هو أحد أدباء الجزيرة العربية البارزين، نظم الشعر صغيرًا، وسلك دروب الأدب فكان باحثًا معنيًا بالآداب ودرس أمهات الكتب، كما أثرى المكتبة العربية بمؤلفاته القيّمة، وكانت تجربته الشعرية خصبة، شكلتها مصادر إبداعه الشعري منذ طفولته، وعاصرت تجاربه الشعرية مواقف الأمة العربية والإسلامية على الدوام، هو «فتى اليمامة»، حيث كان يوقع كتاباته وأبحاثه في عدد كبير من المجلات المحلية والعربية بها اللقب عندما كان لا يزال طالبًا في «دار التوحيد»، إنه الكاتب والشاعر الراحل، الشيخ عبدالله بن خميس، أحد أبرز رواد الأدب والصحافة في المملكة.
في هذه الحلقة من برنامج «ما بين أيديهم» مع الزميل، الكاتب والإعلامي الكبير محمد رضا نصرالله، قدّم الشيخ عبدالله بن خميس بعضًا من سيرته ومسيرته، محاولًا في ثنايا حديثه أن يكشف لنا عن عصاميته في رحلة العلم، وتجربته في نظم الشعر، وإخلاصه لقضايا بلاده وأمته عبر الكلمة؛ صحفيًا وأديبًا.
بداية الرحلة
بعينيك ما أعيا الصحافة معناه
نظائر في دنيا الوجود وأشباه
بيان ولكن لا ينهنه سحره
وفكر ولكن عز ما أبدع الله
وفن وما كل الفنون بمبدع
وشعر ولكن أين للشعر علياه
وما نظرات منك إلا صحيفة
وماهن أقلام وماهن أفواه
فإن شئت ميدان الصحافة منبرا
وإن عز في دنيا الثقافة مرقاه
فصولي ب هاروت وماروت واكتبي
صحائف ما أحيا الاله وافناه
فكم خبر في سير عينيك كامن
يغنيه عزاف ويتلوه أواه
وصوغي من الثغر المنور طرة
تعز على فن الحسين وطغراه
فما هو إلا وردة قد تجمعت
لترشف من ذوب السحائب احلاه
وما هو الاطاقة من شقائق
هو الورد أغلي ما يكون وانداه
فأواه ما أحلى وأبدع ما به
من الحسن في سر الملاحة أواه
فهيت لمن يبغي الصحافة حرةً
يفتش عنها حرة في محياه
«يفتش عنها حرة في محياه»، شيخ عبدالله اخترت هذه القصيدة لتكون مقدمة لحديثنا هذا، وذلك في ظني أن هذه القصيدة تقدم خلاصة مكثفة لشخصية الشيخ عبدالله بن خميس، التي تعددت مناحيها، بين البحث الأدبي والبحث الجغرافي والتاريخي والعشق للصحافة، أريد من خلال هذه القصيدة أن تكون مبتدئًا لنا في هذا الحديث الطيب معك، منذ أن تخرجت في كلية الشريعة بمكة المكرمة، والصحافة تشغلك، ذهبت إلى الأحساء فاستقطبت من حولك جيلًا من التلامذة والرادة الذين ارتادوا أدبك، فأصدرت لهم مجلة بعنوان «هجر»، نريد من هنا أن نبدأ.
كيف نبدأ ومن أين نبدأ؛ على أي وجه وعلى أي صفة وعلى أي منهل، وبأي شيء نبدأ؟
نبدأ بذهابك إلى الأحساء، وقيامك بالتدريس في معهدها العلمي، وإصدارك تلك المجلة التي صدر منها عدد واحد.
لا شك أن ذهابي إلى الأحساء هو يعتبر بدءًا لانتظامي في سلك الوظيفة وسلك العمل، واتجاهي لما اتجهت إليه في المجالات التي اتجهت إليها؛ في الادب وفي الشعر وفي المثالية وفي كل شيء من الأشياء اتجهت إليه، فربما أنت تقصد من سؤالك هذا أنني ربما بدأت بعمل من الأعمال، فأي شيء تقصده من الأشياء التي ترمز إليها.
