الفضيلة الأخلاقية والرفاه الاجتماعي
لو سألك ابنك هل يمكنه أن يغش في الامتحان، لأن أغلب زملائه يغشون فيحققون درجات أفضل؟
لو سألك أحد المدراء وأنت رئيس الشركة، هل يمكنه أن يدفع عمولة 5% لمندوب المشتريات في أحد الشركات ليتمكن من بيعه صفقة كبرى؟
لو أخبرك مديرك أنك لا يمكن أن تتطوّر إلى مواقع عليا في الشركة لأنك لا تجيد اللّف والدوران، فهل ستغير شخصيتك وتمتثل لرأيه؟
هل تجيب بالنفي أو الإيجاب على هذه الأسئلة؟ إنها رؤيتك وفهمك للفضيلة الأخلاقية.
ما هي الأخلاق وما هي النظريات الأخلاقية الغربية وما علاقة الفضيلة الأخلاقية بالرفاه الاجتماعي وما هي نظرتنا إلى الأخلاق؟
الأخلاق هي المعايير والمبادئ التي تحكم الأفعال الإرادية الاختيارية وتتعلق بالفضائل وكيف يكسبها الفرد، وبالرذائل وكيف يتخلص منها.
تاريخيا، تبنت الكنيسة نظرية أرسطو أن الأرض مركز الكون وحاربت علماء الطبيعة الذين استنتجوا علميا أن الأرض ليست مركز الكون، فرمتهم بالهرطقة وأحرقت بعضا منهم. لكن كوبرنيكس استطاع إثبات أن الشمس وليست الأرض هي المركز، فأوجد انقلابا في المفاهيم، تبعه بعد ذلك غاليليو وغيره، وهكذا فشلت الكنيسة في محاربة هذا التطور العلمي، مما أنتج ردة فعل عنيفة ضد الكنيسة. تبع ذلك التطور العلمي والتقني الذي أسّس الثورة الصناعية، وبهذا تم عزل الكنيسة عن الواقع الحياتي وأقتصر تأثيرها على شؤون الفرد العبادية.
إن نجاح المنهج التجريبي في العلوم الطبيعية أوجد زخما كبيرا وبريقا جذابا خاصة بعد أن وثّق إسحق نيوتن قوانين الفيزياء الكلاسيكية وقانون الجاذبية. حدث هذا في العلوم الطبيعية، فأنطلق بعض مفكري العلوم الإنسانية بهذا الزخم القوي رجاء تحقيق نفس التقدم والتطور في علوم النفس والاجتماع وغيرهما.
ما هو المنهج العلمي المناسب لدراسة العلوم الإنسانية: هل هو المنهج الموضوعي أو المنهج الذاتي؟
المنهج الموضوعي:
يعتمد على المنهج التجريبي في دراسة الظواهر الاجتماعية بغض النظر عن دوافعها الداخلية «تحديد عينات مجتمعية وإرسال استبيانات موثقة ودراسة النتائج إحصائيا في محاولة إثبات فرضيات معينة لتصل إلى مستوى النظريات ثم تطبيقها لتنتهي إلى قوانين اجتماعية ثابتة». هذا المنهج يفترض ما يلي:
- الظواهر الإنسانية مستقلة عن الإنسان وهي كميات يمكن قياسها موضوعيا ولا يحتاج فهمها إلى دراسة نفسية الفاعل أو دوافعه الذاتية، مما يجعل النتائج موضوعية لا تعتمد على شخصية الباحث أو رأيه الذاتي،
- عدم وجود التحيز في اختيار العينات المدروسة، بل إنّ العينة المدروسة تعكس كامل الواقع الاجتماعي،
- دقّة الاستبيان في التعبير عن رأي العينة المدروسة، من ناحية شمولية الأسئلة المطروحة وصدق الأفراد في العينة المستهدفة في الإجابة عليها.
هذا المنهج يغفل الدوافع النفسية الداخلية، ويفترض صدق العينات ودقة الأجوبة وكلها أمور لا يمكن الوثوق بها.
المنهج الذاتي:
الظواهر الإنسانية ليست خارجية مستقلة عن الإنسان، بل هي تعتمد على دوافعه النفسية الداخلية، فكل فعل إنساني لا يمكن قياسه كميا وإنما يمكن فهمه ووصفه في محاولة الوصول إلى نظرية دقيقة. هذا المنهج يفتقد الموضوعية، فكل باحث يحتاج إلى إعمال ذهنه للوصول إلى فهم ذاتي للظاهرة واستنتاج أسبابها.
