آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

”جزاء الحجاب“: رد فعل أنصار الحركة النسوية على المهاجرين المسلمين في ألمانيا

عدنان أحمد الحاجي *

5 مايو 2021

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 191 لسنة 2021

The ”hijab penalty“: Feminist backlash to Muslim immigrants in Germany
May 5,2021


 

توصلت الأبحاث التي أجراها الباحث في السياسة نيكولاس سامبانيس وداني تشوي وماتياس بويرتنر إلى أن ممارسة التمييز ضد النساء المسلمات يمكن استبعاده لو أظهرن مواقف جندرية تقدمية

لماذا يمارس بعض الأوروبيين التمييز ضد المهاجرين المسلمين، وكيف يمكن الحد من حالات الاجحاف هذه؟ الباحث في السياسة نيكولاس سامبانيس Nicholas Sambanis قضى السنوات القليلة الماضية في دراسة هذه المسألة، وذلك بإجراء دراسات مبتكرة في محطات القطارات في جميع أنحاء ألمانيا شملت مشاركين راغبين، وبعض الحضور غير العارفين بالموضوع، ومؤخراً أكياس من الليمون.

آخر دراساته، التي شارك في تأليفها دونغهيون داني تشوي Donghyun Danny Choi من جامعة بيتسبرغ وماثياس بويرتنر Mathias Poertner من جامعة تكساس إيه آند إم، ستتشر قريبًا في عدد المجلة الأمريكية للعلوم السياسية Journal of Political Science [1] ، وجدت دليلاً على ممارسة تمييز كبيرة ضد المسلمات أثناء التفاعلات اليومية مع الألمان الأصليين. هذا الدليل منبثق من دراسات تجريبية أقيمت على أرصفة محطات القطارات في عشرات المدن الألمانية وكشفت أن ممارسة التمييز من قبل النساء الألمانيات يرجع إلى اعتقادهن بأن المسلمين رجعيون فيما يتعلق بحقوق المرأة. في الواقع، التجربة التي اجروها وجدت معارضة نسوية للمسلمين، وتُظهر أن التمييز قد انتهى بمجرد أن صدرت من النساء المسلمات مبادرة تدل على أن لديهن نفس المواقف التقدمية تجاه الجندر، كما يقول سابمانيس Sambanis، مدير مختبر الهوية والنزاع في جامعة ولاية بنسلفانيا Penn Identity and Conflict Lab «يعرف ب PIC Lab»، الذي أسسه عندما جاء إلى الجامعة في عام 2016 «معلومات عن المختبر في [2] ».

وقد أظهرت العديد من الدراسات السايكلوجية أن ممارسة التحيز والتمييز متجذرة من حيث أن الاختلافات الأثنية أو العرقية أو الدينية تخلق مسافة بين المواطنين، كما يقول سابمانيس. ”في مواجهة موجات هجرة مجموعات سكانية مختلفة ثقافيًا، ساند العديد من الأوروبيين بشكل متزايد سياسات الاستيعاب القسري coercive assimilation [3] [4]  التي تقضي على مصادر الاختلاف هذه عن طريق حظر المظاهر العرقية أو الدينية، على سبيل المثال، بحظر الحجاب في الأماكن العامة أو إجبار المهاجرين على حضور دروس اللغة الآلمانية، كما يقول سابمانيس“ يُثبت بحثنا أنه يمكن الحد من ممارسة التحيز والتمييز من خلال تدابير أقل قسرية بكثير - طالما أن الهجرة لا تهدد القيم الأساسية التي تشكل الهوية الاجتماعية للسكان الأصليين.

”جزاء الحجاب hijab penalty: رد فعل أنصار الحركة النسوية [5]  على المهاجرين المسلمين“ هي الدراسة الرابعة في مشروع ممتد على مدى سنوات متعددة يتناول موضوع كيفية التقليل من الاجحاف بحق المهاجرين والذي أجراه سابمانيس وفريق البحث معه. بدأ المؤلفان المشاركان في الدراسة، تشوي Choi وبورتنر Poertner، العمل في هذا المشروع كزميلان لما بعد الدكتوراه في مختبر PIC.

