المخرج الحسن: الكاتب والمخرج كلاهما لا يستطيع الخروج من عباءة الآخر
أيهما أصعب الكتابة أم الإخراج للمسرح، وهل الجمع بين المهمتين يضعف العمل أم يضيف له ، دور الجمهور وتقبل المخرج للنقد، الفريق الناجح، والهاجس الذي يشغل بال المؤلف والمخرج ياسر الحسن.
جهينة الإخبارية حاورته على خلفية عرض مسرحية ”الباب“ وهي من تأليفه وإخراجه الأربعاء الماضي على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام .
الكتابة المسرحية والاخراج كلاهما يحتاجان إلى خيال متسع لا تحده حدود وكلا العنصرين لا يستطيعان من وجهة نظري الخروج من عباءة الأخر فالمؤلف يخرج نصه عندما يبدأ في كتابة النص فهو يتصور هذا وذاك والمخرج عندما يستلم النص يبدأ في تأليف رؤية لظهور عرض مبهر كما يأمل. ولذلك فكلا المهمتين لها خصوصيتها الخاصة وصعوبتها ولا يمكن لي أنا كياسر بحكم كوني أمارس المهنتين أن ارجح كفة على أخرى
دائما تقال هذه المقولة بحكم كون فكرين افضل من فكر، وأن المؤلف أخرج ما لديه ويحتاج إلى فكر أخر يتمرد ويثور ويهدم ويبني من جديد للنص وكأن ما تم بناءه كان آيلاً للسقوط واحتاج لمقاول آخر يبنيه من جديد.
وهذا من وجهة نظري لا يمكن أن يكون صائباً في كل الأحوال ولا خاطئاً في مطلقه لأنه يعتمد على وجود عنصر الإبداع في الأطراف المعنية.
فلو كان النص رائعاً ووضعته عند من لا يستطيع أن يضيف إليه شيئاً لمجرد ان أوكلت المهمة لشخص آخر لأنه سيكون اكثر تحرراً وتمرداً فقد اسأت للنص والعكس صحيح.
انا لي تجارب كمؤلف مع مخرجين آخرين منهم من نجح بشكل مذهل كعقيل الخميس عن نص مريم وتعود الحكاية ومنهم من فشل.
وهذا الأمر ينطبق عليّ أنا ايضاً كمخرج فهناك نصوص لمؤلفين اخرين نجحت معها وبعضها فشلت معه.
بالنسبة للشق الآخر من السؤال، نعم فيها صعوبة وهي ان تفكر من خارج الصندوق لتضيف للنص جمالاً على جمال، يحتاج ذلك إلى براعة وجرأة. الكثير من المؤلفين لديه نرجسية الحرف فهو لا يحب أن يتعدى المخرج على حرف واحد من نصه، ولكن بالنسبة لي فالمهمة سهلة لأني لا أقدس النص واتعامل مع حروفه بمهنية بما يخدم العرض ولذلك لا أجد احراجاً في أن اتعامل مع نصي بما يوافق العرض الذي ارتأيه.
المغزى من هذه القصة أن الإجابة لدى المتلقي، بعد العرض. جاءني صديق وقال مسرحيتك وصلت لي بالفكرة كذا وكذا، فهل ما وصلني صحيح؟ قلت له ما وصلك هو المهم. رغم ان المسرحية تمركزت حول الباب كمعنى إلا أن الأغلبية غفلت عن نقطة الإنسان الذي يقف عند الباب والذي هو العنصر الأساسي لمعنى الباب، فكل منا لديه قصة خلف الباب.
هذا العمل ما كان ليكون لولا طاقمه المشارك به وإيمانهم ب ياسر، العمل منذ بداياته وحتى ما وصل إليه الآن كان عبارة عن خلية نحل متكاملة وتضحيات أصيلة من الوقت والجهد، وقبل ذلك جمعية الثقافة والفنون بالدمام التي واصلت معنا المسيرة بقيادة الأستاذ يوسف الحربي مدير الجمعية ومنسق قسم المسرح الأستاذ ناصر الظافر فقد وضعا كل امكانيات الجمعية لخدمة العمل ليخرج بأفضل صورة ممكنة.
طاقم مسرحية الباب من ممثلين وفنيين جمعهم الحب، حب المسرح وحبهم لبعضهم البعض وهذين عنصرين اساسيين لنجاح العمل ولذلك فردة الفعل من الجمهور بعد العرض كانت مبهجة وردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً كانت اكثر من رائعة.
الإنسان نفسه، بما حوله، علاقته مع الآخر، احباطاته وامنياته وسقف طموحاته، ولذلك معظم نصوصي اكتشفت من خلال اللاوعي أنها تحوي قيمة الانتظار، فأنا دائما استشرف الأمل رغم كل الاحباطات التي تمر على الانسان العربي فأنا مازلت متمسكاً بهذا الأمل.