مما سبق يتبين حجم التباين بين المدرستين الموضوعية والذاتية وسلبيات كلّ منهما مقارنة بالمنهج الدقيق المتبع في دراسة العلوم الطبيعية.
المذهب الحسي التجريبي «من رواده: ديفيد هيوم 1711-1776»:
- لا يرى حقيقة موضوعية للأمور الغير مادية، بل إن الحقيقة هي فقط ما يشعر به الفرد من ميول ورغبات مادية محسوسة يكون العقل أداة لتحقيقها. لذا فالأخلاق هي كل ما يؤدي إلى تحقيق ما يحبه الفرد وما ينفعه،
- الحقيقة ليست مطلقة، بل هي نسبية متغيرة وذاتية تعتمد على الشخص وميوله، أي أنه لا يوجد ميزان للعدالة ينطبق على الجميع عبر الزمان والمكان،
- العقل لا يقرر ما ذا يريد الفرد، بل كيف يحقق ما يريد، فالعقل أداة لتحقيق رغبات الفرد وميوله.
المدرسة النفعية «جيرمي بنثام 1748-1832، وجون ستيوارت ميل 1806 - 1873»:
الإنسان حرّ يختار عقلانيا ما يحقق له المنفعة ويبعد عنه الخسارة، لذا:
- الدافع المشترك للبشر هو تحصيل الراحة والسعادة والبعد عن الألم والشقاء، فالمعيار تعظيم المنفعة، وهي كل عمل يحقق أكبر قدر من المنفعة لأكثر عدد من الناس،
- كلّ عمل أو سلوك فردي أو اجتماعي أو قانون يحقق زيادة في الراحة والسعادة على الألم والشقاء للفرد والمجتمع يعتبر أخلاقيا،
- تقييم الأرباح والخسائر يشمل كل الأمور المادية والإنسانية ومنها مشاعر الألم والسعادة وحياة البشر وكل ما يتعلق بحياتهم.
تطبيقات صارخة على المدرسة النفعية:
- سائق سيارة في حلبة سباق رأى فجأة خمسة عمال أمامه يصلحون طريق السباق، هل يستمر في طريقه فيموت هؤلاء الخمسة أو ينتقل فجأة إلى طريق جانبي فيموت عامل واحد فقط يوجد هناك؟
- طبيب لديه خمسة مرضى يحتاجون إلى زراعة أعضاء لإنقاذ حياتهم، وفي الغرفة المجاورة جاء رجل صحي للكشف الطبي، فهل يستأصل الطبيب أعضاء هذا الرجل الصحي ويعرضه للموت لينقذ حياة الخمسة مرضى الآخرين؟
يتبين هنا أن المدرسة النفعية لا يمكن تطبيقها على حياة الناس ومشاعرهم فهذه لا يمكن قياسها أو اعتبارها سلعة مادية. هذه المدرسة النفعية يمكن تطبيقها لو أقتصر الأمر على الأرباح والخسائر المادية. كما أن المدرسة النفعية لا يمكنها تفسير أخلاق كالإيثار والتضحية بحسابات المنفعة المادية الدنيوية.
قد يقول معترض أن المنفعة دافع عقلاني فكيف نوجه هذا الدافع في الإطار الصحيح؟ والجواب على ذلك، أنّ المنفعة والخسارة لا يمكن اقتصارها على الأمور المادية، بل لا بدّ من حساب المنافع الأخرى الغير مادية والتي لا يمكن قياسها بأرقام كمية والتي لا يعترف بها المذهب الحسي التجريبي كما أقترحه ديفيد هيوم.
مدرسة الواجب الأخلاقي «رائدها ايمانويل كانت - 1724-1804»:
إيمانويل كانت أسّس مدرسة أخلاقية تعارض مدرسة هيوم النفعية التي ترى العقل أداة لتلبية الرغبات والميول الحسية، وتعتقد أنّ العدالة نسبية متغيرة لا يمكن تطبيقها على كلّ البشر بنفس المقاييس. فكان الهم الرئيسي لكانت هو دراسة العقل البشري وأدواته وأسلوب العقل في تحصيل المعرفة وحدوده المعرفية في محاولة جادّة لوضع قانون أخلاقي ثابت يحقق العدالة في كلّ زمان ومكان، تماما كما كان قانون الجاذبية الثابت في العلوم الطبيعية الذي أثبته نيوتن سابقا.
