آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

الباحث التاريخي سلمان آل رامس: انتشار المعلومات المغلوطة دفعني للبحث في تاريخ المنطقة

جهات الإخبارية وفاء محمد آل رامس

”التاريخ هو العمق الاستراتيجي لِمَن يبتغي صناعة المجد في الحاضر والمُستقبل“.

حديثنا في هذه المقابلة عن الأستاذ سلمان آل رامس، كيف قرر الخوض في عالم التاريخ العريق وعن المحطات التي مرّ بها وماذا عن الصعوبات التي واجهته في رحلاته.

لنبدأ بالتعريف عن ضيفنا العزيز:

سلمان ال رامس• سلمان حسن عبدالعزيز آل رامس مواليد 1970م وسكان جزيرة تاروت.

• درس في تاروت جميع المراحل المدرسية، التحق بجامعة الملك سعود قسم الجغرافيا وتخرج منها بمتربة الشرف عام 1414 هـ.

• التحق بعد ذلك بمهنة التدريس كمدرس جغرافيا عام 1415 ه

• وهو الآن معلم في مدرسة سعد بن عبادة المتوسطة بالقطيف.

• طُبعت له مجموعة من الكتب منها: «القطيف دراسة في التاريخ القديم - جزيرة تاروت التاريخ والجغرافيا - القطيف في القرن الأول الهجري - خليج تاروت دراسة بيئية.»

• له عدّة تسجيلات وثائقية خاصة بتاريخ المنطقة.

المؤلف التاريخي سلمان آل رامس اخذ على عاتقه البحث والاستزادة في نبش الماضي التاريخي القديم في منطقة القطيف وجزيرة تاروت بسبب كثرة المعلومات المغلوطة الشائعة والمنتشرة لدى الكثير من أبناء المجتمع وتحديدًا فئة الشباب الذين لا يملكون أدنى خلفية عن تاريخ منطقتهم التي يعيشون فيها..

عن تاريخ المنطقة والجهود البحثية القائمة اليوم لتوثيق حضارتها، تحدّث الباحث سلمان آل رامس انطلاقًا من تجربته الخاصة في البحث والكتابة، فكانت هذه المقابلة:

كيف قررت الخوض في عالم التاريخ رغم أن دراستك الجامعية كانت جغرافيا فقط؟ وكيف تدرجت في الكتابة التاريخية؟

قراءاتي وكتاباتي بعد الجامعة كانت أغلبها تاريخية مع إني أعشق الجغرافيا كثيرًا إلا انني في الجامعة ومابعدها وجدت نفسي بشكل تلقائي «عفوي» أميل للتاريخ جدًا رغم كونه مادة صعبة وغلزة ولا يستطيع احد المواصلة فيها إلا إذا كان يهواها بالفعل، أحببت أن احقق فيما كتبه المؤرخون من احداث تاريخية فأصبح عندي شغف بأن اقرأ اكثر بعد ذلك وجدت نفسي أُحب أن أكتب ما أقرأه بهدف أن أوضح للناس بعض المفاهيم الخاطئة خصوصًا ما يتعلق بمنطقة القطيف وجزيرة تاروت وكان هذا همّي الكبير الذي سعيت لأجله لأنني اكتشفت من خلال مجالستي لأفراد المجتمع أن فئة الشباب على وجه التحديد ليس لديهم إحاطة ولو بسيطة عن تاريخ القطيف خصوصًا التاريخ القديم الموغل الذي يعود ل7000 سنة من الآن.

اصدارات سلمان ال رامسأما عن تدرجي في الكتابة التاريخية فشعرت من خلال قراءاتي أنه لا يوجد أحد من الكُتاب والمحققين أخذ على عاتقه الكتابة بشكلٍ متعمق في هذا المجال الذي تبنيته أنا، صحيح أن الكتاب قد كتبوا وألفوا ولكن كانت كتاباتهم سريعة وبصورة عامة فيما يتعلق بالتاريخ القديم

