وصور بلا فلترة، ولا توجيه، فمن منا يملك الوقت ليراقب طفله كل الوقت، في وقت صار منح الجوال وتشغيل مقاطع الفيديو على اليوتيوب وسيلة لإلهاء الأطفال والتخلص من إزعاجهم.

التخويف ليس هو الحل، وهو في أفضل الأحوال مجرد تذكير بضرورة إيجاد حل، لذلك أجد في الذهاب باتجاه مبادرات كمبادرات مؤسسة حكايا تثري المحتوى عبر هذه المنصات هو أجدى وأنفع لخلق بدائل أكثر مواءمة واحتياجات الطفل التربوية، أن تتعهد جهات ذات اعتبار لانتاج فيديوهات تناسب في لغتها وطريقتها مزاج الأطفال وزمانهم، لا على طريقة استعادة أفلامنا الكرتونية التي قد لا تجد لها قبولا عند هذا الجيل، بل بأسلوب يتناسب وتطور التكنولوجيا الرقمية ومخرجاتها، وبنحو يتناول سلم القيم والأخلاق التي يتسالم عليها الناس، بما يضمن استدماجا لموضوعات أكثر اتصالاً بعناوين التربية.

تأثير الصورة اليوم لا حد له، والاشتغال على صناعة الفيديو هو بمثابة التسلل إلى ملاعب التأثير الكبيرة، فمستخدمو المواقع والمنصات والأجهزة الالكترونية يجري برمجتهم وفرزهم بحسب ما يشاهدون، والخوارزميات المبطنة فيها تدفع ناحية هذا الفرز والتنميط السلوكي، حتى ليتخيل الواحد منا بأن هذا الذي يراه هو ما يراه كل الناس، وما يفضلونه ويرشحونه كأفضل الخيارات، بينما الأمر لا يتجاوز ألعاب البرمجة!.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عبدالباري الدخيل
[ تاروت ]: 18 / 3 / 2023م - 9:01 ص
كلام جميل ومفيد
اتذكر قبل مدة قليلة كنت اشاهد في احدى القنوات مسلسل كرتوني
وقلت لابنتي هذا من افضل الافلام عند جيلي
بعد ان شاهدت قليلا منه قالت: انه ممل ?