هذه إجابة ذكية ولافتة، أنا قصدت أن الشيخ عبدالله بن خميس قد جمع ما بين الشعر والصحافة والبحث التاريخي والجغرافي، فلنبدأ بالصحافة التي هي عشقك، لقد قلت فيها ما قلت، وهذه القصيدة بمثابة غزل بالصحافة، لماذا أصدرت مجلة «هجر» في الاحساء سنة 1376 ه؟، هل لأن المنطقة الشرقية وقتذاك كانت تفتقر إلى عنوان صحفي ما، ليكون حالها كحال من أتيت حيث كنت في المنطقة الغربية في الحجاز، وقد احتككت بجيل من الادباء والكتّاب ونشرت بعض قصائدك في صحفها ومجلاتها؟
لا شك أن أيامي في الحجاز كانت بداءًة لأعمال تطورت وتنورت فيما بعد ووصلت إلى ما وصلت إليه، فالذي قلته في «هجر» كان بداءة ربما تكون امتدادًا للعمل الذي قمت به في الحجاز، سواء بسواء، فلا شك أنها من الأشياء التي فزت بها وحصلت عليها واهتديت لما اهتديت له فيها، فأنا على كل حال مسرور بما قدمته في الحجاز، ومسرور لما قدمته في «هجر»، ومسرور بكل ما قدمته من الأشياء والآراء ومن الأحاديث ومن الاشعار التي قدمتها في ذلك الوقت.
في الحجاز
أستاذ عبدالله؛ ذهابك إلى الحجاز عبر الطائف، حيث تتلمذت على يد الشيخ بهجت البيطار في عهد الملك عبدالعزيز، هل كان بمثابة انفتاح لوعي ذلك الفتي النجدي الآتي من وسط نجد، من الدرعية، من تلك القرية «الملقا»؟
لا شك أن الامتدادات التي تمت معي في البدء، في منطقة الملقا ثم في منطقة الدرعية، ثم في الأشياء التي مررت بها في ذلك الوقت تعتبر إرهاصًا وتعتبر مقدمة لما وصلت إليه فيما بعد، لما وصلت إليه في دار التوحيد، وما وصلت إليه في كلية الشريعة واللغة العربية في مكة المكرمة، هذه تعتبر إرهاصات ومقدمات لما وصلت إليه في ذلك الزمان.
وماذا عن البيئة الثقافية والتعليمية وقتذاك في نجد، قبل ذهابك إلى الطائف؟، على من تتلمذت؟
تتلمذت على عدة أشخاص، منهم والدي «رحمها الله»، وبعض من وصل إلى الدرعية قاضيًا أو معلمًا، تتلمذت عليه، ولما امتد بي الزمن ذهبت إلى دار التوحيد في الطائف ومكثت فيها إلى أن تخرجت فيها وحصلت على شهادتها، ثم لما تخرجت من دار التوحيد التحقت بكلية الشريعة واللغة في مكة المكرمة، ونجحت منها ثم عيّنت بعد نجاحي مديرًا لمعهد الأحساء العلمي، وقد مكثت في الأحساء سنتين، ثم تعيّنت فيما بعد مديرًا لكليتي الشريعة واللغة في الرياض، ثم تكلّفت في عدة أعمال ووظائف، حتى أنني انتهيت إلى ما انتهيت إليه فيما بعد.
أمام الملك عبدالعزيز
في الطائف؛ كأن أستاذك الشيخ البيطار قد أخذك إلى مقابلة الملك عبدالعزيز، فألقيت أمامه قصيدة، هل من وقفة هنا؟
لا شك أن موضوع الشيخ بهجت البيطار وترشيحه لي لأن أقول قصيدة أمام جلالة الملك عبدالعزيز «رحمه الله»، لا شك أن هذه الأحوال والأمور منها ما أتذكره الآن ومنها ما لم أعد أتذكره، ولكنها أشياء أعتز بها وأرى أنها من خيرة الأيام التي مرت بي، وأنا إذا تذكرت فقد أتذكر ما قلته أمام جلالة الملك عبدالعزيز «رحمه الله» وأمام الحشد الكبير في مجلسه، وهكذا كنت في بدء أحوالي وشعري وما كنت أقوم به في ذلك الوقت.
ماذا قال لك الملك عبدالعزيز، وهو المتحمس لتعليم أبناء المملكة عموما، وأبناء نجد الذين استقطب عددًا منهم للدراسة في مدارس الحجاز ومعاهدها؟
لا شك أن الأقوال التي قالها الملك عبدالعزيز لي مما يشجعني ويطمئنني على أنني والحمدلله فزت بما فزت به من التقديم أمام جلالة الملك ومن قول هذه القصيدة التي قلتها في ذلك الوقت، فهذه من الأشياء التي أعتز بها وأعتد وأرفع رأسي بها طيلة هذه الأيام وطيلة هذه السنون التي مرت بي.