لقد أنطلق كانت ليدرس دور العقل في تأسيس المبدأ الأخلاقي وتحديد وسائل عقلية لتحديد الواجب الأخلاقي الذي تلتقي فيه كل العقول البشرية. فقسّم كانت العالم إلى:
- عالم مادي: وهو عالم الأجسام والظواهر الطبيعية مثل الزمان والمكان والأسباب المادية ونتائجها، حيث رأى أنه لا توجد حرية في العالم المادي، بل تحكمه قوانين طبيعية كما تحكم الجاذبية حركة الكواكب السماوية،
- عالم لا مادي: وهو عالم الروح والعقل والتفكير والأخلاق، وهو عالم يتسم بالحرية من نوازع المادة وأسبابها، حيث يمكن للعقل أن يمارس دوره في حرية كاملة من نوازع الشهوة والإحساس والأسباب المادية.
على العكس من المدرسة النفعية، يرى كانت أن نتيجة العمل لا تحدد قيمته الأخلاقية، بل إن ما يحدد قيمة العمل الأخلاقية هو نية الفاعل ودافعه لأداء العمل، أي أنّ:
- تقييم أي فعل إنساني يعتمد على إرادة الفاعل ودوافعه، فالمهم هو النية الحسنة،
- إذا كانت النية حسنة فنتيجة العمل لا تعني كثيرا، والعكس صحيح، إذا كانت النية خبيثة، فلن ينفع العمل حتى لو كانت نتائجه مفيدة.
يرى كانت أن أفعال الإنسان تنقسم إلى نوعين:
- أفعال شرطية طبيعية يقوم بها الإنسان لإشباع الميول والرغبات المادية، وهي أوامر شرطية «إذا.... ف.....، مثلا: إذا عطشت، فاشرب الماء»،
- أفعال إلزامية يفرضها العقل الحر من نوازع الشهوة والرغبات وسماها كانت أفعال الواجب الأخلاقي، فهي ليست شرطية بل هي واجبة دائما: «مثلا: كن صادقا، كن أمينا، لا تسرق، لا تقتل»
هل تصل جميع العقول البشرية إلى نفس الواجب الأخلاقي، فهو عالمي ينطبق على الجميع بغض النظر عن الزمان والمكان؟
يرى كانت أن عقل الإنسان بغض النظر عن الزمان والمكان إذا تحرّر من نوازع الشهوة والميول والرغبات المادية، فإنه يستنتج نفس الواجب الأخلاقي، لذا فإن جميع البشر يخضعون لنفس ميزان العدالة.
كيف نميز أنّ فعلا ما هو واجب أخلاقي أو ليس كذلك؟
يجب أن يفكر الإنسان قبل أن يفعل أمرا ما كما يلي: لو أن فعله هذا أصبح نظاما وقانونا يعمل به كل البشر، فهل تستقيم الحياة الإنسانية؟ إن كان الجواب نعم، فهو واجب أخلاقي وإلّا فإنه ميل ورغبة شخصية «أي أنّ الواجب الأخلاقي ينطبق على الفرد كما ينطبق على الآخرين، فلا استثناء أبدا من هذه القاعدة». مثلا:
- المجرم القاتل يعرف أن القتل جريمة، فهو لا يريد الآخرين أن يكونوا قاتلين وإلا سيتعرض للقتل ويخسر حياته، لكنه يعتبر نفسه استثناء فيقتل،
- السارق لا يريد الآخرين أن يسرقونه وإلا سيخسر ماله، لكنه يعتبر نفسه استثناء فيسرق.
باختصار:
- حين يتصرف الفرد بعقلانية فهو يتصرف بثقة لأنه حرّ من الأهواء والرغبات، «وهذا هو فعل الواجب الأخلاقي»،
- أراد كانت أن يكون الإنسان عقلانيا حرا من أهوائه يتصرف طبقا للواجب الإلزامي الذي يحقق معنى الخير والإنسانية،
- في العالم اللامادي يرتفع الإنسان عن عالم الطبيعة الجبري حيث الميول والشهوات ويصبح عقله حرا من الشهوات، فيملي عليه أن يتصرف طبقا للواجب الأخلاقي.