ولذلك هممت بكتابة كتابي (القطيف دراسة في التاريخ القديم) وضحت فيه الأهمية التاريخية لمدينة القطيف والساحل الشرقي للمملكة العربية وأهمية جزيرة تاروت وغيرها، أما عن كتابي "جزيرة تاروت" كان دراسة ميدانية وليس فقط تاريخية بل قمت بها أنا في الميدان وتتبعت كل محاور النمو العمراني لجزيرة تاروت وتاريخه وتتبعت مراحل تقلص المساحة المزروعة في جزيرة تاروت حتى أصبحت تاروت بلا بساتين حسبما نراه الآن، هذه المراحل تتبعتها من خلال عمل ميداني فكيف لي ان أتكلم عن مرحلة زراعية عام 1940 وانا لم اكن موجودًا آنذاك فاضطررت ان أذهب لكبار السن وأجلس معهم لطرح الأسئلة الدقيقة لكي أعرف تمامًا المساحة المزروعة وتفاصيل امتدادها والمساحة العمرانية وكيف تقلصت المساحة المزروعة وتمددت المساحة العمرانية، وكان أبي رحمه الله هو من أهم المصادر التي ساعدتني في كتابة هذا البحث وعلمني الكثير وبعد ذلك اعتمدت في إكمال دراستي على محركات البحث التي توفرت حديثًا في ذلك الوقت.

ما هي أبرز العقبات التي واجهتك خلال البحث؟ وما هو العمل الذي شعرت بالإنجاز أو «الفخر» حين نشرته؟

يواجه الباحث في كتابة التاريخ عقبات شتى، أهمها الوصول إلى المصادر والوثائق اللازمة، إن الكثير مما كُتب عن علماء المنطقة ذهب أدراج الرياح، فمن هنا برزت حركة بحثية حثيثة لاستعادة الكتب المفقودة وطباعتها وتحقيقها، كالكتب المتعلقة بعلماء المنطقة وشعرائها، من مثل الشاعر جعفر الخطي «980 /1029 هـ - 1572 /1621م»، ابن أبي جمهور «838 /909 هـ - 1433 /1504م»، ولكن ثمة وثائق متفرقة هنا وهناك، ومتضاربة أحياناً، ما يجعل الأمر معقداً.

على مستوى التصوير الفوتوغرافي، حاول الكثيرون أن يوثقوا المنطقة منذ حوالى 50 عاماً. ورغم ذلك، تتكبد الكثير من العناء لتقنع أحد المصورين بالإفراج عن صورة لإثبات بعض الحقائق. كما أن أبناء بعض العلماء الذين كتبوا بعض الكتب والرسائل ليسوا متعاونين، لا أتكلم عن تجربتي الشخصية فقط بل عن شكاوى الكثير من الباحثين.

أما عن الأعمال التي شعرت فيها بلذّة الإنجاز فبالطبع جميع أعمالي أشعرتني بهذا الشعور ولكن كتاب "جزيرة تاروت" كان مختلفًا فأنا فخور جدًا بعملي وتأليفي لهذا الكتاب لأنه يعتبر العمل الوحيد الذي تكلم عن جزيرة تاروت بهذه الطريقة الأكاديمية بشكل علمي وجغرافي بحت وكدراسة تتحدث عن استخدامات الأرض الحضرية سواء الجانب الزراعي أو العمراني وغيرها، فلا يوجد دراسة كهذه متكاملة من قبل كما أن هذا الكتاب قد طُبع 3 طبعات وآخر طبعة كانت قبل سنة.

ماذا عن الجهد التوثيقي بين الأمس واليوم؟ هل وصلنا إلى مرحلة بات فيها التوثيق ثقافة شعبية بين الناس؟

نحن نعاني مشكلة في الجانب التوثيقي، والجهود الحالية في معظمها، جهود فردية. ومن المهم، أن يجتمع الباحثون في لجان وجمعيات، ليتعاونوا على ّسد الفراغ في هذا المجال.

طبعاً، نحن نعذر جلّ الناس قبل عقود، فقد كانت شؤون معيشتهم تشغلهم عن التوثيق. من جهة ثانية، كان العلماء كثيري الترحال، ما يؤدي إلى ضياع بعض كتاباتهم، ولازال البعض اليوم غير مدرك لقيمة هذه الإنتاجات، إلى درجة أن أحد الأصدقاء أخبرني أنه وجد كتاباً للعلامة محمد بن عبد علي آل عبدالجبار القطيفي «غير مؤرخ» في سلة مهملات أحد الأسواق.

إن ثقافة التوثيق لا زالت في بدايتها، والحركة التوثيقية القائمة اليوم تحتاج إلى الكثير من الأموال، فضلاً عن التنظيم والدعم المعنوي، فمن المهم أن يم تلك المجتمع ثقافة احترام الباحثين ودعمهم لإنجاز عملهم.