سبقك إلى الحجاز، الشيخ حمد الجاسر، للدراسة أيضا في المعهد العلمي، هنالك احتككتما بأدباء الحجاز ومثقفيه، كانت هنالك صحافة وكان هناك أدب، أسماء بارزة كعبدالوهاب آشي ومحمد حسن عواد وأحمد السباعي ومحمد حسن فقي، نريد وقفة هنا، كيف تفاعل هذا الشاب النجدي الذي وفد على البيئة الحجازية؟، لمن قرا وقتذاك من هؤلاء؟، وعلى من تعرف؟
لا شك أن بقائي في الحجاز والتقائي بهذه الشخصيات التي عددتها، وربما بشخصيات أخرى مما أكسبني قوة وأكسبني متاعة وانطباعًا جيدًا عن الحجاز، وعن أدباء الحجاز وعن أهل الحجاز، وعن الشخصية التي يقوم بها الحجازيون وهم من يعتبرون قدوة لي في هذا الزمن، فأنا على كل حال مدين لهؤلاء الذين ذكرتهم وغيرهم من الإخوة الحجازيين الذين عددتهم وغيرهم، فهم في الحقيقة يعتبرون أساتذتي ومن الناس الذين أعول عليهم وعلى مجتمعهم وحياتهم الأدبية النفيسة التي عشتها، ومن ثمَّ بدأت حياتي الأدبية بعد الحجاز في نجد أو في الاحساء حينذاك.
في الأحساء
في الأحساء؛ كيف وجدت ذلك المجتمع؟
وجدته مجتمعًا طيبًا وسمحًا وجميلًا، وأنا أعتز به في الحقيقة وأفخر، وأهل الاحساء هم الطراز المثالي الأول الذين يعتز بهم ويعتد بهم ويُنظر إليهم على أنهم أدباء نابهون وعلماء، وأعتز أنني أخذت عن هؤلاء ما أخذت وتعلمت منهم ما تعلمت.
مع عمالقة الأمة
عاش الشيخ عبدالله بن خميس في عصر عمالقة الأدب والفكر والشعر العرب، كان من بين هؤلاء منشؤون كمصطفى صادق الرافعي وزكي مبارك وأحمد حسن الزيات، الباحث لأدبك كأنه يخرج بنتيجة أنك قد تأثرت بهم أسلوبًا ومنهجًا، أسلوبك المليء بالمحسنات البديعية، الجزل بالمترادفات العربية القحة، هل استوى ذلك بسبب تأثرك بهذا الأديب المصري البليغ؟
نعم، لا شك أن كل من درس والتقى بهذه المجموعة الطيبة يتأثر بهم، ويعمل على أساس ما عملوه وينهج على النهج الذي نهجوه، وهو في الحقيقة مبدأ أعتز به وأعتد، خصوصًا ما أخذته عن الأستاذ أحمد حسن الزيات، فأنا أخذت انطباعًا عنه جيدًا، وقرأت مجلته «الرسالة» الطيبة الجميلة، وقرأت عليه الكثير والكثير، وأخذت عنه ما أخذت، فإذا كنت مدينًا لأحد، فأنا مدينٌ لأحمد حسن الزيات في كتبه وانطباعاته وفي كل ما قدمه لهذه الأمة طيلة حياته، فأنا أدين له بالتوفيق، وأشكره وأذكره وأتمنى أن يرحمه الله ويغفر له ويجعله في عباده الصالحين المؤمنين الذين هم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
لذلك رثيته قبل موته؟، وما قصة ذلك الرثاء؟
في الحقيقة لقد رثيته وأنا معتقد أنه قد مات، ولكن في الحقيقة تبين لي فيما بعد غير ذلك، وبعد أن كتب ما كُتب على أساس أنه مات وجدت أنه لا يزال على قيد الحياة.
بسبب تأثرك بالزيات، أصدرت مجلة «الجزيرة» التي كانت امتدادًا لمجلة «الرسالة».