هذه مدرسة كانت الأخلاقية وهي مدرسة الواجب الأخلاقي، هذه المدرسة التي يمكن تطبيقها بين المجتمعات والأمم ليعم العدل بين أبناء البشرية. فالواجب الأخلاقي ينطبق على الأفراد والمجتمعات والأمم دون استثناء للون أو جنس أو دين، فالإنسان أخ الإنسان.
- تفتقد هذه المدرسة الزخم النفعي الذي يدفع البشر لتطبيقها، فبينما أستنتج كانت أن الواجب الأخلاقي قد يؤدي إلى خسائر دنيوية للبعض وأنّ الحياة لا تستقيم إلا إذا كان هناك بعث وحساب أخروي يعوض لهم هذه الخسارة الدنيوية «هذا هو دليل كانت على وجود الخالق»، غير أنّ هذا لا يعطي التفصيل المطلوب والدافع الحثيث،
- يبدو من هذه المدرسة أنّ الواجب الأخلاقي في درجة واحدة، بينما نعلم يقينا أن الواجب يختلف حسب أهميته فإنقاذ حياة الإنسان أهم وأوجب من الصدق، لذا لم يتطرّق كانت لوضع حلول للتزاحم بين الأهم والمهم ولم يتطرق للفرق بين الواجب الفردي والواجب الكفائي،
- لم يبين في هذه المدرسة أثر الأخلاق في تكامل الإنسان وبنائه الذاتي،
- لقد أهتم كانت بنية الفاعل ودافعه بغض النظر عن نتائج الفعل، لكن نظرته إلى الواجب الأخلاقي قد تبين أهمية الفعل ونتائجه. ربما كان من الأفضل أن لا يقتصر كانت على النية الحسنة فقط بل يضيف لها نتائج الفعل أيضا.
أطلق جون لوك فلسفته عن حقوق الإنسان الطبيعية التي وهبها الله إياها، وتشمل ما يلي:
- خلق الله البشر سواسية في حقوق الحياة والحرية والملكية بغض النظر عن اللون والجنس والدين،
- هذه الحقوق هي لله وقد وهبها البشر فلهم الحق في الاستفادة منها ولكن لا يحق لهم مطلقا التنازل عنها، كما أن الحرية لا تعني أن نفعل ما نريد، بل هي هبة الخالق فلا يجوز الإضرار بحقوق الآخرين الطبيعية.
تبنّى روبرت نوزيك رأي لوك في حقوق الإنسان الطبيعية، لكنّه أنطلق بعيدا في مفهومه عن الحرية، فهو يرى أن الإنسان يملك نفسه، فله مطلق التصرف في نفسه وليس للآخرين حق فيها. لذا لا يحق للآخرين سن قوانين تسلب الفرد حريته، مثل:
- القوانين الأبوية كقانون ربط حزام السلامة أو فرض التأمين الصحي،
- القوانين الأخلاقية لدعم القيم، حيث أن هذه المدرسة تزعم أن للفرد مطلق الحرية ما لم يعتدي على حقوق الآخرين.
لقد بدأت الحرية كهدف سامي يرفع القيود عن تفكير الانسان وعقله وشغفه ويطلق حريته في التعبير عن رأيه، لكنها تحولّت في هذه المدرسة إلى تحرّرية مطلقة يحقّ للفرد فيها أن يكسر كل القيم الاجتماعية والأخلاق الفردية بحجة أنه يملك نفسه وأنه لا يعتدي على حرية الآخرين، فأصبحت المثلية والإجهاض والانتحار حقوق فردية تنادي بها التحررية!!
يمكن ملاحظة ما يلي على منظومة الأخلاق الغربية:
- نجح الغرب في ثورة العلوم الطبيعية ثم حاول تحقيق نفس النجاح في العلوم الإنسانية، فأبعد الدين عن الحياة العملية وبرزت الكثير من المدارس، مثل: مدارس النفعية، الواجب الأخلاقي، والتحررية.