تعتمد الورقة الجديدة على المرحلة الأولى من المشروع الذي نُشر في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences في عام 2019 [6]  والذي استكشف ما إذا كانت ممارسة التمييز ضد المهاجرين قد انخفض عندما أظهر المهاجرون أن لديهم نفس المعايير المدنية التي تمثل قيمةً لدى المواطنين الأصليين. وجدت تلك الدراسة دليلاً على أن المعايير التي يشترك فيها الجميع تقلل من ممارسة التمييز ولكنها لا تقضي عليها. تستكشف الدراسة الجديدة تأثير الأعراف والأفكار الهامة لمجموعات فرعية معينة من السكان الأصليين ووجدت هذه الدراسة تأثيرات أقوى عندما يكون لدى المهاجرين نفس هذه المعايير.

يقول سامبانيس إن النتائج لها تبعات على كيف نفكر لنحد من النزاعات بين مجتمعات السكان الأصليين والمهاجرين في عصر الهجرات المتزايدة عبر الحدود.

أجرى سامبانيس وزملاؤه تجربة ميدانية واسعة النطاق في 25 مدينة عبر ألمانيا شارك فيها أكثر من 3700 شخص من الموجودين في هذه المحطات غير العارفين بالموضوع.

”تمثل ألمانيا دراسة حالة جيدة لأنها تلقت أكبر عدد من طلبات اللجوء في أوروبا منذ عام 2015، نتيجة لأزمة اللاجئين التي خلقتها الحروب في سوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى“، كما يقول سامبانيس. ”لدى ألمانيا تاريخ طويل من الهجرة من الدول الإسلامية منذ أوائل فترة ما بعد الحرب العالمية، وكانت المشاعر المعادية للمهاجرين عالية نتيجة للاختلافات الثقافية. استُغلت هذه الاختلافات سياسيًا وأصبحت بارزةً بشكل أكثر“.

مجريات التجربة كانت على النحو التالي: اقتربت المرأة المشاركة في الدراسة من مقعد في إحدي محطات القطار حيث كان الحاضرون ينتظرون ولفتت انتباههم بسؤالهم عما إذا كانوا يعرفون ما إذا كان بإمكانها شراء التذاكر من داخل القطار.

ثم تلقت مكالمة هاتفية وتحدثت بصوت مسموع مع المتصل باللغة الألمانية عن أختها، التي كانت تفكر في أن تقبل وظيفة معروضة عليها أو أن تبقى في البيت وتقوم برعاية زوجها وأطفالها. كشفت المحادثة المكتوبة عن رأي المرأة بشأن ما إذا كان لأختها الحق في العمل أو من واجبها البقاء في البيت لتتولى رعاية أسرتها.

في نهاية المكالمة الهاتفية، الكيس الذي كانت تحمله تمزق على ما يبدو، مما أدى إلى تناثر الليمون على الرصيف وبدا أنها كانت بحاجة إلى من يساعدها في التقاط وجمع الليمون المتناثر.

في الخطوة الأخيرة من خطوات التحربة، أعضاء فريق البحث الذين لم يكونوا جزءً من التجربة لاحظوا وسجّلوا صوتيًا ما إذا أي من الموجودين الذي كان على مسمع من المكالمة الهاتفية قد ساعد المرأة في جمع الليمون.

قام الفريق بتغيير هوية هذه المرأة تجريبيًا، حيث كانت أحيانًا إمّا تبدو من أصول ألمانية أو تبدو مهاجرة من الشرق الأوسط؛ وكانت المهاجرة أحياناً ترتدي حجابًا للدلالة على هويتها الإسلامية وأحياناً لم تكن مرتدية أي حجاب.

ووجدوا أن الرجال لم يتقبلوا بشكل كبير الرسائل المختلفة المتعلقة بموقف المرأة تجاه المساواة الجندرية، لكن الألمانيات كن متقبلات لذلك الموقف. بين النساء الألمانيات، انتهت ممارسة التمييز ضد المسلمين عندما صدر من المرأة المهاجرة بادرة بأنها تتبنى آراء تقدمية فيما يتعلق بحقوق المرأة،. لكن استمر الرجال في ممارسة التمييز في كل من حالتي التجربة الرجعية والتقدمية.

كان الأمر مفاجئًا حيث لا يبدو أن المعالجة التجريبية للموضوع قد أحدثت فرقًا كبيرًا في سلوك الرجال الألمان تجاه المسلمات.

