المطرودي.. جمهور القطيف يعكس حالة الوعي التي تعيشها بلادنا
- دور الكاتب الأخذ بيد القارئ إلى مناطق أخرى قد تربكه مؤقتًا.
- اللغة العربية - تحديدّا - تحتاج تجديدًا وغربلة وإعادة تنظيم.
- مفهوم الأصالة والتحديث أنهك العقل العربي المعاصر ومازال.
أكد الدكتور في اللغويات التطبيقية أحمد المطرودي على حاجة التعليم العام للتغيير، مشدداً على ضرورة التجديد في اللغة العربية، والتي ربما تحتاج غربلة وإعادة تنظيم، وتحديدًا لغة الصحافة والإعلام..
العمل الإداري حبسني خلال ما يقارب الستة عشر سنة عن السجالات الفكرية، والاهتمامات الأدبية.. حبسني من خلال متطلباته الكثيرة، ومن خلال عدم القدرة على الظهور والمزاوجة بين شخصيتين: شخصية تحظى بتقدير وزراء وأصحاب معالي، وشخصية كامنة، وربما خافتة تحبّ الفكر واللغة والأدب والنقد.. لكنّي بحمد الله خرجتُ من تلك التجربة ظافرًا متسلِّحًا بشيء من الحكمة والترويّ، وكثير من التجارب.
وإليكم سيرتي الذاتية البسيطة:
أحمد بن سليمان المطرودي
من مواليد القصيم - بريدة عام 1388 هـ
أب لعمر وسارة وخالد
بكالوريوس لغة عربية من جامعة الإمام بالقصيم.
ماجستير في اللغويات التطبيقية «علم اللغة الحاسوبي» من جامعة الإمام بالرياض.
دكتوراه في اللغويات التطبيقية «المدوَّنات اللغوية» من جامعة الإمام بالرياض.
وعليه فالاختلاف مع السائد يكون سائغًا؛ بل مطلوبًا في كثير من الأحيان؛ بحسب الرسالة التي يرغب فيها المرسِل، وبحسب حال المتلقي، والتضاريس والأفكار التي تشغل تلك المساحة.
لقد انحسر الدور السلبي للمتلقي، وحلّ محلّه القارئ المتفاعل الذي يمتلك فكرًا يسبق القراءة، وأدواتٍ يمررها على النص المقروء... إن هذا المتلقي لا ينتظر أن يصله النص؛ بل يبذل جهدًا ليلتقي بالنص في منتصف الطريق بينه والمرسل.. وهذا القارئ هو الذي نراهن عليه وهو القادر على التأثير، ولا تهمني تسميته أو خلع مصطلح عليه؛ فقد يكون قارئا متعاليا، وقد يكون نموذجيا، أو متفاعلا.. وحضور هذا القارئ في ذهن الكاتب عند الكتابة هو ما قد يجنح بالرسالة، ويجعلها تفتقد الجماهيرية!
اللغة - أي لغة - تتكون من أصوات ومفردات «كلمات» وتراكيب ودلالات.. والأصوات مستقرة، كما هي قواعد النحو؛ لكن دلالة الكلمات ليست كذلك؛ فهي كلمات تُعرَف معانيها من خلال سياقاتها، وما يصحبها من كلمات، وهذه أمور تختلف بحسب الزمان والمكان.. هناك كلمات ارتبطت بمفاهيم تاريخية ودينية مستقرة وفاعلة في العقل الجمعي، ولابد من معرفة دلالتها القديمة، كما هي لفظ: حزب، الذي ارتبط بغزوة الأحزاب، وهناك ألفاظ مقابلة قد تكون جديدة تكلمنا بها؛ دون الارتباط بتاريخ ملزم، كما هي ألفاظ: كوكبة، لفيف، طغمة..
ومجال ضخ معاني جديدة في الكلمات القديمة أمر سائغ، لا تثريب عليه، ولا تشنيع فيه.. المهم أن لا تمسَّ القواعد التركيبية المستقرة للنحو العربي.. إن منحَ الألفاظ معاني جديدة، يتطلبها المكان والزمان أمرٌ صحي، تمر به كلُّ لغة، وكذا إماتة ألفاظ لم تعد حاضرة، ولا فاعلة، وليس لها حضور تاريخي ملزم.
التعليم العام يحتاج تغييرًا، وأحسب أن شيئًا من ذلك يحدث، وإن كان دون المأمول.. واللغة العربية - تحديدّا - تحتاج تجديدًا أكثر، وربما غربلة وإعادة تنظيم، فلابد من مراعاة اللغة المعاصرة، وتحديدًا لغة الصحافة والإعلام. من جانب ذي صلة نحن نحتاج معاجم جديدة سهلة ميسّرة لأبنائنا، ولمن يتعلم اللغة العربية من غير أبنائها؛ فمعاجمنا القديمة لم تعد قادرة على سد هذه الفجوة المستجدة، وإن كانت أدت دورها فيما مضى..
الناس المتحدثون باللغة يسبقون تلك المجامع، والمعاجم العربية برغم الجهود التي تُبذَل ما زالت عاجزة عن مجاراة التعبيرات والدلالات الجديدة، ومازال عصر الشاهد والاستشهاد، الذي توقف في عصور مضت مازال فاعلا!
والوضع في اللغات المتحضرة وتقعيدها لم يعد كذلك.. وذلك الجاهلي أو الذي عاش في صدر الإسلام لا يمتلك جهازًا لغويًا يختلف أو يتفوق على أجهزتنا نحن المعاصرين!
اللغة رؤية ونظام ومنطلق نتعرف من خلاله على الأفكار، والعوالم المحيطة بنا.
كل ما سبق يجب أن نعتبره تراثًا نفخر به، ولا بدّ من فهمه وتجاوزه... نحن أمة دارت ثقافتها حول النص الإلهي، وأحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ويتحتم علينا تقدير تلك الدراسات والأدوات والنتائج والأفهام التي خرجت بها.. والتقدير والفهم لا يعني التوقف، وعدم الإضافة.