- في البداية، وفّرت دعوات الحرية والعقلانية مساحة واسعة من الحركة والحيوية للفرد في حياته العامة، لكنها تحولت تدريجيا، فغاب منطق الواجب الأخلاقي، وغلبت النفعية والتحررية، حيث توسّع الاستهلاك والدعاية واستخدمت كل الوسائل المتاحة تحت عنوان التحررية،
- أصبح العقل أداة تستخدمها النفعية والتحررية لبسط نفوذها عالميا عبر الانفوميديا والتقنية المعلوماتية في مسعى واضح يستخدمه الغرب لتوظيف نظامه الأخلاقي عالميا،
- سيشهد المستقبل الذكاء المعلوماتي والهندسة الجينية، مما سيمكن التقنية من التحكم أكثر في حياة وحرية الآخرين،
- برزت الكثير من الأصوات المعارضة في الغرب للتحررية ولتحويل العقل إلى أداة توظيفية، لكن الهيمنة تبقى للمال والتقنية والإعلام.
الأخلاق هي سعي الفرد الحثيث ليتحلى بصفات الجمال والكمال وهي أسماء الله الحسنى «الكرم، الرحمة، العلم، النور وغيرها»، حيث ترسم له طبيعة العلاقات التي تربطه بخالقه وبيئته ومجتمعه.
الدافع نحو الأخلاق على مستوى الفرد:
تحقيق السعادة الدنيوية والأخروية، ففيها:
- لذة مادية حين يلبي غرائزه وميوله ضمن الأطر المشروعة،
- لذة فكرية حين يتحرر من قيود الجمود والعادة والتقليد،
- لذة روحية حين يقترب من مثله الأعلى وهو الله سبحانه وتعالى،
- لذة عاطفية حين يخدم البشر عامة، «إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»،
- تضمن الكرامة والطمأنينة والرضا وعدم الخوف والقلق من المستقبل،
- تدفع بحرارة نحو التكامل أثناء الحياة في جذبة قوية نحو المثل الأعلى،
- تزوّد الإنسان بعمل صالح يحتاجه في رحلته بعد الموت إلى عالم الآخرة،
الدافع نحو الأخلاق على مستوى البيئة والمجتمع:
- تضمن الإنجاز فالأخلاق هي طلب العلم والعمل الجّاد والتعاون مع الآخرين.
- تضمن تحقيق الأمن وتكامل المجتمع في ظل العدالة والكفاءة والمصداقية،
- تحقق حماية البيئة واستدامة التنمية عبر تطبيق مباديء الأمانة والنزاهة.
ماذا عن العقل والحرية والنفعية:
الأخلاق من صلب الهوية الثقافية والدينية، لذا يجب النظر بعناية للاستفادة من المدارس الغربية في الأخلاق دون الإخلال بهويتنا الثقافية والدينية، فمثلا، نرى أنّ:
- العقل الخالص من الميول والرغبات: طاقة جبارة وهو حجة يتكامل مع الدين لتسديد المسيرة الإنسانية،
- الحرية: وهبها الله للإنسان فلا يمكن التنازل عنها، ومنها الحرية من الميول والشهوات والمصالح الضيقة، وهي ليست التحررية التي تم شرحها آنفا والتي انحدرت إلى مستوى البهيمية فشرّعت المثلية والرذيلة،
- غايتنا من الأخلاق ليس فقط أداء الواجب الأخلاقي بل تحقيق السعادة الدنيوية والأخروية «النفعية بصورة متكاملة ومتوازنة وليس بصورتها المادية البحتة»،
- المبدأ الأخلاقي ميزانه ليس فقط الإرادة الحسنة «النية الصادقة» بل يضاف لها جمال الفعل نفسه، فلا تنفع النية فقط مع سوء العمل.
إنّ تراثنا غني بالنصوص والمواقف وهناك الكثير من الكتب الأخلاقية المفيدة جدا، لكن يتوجب علينا نفض الغبار عنها وابرازها بلغة عالمية تكون حلا للمعضلة الأخلاقية خاصة في ضوء العولمة الثقافية وتقنية الانفوميديا، التي تدفع بقوة نحو تبني النظام الأخلاقي الغربي.
في الختام، الأخلاق طائر جميل جناحاه العلم والعمل وهي اللغة البشرية المشتركة التي تجمع قلوب البشر. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّق الجميع لما فيه سعادة الدنيا والآخرة، وصدق الله العظيم حيث يمدح خاتم الأنبياء والمرسلين في الكتاب الكريم: «وإنك لعلى خلق عظيم»، والحمد لله ربّ العالمين.