”كانت النساء من أصل ألماني متقبلات جدًا لهذه الرسالة التي كنا نملكها عن المسلمين الذين يحملون نفس المعتقدات التقدمية عن حقوق المرأة، لكن الرجال الألمان كانوا غير مبالين بتلك المعتقدات“ كما يقول سامبانيس. ”توقعنا أن سيكون هناك اختلاف، وأن تأثير المعالجة «المقاربة» سيكون أكبر بين النساء، لكننا لم نتوقع أن لا يكون ببساطة أي تأثير بين الرجال.“

التجربة جعلت الهوية الجندرية أكثر بروزًا وأسست لهوية مشتركة بين النساء من أصول ألمانية - ومعظمهن لهن نفس وجهات النظر التقدمية اتجاه الجندر - والنساء المهاجرات اللاتي لديهن نفس الحالة التقدمية تجاه الجندر. يقول سامبانيس إن هذا هو أساس للتقليل من ممارسة التمييز، ولا يتطلب إجراءات قسرية مثل إجبار المسلمين على خلع الحجاب. إذ ”يمكن التغلب على ممارسة التمييز بأساليب أخرى، ولكن من الأمور الهامة هي الإشارة إلى أن المجموعتين لهما نفس مجموعة المعايير والأفكار التي تحدد السلوكيات المدنية المناسبة.“

كانت النتائج مفاجئة من منظور الأبحاث المنشورة سابقًا، التي افترضت أنه يصعب جدًا على الناس التغلب على العوائق الناجمة من أسباب عرقية ودينية وإثنية. وفي تفس الوقت، تؤكد هذه التجربة على حدود التعددية الثقافية. كما يقول سامبانيس. ”يُثبت بحثنا أنه يمكن التغلب على الاختلافات في السمات الاثنية أو العرقية أو اللغوية، لكن المواطنين سيقاومون التخلي عن أعرافهم وأفكارهم القديمة المشكِّلة لهوياتهم لصالح التكيف التقدمي مع قيم الآخرين“.

نيكولاس سامبانيس هو برفسور متميز في كلية الآداب والعلوم، ورئيس قسم العلوم السياسية، ومدير مختبر للهوية والنزاعات في جامعة ولاية بنسلفانيا.


مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10,1111/ajps.12627

[2]  مختبر الهوية والنزاع التابع لجامعة ولاية بنسلفانيا Penn Identity & Conflict Lab «والمعروف ب PIC Lab» هو مجموعة بحثية تدرس النراعات بين المجموعات. الدافع وراء بحثنا هو المشاكل الرئيسية في عصرنا الحاضر، مثل الحرب الأهلية والعنف العرقي والتحيز العنصري والتعصب الديني. نحن ننظر في كيف تؤثر الهويات الاجتماعية في السلوك الفردي، وكيف يؤثر الصراع في الهويات، وما هي التدخلات الفعالة للحد من النزاعات.. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://web.sas.upenn.edu/pic-lab/

[3]  ”الاستيعاب القسري هو عملية لا إرادية من عمليات الاستيعاب الثقافي «3» للأقليات الدينية أو الإثنية والتي من خلالها تُجبر هذه الأقليات على تبني لغة وهوية ومعايير وأعراف وعادات وتقاليد وقيم وعقلية ومرئيات وطريقة حياة ودين وأيديولوجية مجتمع الأكثرية المتأصل والمنتمي إلى الثقافة المهيمنة من قبل الحكومة“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Forced_assimilation

[4]  ”الاستيعاب الثقافي العملية التي من خلالها تصبح ثقافة شخص أو مجموعة تشبه ثقافة مجموعة أخرى. ويستخدم المصطلح للإشارة إلى الأفراد والجماعات على حد سواء؛ يمكن أن تشير الحالة الأخيرة إلى المهاجرين الأجانب أو السكان المحليين الذين يهيمنون ثقافيًا على مجتمع آخر.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/استيعاب_ثقافي

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/نسوية

[6]  https://www.pnas.org/content/116/33/16274

المصدر الرئيس

https://penntoday.upenn.edu/news/hijab-effect-feminist-backlash-muslim-immigrants-germany