تصويب وتوجيه
إذا شئتَ...، لنفسك مذهبًا
...
هٰذا مطلع أبيات مشهورة يأنس بإنشادها علماء الشيعة الإمامية وخطباؤهم، وينقلها كتَّابهم، وهي لأحد أيمة الزيدية «علمائهم»، وقد وقفتُ على اسمه قبل أعوام، إلا أنني أنسيته اليوم، وما أكثر ما أنسىٰ!!
وهي أبيات فيها نوع من الاحتجاج العقلي علىٰ أن أولى المذاهب بالاتباع مذهب أهل البيت - صلوات الله عليهم! - ولٰكني لا أقحم نفسي بالمناظرات، ولا أتناول المسائل العقدية من قريب ولا بعيد، ولم أدعُ أحدًا قط إلى الإسلام والتشيع، وتركت ذٰلك للعلماء والمنظرين والمناظرين...
إذا لم تستطع شيئًا، فدعهُ
وجاوزه إلىٰ ما تستطيعُ
وما لنا والدخول بين العلماء والمناظرين؟! إن لنا عن الدخول بينهم لشغلًا!!
وقد روىٰ بعض العلماء مصراع البيت الأول هٰكذا:
إذا شئتَ أن ترضىٰ لنفسك مذهبًا
ورواه آخرون هٰكذا:
إذا شئتَ أن تبغي لنفسك مذهبًا
وهٰذا وذاك تصرف في قول الشاعر. كما كتبه بعضهم هٰكذا:
إذا شئتَ [أن] تخترْ لنفسك مذهبًا
ولم يدرِ لم جزم «تختر» بعد «أن» وحقه النصب؟!
ولو كان هٰذا البيت لمن يحتج بقوله عند النحاة لوجَّهته؛ ولٰكنه لشاعر متأخر لا يحتج بشعره، وإن كان عالمًا.
وتصرف بعض العلماء في البيت والإتيان ب «ترضىٰ» و«تبغي» مردود؛ فإن المروي الثابت «تختر»؛ ولٰكن لم يكن عندهم توجيه له، فصوَّبوه وصححوه - زعموا! - وما هو بالتصحيح والتصويب.
وصواب البيت:
إذا شئتَ؛ إن تخترْ لنفسك مذهبًا... البيت، بكسر همزة «إن» الجازمة الشرطية؛ إذ ليست هٰذه «أن» الناصبة المصدرية.
أما مفعول «شئتَ»، فمحذوف يفهم مما بعده، وتقدير الكلام وحل البيت ونثره هٰكذا: إذا شئت أن تختار لنفسك مذهبًا، فاختر مذهب أهل البيت. ثم يستأنف الكلام ويفصله، ويقول: إن تخترْ لنفسك مذهبًا... الأبيات. وهٰذا ما يفهم منه المفعول المحذوف ويقدر ب «أن تختار مذهبًا»، أو «اختيار مذهب»، صريحًا أو مؤولًا، كما مر.
ومما روي قوله:
وتعلم أن الناس في نقل «أخبارِ»
ولا أظن صوابه، إلا:
وتعلم أن الناس في نقل اؐلَاؐخبارِ
بوصل همزة «الأخبار»، ونقل فتحتها إلىٰ لام «أل»، وتنطق هٰكذا: في نقلِ لَخْبَارِ.
وقوله:
فدع عنك قولَ الشافعيِّ ومالكٍ
وأحمدَ، والمرويَّ عن كعبِ «أحبارِ»
أظن صوابه:
وأحمدَ، والمرويَّ عن كعبِ اؐلَاؐحبارِ
وهو كسابقه ينطق هٰكذا: عن كعبِ لَحْبارِ.