مَن يحتاج مُربي لا يُربي
يتحسس منه الكثيرون لكنها الحقيقة وفيها الكثير من واقعنا ”وما أبرئ نفسي“ هي تربيتنا لأولادنا ”أعني الذكور منهم والإناث“.
يجب أن يكون المربي متربي يعرف القوانين الشرعية والأخلاقية والاجتماعية التربوية أو أغلبها ولا بأس بسؤاله عما يجهله منها. لا تقليدياً عشوائياً في أوامره وتوجيهاته أو جاهلاً بها أو يريد من أبنائه تقمص أطباع وسلوك وعادات قرون مضت عفى عليها الزمن وأنستها السنون. لا يكن متشدداً ولا متهاوناً فيما هو قائم من غير حاجة بل وسطياً في أسلوبه ”لا كل مستحدث يتركه وراء ظهره مُحرم عنده لا يجوز الأخذ به أو دون تمحيص يربي عليه“ يردد في كل حين وموقف ما كان آباؤنا وأمهاتنا يقولون ويفعلون كما أنتم. دون أن يفقه بأن أمسه ليس كيومه وزمانه مختلف عن سابقه هذا لن يربي ولو فرض ما يراه عنوة إن أُطيع أمامه خُولف من ورائه. ننقسم تربوياً إلى أربعة: -
أولا: - المهمل عن انشغال أو لا مبالاة ويريد من أولاده خيرة الأولاد ودوماً يقول ألا ترون أولاد فلان المهندس والطبيب. الناجح والمتفوق. الموظف والناشط الاجتماعي. وأنتم أموات لا تُقبرون وهو المقبور حقاً وربما من حيث لا يعلم. اتكالي على غيره في أكثر أشيائه لا يعمل لنفسه ولا لمجتمعه لا يهتدي لحياته أشبه بمن يطالب بتجهيز غذائه دون إحضار مكوناته.
ثانياً: - المتغطرس والمنحرف عقيدة وتربية آباء في قلب المجتمع وإن كانوا قلة إلا أنهم موجودون شريحة عجيبة غريبة ونوعية ”لا يصدق عنها إلا من قرب منها“ كل أفعاله منحرفة متقلب الطباع يميل مع الريح حيث مالت الحجاب عنده يعقد ابنته الصلاة كانت مفروضة ”فعل ماضي“ تخلقنا الطبيعة ودليله التفاحة إذا فسدت تخرج منها الديدان إن صلى يوماً لحاجة قاطعها دهراً يريد أن يربي أولاده على مثلها يكذب أمامهم ويأمرهم بالكذب على الغير ”يسمعهم كلمات يراها تشجيعية كقوله جيب الذيب من ذيله - خذ اللقمة من فم الأسد“ ولكن يجرم ويعاقب من يكذب عليه منهم أو من غيرهم والويل له والثبور ودوماً ينتقد تربية الغير فإذا كبروا منحرفين قال ”أمهم فاشلة لا تعرف التربية“ وهل يستطيع أحد إصلاح ما أفسدت من أفكارهم وقلع ما زرعتَ في عقولهم أو بقيت أعمار لتربيتهم؟ لو تركتَ التربية لمن نسبت لها الفشل كما زعمت لكانت هي الناجحة. حتى أصبحنا وأمسينا نرى مَن يأنس ملاطفة الكلاب والقطط ويستوحش من مجالسة أبيه وأمه.
ثالثاً: - المتجزئ:
«1» مَن يرى التربية في الجانب العبادي يحرص وبشدة أن يؤدي أبناؤه الصلاة في المسجد أو في البيت في أوقاتها هو عارف بدينة ملتزم وربما من خريجي الحوزات أو المنتسب إليها مؤمن وهذا شيء طيب ومندوب إليه ولكن المشكلة في إهمال بقية الجوانب وفي مقدمتها الأخلاقية كقبح الكذب ومعرفة الحلال والحرام ومعاملة الآخرين من أبناء مجتمعه خصوصاً الجيران والأرحام وما هو واجب عليه من غير العبادات. والذمم المالية
«2» مَن يراها في التعليم يعنيه تفوق ابنه ”هو مطلب“ ولكن لا يسأله عن دين وأخلاق. ولا عن صحبة وإن تعاطى محظوراً لا يهمه لا يسمع فيه شكوى دائماً مُعتدَى عليه في رأيه بريء من التهم الموجة إليه وان هو اعترف بفعلها أبوه يكذبها إلى أن نشأ جيل من هذه التربية فاشلاً ديناً وأخلاقا ومعاملةً وبعُد عن عقيدته وأكثر من يلجأ إلى هذه الطريقة باسم التحضر والتقدم حسب زعمه والبعد عن التخلف كما تراه بنات أفكاره.
«3» مَن يرى تربية أولاده في كثرة مكاسبهم المالية ونجاحهم في تداول التجارة وإن كان هذا حسناً إذا كانت مصادره مباحة ولكن هل تابعهم في أسباب نجاحهم وواجباتهم الدينية الأخرى وسلوكهم؟ البعض لا يعنيه شيء قرة عينه المال آتوني به وكفى.
رابعا: - التربية المتكاملة: بطلها المربي المثقف ديناً وأخلاقا وتعليماً وتعاملاً يربط بين الماضي والحاضر ويهيء للمستقبل يعلمها أولاده ويربى عليها أحفاده بسلوكه وأفعاله قبل أوامره وأقواله يوازي بينها لا هو المتشدد فيها ولا التارك دون الأخذ بصغارها ولا الضاري عليهم في تنفيذها ما يتخذه أمرا بين أمرين يربي في كل موقف ومجتمع ما يناسبه ما يصلح هنا قد لا ينفع هناك مع الحفاظ على الأصل والدين والأخلاق متخذاً العقيدة أساسا لكل ذلك. ونختم ونقول إن كنت تجهل كيف تربي لا تربي؟ فاقد الشيء لا يعطيه..