تعمد الأذى يترك رائحة كريهة ويثير الاشمئزاز
السلوكيات غير السليمة تثير استجابات دماغية مشابهة لتلك التي تثيرها روائح كريهة
السلوكيات غير السليمة تثير استجابات دماغية مشابهة لتلك التي تثيرها روائح كريهة
18 أكتوبر 2020
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
Malice leaves a nasty smell and causes disgust
October 18,2020
تؤدي الأمزجة السيئة إلى أحكام أخلاقية متجذرة في آلياتنا الأساسية للبقاء على قيد الحياة «لتعريف الأحكام الأخلاقية، راجع 1». وقد أثبت علماء من جامعة جينيڤ UNIGE أن هذه الأليات مرتبطة بروائح كريهة «بالإشمئزاز».
تثير السلوكيات غير السليمة إصدار أحكام أخلاقية تشبه المشاعر «الإنفعالات» الأساسية التي تسهم في قدرتنا على البقاء على قيد الحياة. هناك فرضيتان مختلفتان في الأدبيات العلمية الحالية بخصوص هوية هذه المشاعر. بعض الباحثين أنتقى فرضية الاشمئزاز، بينما فضّل آخرون فرضية الألم. بعد تطويره لمقاربة جديدة بتصوير الدماغ، فريق بحث من جامعة جنيف «UNIGE» قرر تأييد فرضية الاشمئزاز. تظهر الدراسة، التي نُشرت في مجلة ساينس أدڤانسيز Science Advances، أن السلوكيات غير السليمة تثير استجابات دماغية مشابهة لتلك التي تثيرها روائح كريهة. تعّرف البحث أيضًا لأول مرة على علامة بيولوجية في الدماغ للاشمئزاز.
الاشمئزاز هو انفعال «شعور» أساسي مرتبط بقدرتنا على البقاء على قيد الحياة. يوفر الشم «الرائحة» معلومات عن مدى طراوة المواد الغذائية، بينما الاشمئزاز يعني أننا نتمكن من اتخاذ إجراءات لتجنب مصدر محتمل للتسمم. باتباع نفس المبدأ، يساعدنا الألم على تحمل أي إصابات قد نعانيها من خلال تنشيط منعكسات السحب «للتعريف، راجع 2». يعتقد علماء النفس أن هذه الأنواع من منعكسات refkexes البقاء على قيد الحياة قد تصبح سارية المفعول كاستجابة لسلوك الآخرين السيئ.
”لقد أُثبتت هذه الروابط من خلال الإقتران بين المواقف والأحاسيس“ كما استفتح بروفسور كورادو كورادي ديل أكوا Corrado Corradi-Dell’Acqua، وهو الباحث في قسم علم النفس بجامعة جينيڤ UNIGE والمحقق الرئيسي في الدراسة، قوله:. ”على سبيل المثال، لو كنت أشرب شيئًا ما أثناء قراءتي مقالًا عن الفساد الذي يؤثر على حكمي الأخلاقي، فقد أجد أن مشروبي نتن الرائحة وكريه الطعم. وبالمثل، فإن العكس صحيح: الروائح يمكن أن تؤدي إلى أحكام أخلاقية غير ملائمة. بعبارات ملموسة، إذا كانت رائحة شخص ما كريهة، فالأشخاص الآخرون يميلون إلى إصدار حكم بأن هؤلاد الناس ليسوا أصحاء «مرضى»“.
بينما تشير بعض الدراسات إلى أن فرضية الاشمئزاز داخلة في هذه العملية، فقد فضّل البعض الآخر فرضية الألم، لأنهم يعتبرون أن الأحكام الأخلاقية تُتخذ بناءًا على حقائق فعلية - ويترتب على ذلك أنها تتماثل مع آليات ينطوي عليها الألم. ”لو كان السائق مشتت الإنتباه، ولم ير أحد المشاة يعبر الطريق، فسأحكم على هذا الشخص بشكل سلبي أكثر لو تعرض عابر الطريق للأذى بالفعل، كما يوضح كورادو كورادي ديل أكوا: بدلاً من ألاّ يُصاب صدفةً“. فريقه وضع نموذجًا تجريبيًا وطرقًا مخصصة للتصوير بالرنين المغناطيسي «MRI» في محاولة للاختيار بين الفرضيتين المتناقضتين.
الخطوة الأولى بالنسبة لمختبر كورادو كورادي ديل أكوا Corradi-Dell’Acqua كانت إخضاع المتطوعين لروائح كريهة أو ألم ناجم عن حرارة. ”كانت الفكرة برمتها هي إستثارة درجة مماثلة من عدم الارتياح [في المشاركين] بالطريقتين حتى يمكن الطريقتين [الروا ئح الكريهة والألم] العمل بنفس المستوى.“ بمجرد إجراء المعايرة، عُرّض المشاركون في الدراسة لقراءات أستدعت أحكامًا تقديرية «للتعريف، راجع 3».
”استخدمنا معضلة القطار عندما عَلُقَ خمسة أشخاص على خط سكة حديد في الوقت الذي كان القطار يقترب منهم. الطريقة الوحيدة الممكنة لإنقاذهم هي دفع شخص ما من أعلى الجسر بحيث يضغط على المفتاح حين يسقط على السكة. بعبارة أخرى، من الضروري أن يموت شخص واحد لإنقاذ خمسة أشخاص في موقف غير أخلاقي للغاية“، كما أوضح الباحث. قراءة هذه المعضلة البغيضة كان لها تأثير على الروائح التي شمها المشاركون وسببت لهم الاشمئزاز، لكنها لم تؤثر على الألم، وهي المحصلة التي دعمها النشاط الكهربائي لجلد المشاركبن. هذا النشاط هو قياس فسيولوجي للتوصيل الكهربائي للجلد. وهو يعكس سرعة التعرق ونشاط الجهاز العصبي المسؤول عن السلوك اللاإرادي.
ثم ركز البروفيسور كورادي ديل أكوا على استجابة الدماغ. ”من الصعب الاستدلال على الألم والاشمئزاز من النشاط العصبي، لأن هاذين الشعورين «الإشمئزاز والألم» غالبًا ما يستخدمان نفس مناطق الدماغ. لفصلهما عن بعضهما، كان علينا قياس النشاط العصبي الكلي للدماغ عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي بدلاً من التركيز على مناطق محددة، كما“ يلخص الباحث. اعتمد فريق جامعة جنيڤ طريقة تسمح بالتنبؤ بالاشمئزاز والألم من نشاط الدماغ الكلي، كاستخدام مؤشرات حيوية معينة.
باستخدام هذه الأداة «MRI»، تمكن الباحثون من إثبات أن استجابة الدماغ الكلية للاشمئزاز قد تأثرت بالحكم الأخلاقي السابق. مرة أخرى، الأحكام الأخلاقية ترتبط بالفعل بالاشمئزاز. ”بالإضافة إلى هذا الاكتشاف المهم لعلم النفس، كانت هذه الدراسة مناسبة لتطوير نموذج أولي لعلامة حيوية للاشمئزاز الشمي. إنها خطوة مزدوجة إلى الأمام!“ كما اختتم كورادو كورادي ديل أكوا.