لا شك أن تأثري بالزيات وتأثري بأسلوبه وبما قدمه، من الأشياء التي أعتز بها وأراها من خيرة الأشياء التي اقتنيتها عن العلماء الذين أخذت عنهم، ومن أفضلهم وأحسنهم أستاذي الزيات «رحمه الله».
مجلة الجزيرة
احكْ لنا قصة إنشاء مجلة «الجزيرة» سنة 1379 هـ.
مجلة «الجزيرة» حينما أصدرتها كنت ممتنًا لإصداري لها وكنت مقدمًا على أشياء أحببتها وأردت في الحقيقة أن أنفذها على ما كنت أتمناها وأطلبه في ذلك الوقت لبلادي ولأمتي من التقدم والرقي ومن الابتهاج بالعلم والعلماء والفخر الكبير بما قدموه لشعبهم وبلادهم.
يُلاحظ في المجلة وبعد ذلك حينما تطورت، بانك كنت تثير بعض الموضوعات ذات الطابع الاجتماعي، ولك موقف طريف مع وزير الإعلام الأسبق، الشيخ جميل الحجيلان، عندما كنتما على الطائرة وقد كنت كتبت افتتاحية من فواتح الجزيرة، وعرضتها عليه.
فآمن بها، ووافق عليها، وشكرني عليها في ذلك الوقت، وما علمت أن الوضع سوف ينقلب، وأن الموضوع سوف يكون سببًا في إيقاف هذه المجلة.
بين الأدب والاقتصاد
وجدنا لك أيضا كتابًا أو قل اهتمامًا ببلادنا والزيت، جمعت المقالات التي نُشِرَت فوق صفحات مجلة الجزيرة، وكانت لشباب وكتّاب مثقفين سعوديين، ما سبب هذا الاهتمام بالزيت وقتذاك وأنت الأديب البعيد عن الاقتصاد والسياسة؟
صحيح أنني بعيد عن الاقتصاد والسياسة ولكنني أؤمن بما أقدمه بأن بلادي تمر بموضوع هو في الحقيقة من أنبه وأروع الأمثلة التي تمر بها، فأنا تطرقت إلى هذا الشيء الذي تؤمن به البلاد، ويعتبر مستقبلًا لها وسببًا لازدهارها، لهذا تقدمت إلى هذا الموضوع وكتبت عنه ما كتبت.
من هم المؤثرون في شاعريتك؟، هل نقول مثلًا المتنبي أو البحتري؟
المتنبي والبحتري والفرزدق وغيرهم.
ولكن من هو الشاعر الذي يعتبر نجيّ روحك يا شيخ؟، من هو النموذج أو المنوال الذي نسج عليه الشيخ عبدالله بن خميس شعره؟
هناك شعراء كثر لديهم أسلوب قوي ومتميز تأثرت بهم، وفي مقدمتهم المتنبي والفرزدق وأبو تمام والبحتري، وهؤلاء الأعلام قد أصبحوا مجال تجربتي من خلال شعرهم وما يقولونه من شعر رصين ومتين.
لماذا اخترت الفرزدق عنوانًا لمطابعك؟
هذه لا يُبنى عليها شيء من الأشياء، وإنما جاءت كهاجس انطبع عندي وآمنت به، فاخترت هذا الرجل كقدوة لي في هذا الشيء، ليس إلا.
بلاد الرافدين
مثلّت المملكة في العديد من المهرجانات والملتقيات الأدبية العربية، أول مهرجان شعري أو أدبي ذهب إليه الشيخ عبدالله بن خميس، كان أين؟
في العراق.
ومتى كان ذلك؟
في سنة لا أتذكرها الآن، ولكن على كل حال فقد كان العراق هو أول بلد ذهبت إليه، وأعجبت بما قدمه شعراؤه وقرأت لهم كلهم، وتعرفت على كثيرٍ منهم والتقيت بهم.
هل كنت معجبًا بشعر الرصافي؟
نعم، وهو ممن يستحقون الإعجاب والتقدير لما يقدمه من شعر رصين.
يقول الدكتور علي جواد الطاهر في كتابه «معجم المطبوعات السعودية»، أنه دخل عليك في منتصف الثمانينات الهجرية، وكان يحضر لكتابه، فإذا به يجدك وأنت تستمع إلى شريط مسجل فيه قصائد للرصافي، متلوة بطريقة عراقية.
قد لا أتذكر الآن هذه الأشياء التي أوردتها، ولكن لا شك أن الإنسان ابن تجربته وما يمر به وما يأخذه عن هؤلاء المثقفين الشعراء، من أصحاب الشعر الرصين.
هل لذلك أحببت بغداد، عاصمة الثقافة العربية وحاضرة دولة الخلافة في العصر العباسي؟
بلا شك، فإنها محل للتقدير والاحترام، لأنها من خيرة البلدان التي وُجِدَت في الأمة العربية والإسلامية.
ولقد ذكرت ذلك في قصيدٍ لك عن بغداد، كأنك قد ألقيت هذه القصيدة في واحدة من تلك المهرجانات، في الستينات الميلادية تقريبا. هل تتذكر شيئاً منها؟
- أتذكر بعض الأبيات منها:
بغداد يا معقل الفصحى أحييك
طبت وطابت مدى الدنيا مغانيك
تحية لك من أم القرى خطرت
من طَيبة من ربى نجد تناجيك
من رامة من زرود من ربى حضن
من اليمامة من حزوى من الشوك
من الجزيرة أفوافًا معطرة
بعابق من شميم الشيح مألوك
شوق سما لك فانثالت خواطره
عن مربد البصرة الفيحا بواديك
عن الرشيد وعن أيام دولته
في مطرف من جلال المجد محبوك
أيام كنت ولا علم ولا أدب
إلا وتطلبه الدنيا بناديك
واستأثرت بك احداث مروعة
لولا الأصالة كاد الدهر يرديك
فإن نزعت إلى مجد فلا عجب
المجد مجدك والماضون أهلوك
وإن أتتك وفود الضاد مُجلِبة
فإنما لِمعان ٍ فيك جاؤوك
فمرحبا بك يا بغداد منطلقا
لأمة لم تزل دهرا ترجّيك
ومرحبا بحماة الضاد قد هرعت
من كل قطر زُرافات تلبيك
يا دولة الشعر هل أجدبت في زمن
أمست حرائره الثكلى تناديك
وهل عقمت فلا عصماء شاردة
تزلزل الراسيات الشم من فيك
قضايا الأمة العربية
يُلاحظ يا شيخ عبدالله أنك من بين الشعراء السعوديين الذي أفسحوا مجالًا واسعًا للقضايا العربية في شعرهم، منذ ذلك الوقت، إبان حركات التحرر الوطنية في الجزائر وفي تونس والعراق ومصر، وتوجت ذلك بالغناء لفلسطين.
لا شك أن لفلسطين نصيب أوفي من شعري، إن لم يكن ثلث شعري أو ربعه، ففلسطين في الحقيقة هي دولتنا التي آمنا بقضيتها وبأنها يجب أن تأخذ منا ما تأخذه في كل المجالات.
ولكن من كان يفهم هذا القصيد يا شيخ عبدالله؟، أنت تكتبه لشبيبة من المتذوقين الذين تركوا هذا النمط وهذا الطراز من التعبير.
أكتبه لمن يفهم الشعر ويقرأه على حقيقته، ولمن إذا قلته آمنوا به، واستعدوا لسماعه.
تغولت في حمانا كل واغلة
بكل معنى دعِيّ او بتشكيك
وأمعن الجور في تمكين دولته
في غفلة النافخ الموهوب والموكي
وهوّمت بالقوافي كل خاطرة
ظلت بها بين إسكان وتحريك
وبين فرنسة لاثت قوافيها
وبين سكسنة فيها وتتريك
هل كنت تقصد بهذا يا شيخ عبدالله، محاربة الثقافة الوافدة من الدول الغربية إلى الثقافة العربية؟
نعم، بلا شك كنت أقصد هذا.
وبين خد وقد والتهاب جوى
ورائق من دم الصهباء مسفوك
فليحرم الشعر من وجد ومن غزل
وفي فلسطين شذاذ الصعاليك
سلي القوافي بنت القدس في حرد
لا تسألي غيرها عمن أضاعوك
واستصرخي مهرجان الشعر يبعثها
شعواء من طغمة الأوباش تعديك
بهذا القصيد نختم هذه الحلقة، التي بيّنت جزءًا من تجربتك وسيرتك في عالم الصحافة والأدب، وسوف نستكمل هذا في الحلقة القادمة.
عنوان الحلقة على يوتيوب: مقابلة عبدالله بن خميس مع محمد رضا نصرالله في برنامج «ما بين أيديهم» - جزأين - مدة الحلقة: 1:29:57