آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

قاعدة «خالف تعرف»

جواد المعراج

نواجه في حياتنا أنواعًا كثيرة ومختلفة من الناس، منهم من نحبه ونرتاح له، ومنهم من لا توجد بيننا أمور مشتركة بل يسعى البعض منهم لتعكير مزاجك، وقتل كل ما هو جميل في يومك المشرق فلا تخضع لهم، وهؤلاء عادة ليس لهم شخصية ثابتة معروفة على نمط معين بل تتغير حسب الأهواء والمزاج والمحيط والمصالح، وهذا ما يدفعهم لفعل وعمل بعض التصرفات غير العقلانية والمنطقية.

يسعى البعض دائمًا إلى اتخاذ قاعدة «خالف تعرف»، منهجًا دائمًا للتعاطي مع مختلف الأمور، إذ يتعمد إظهار سلوك استفزازي، تارة لإثارة الضجة بين أفراد المجتمع، وتارة أخرى لزيادة البغضاء والمشاحنات بين الناس، فإن الاستفزاز سلوك مرفوض اجتماعيًا وثقافيًا وحضاريًا.

ويلجأ البعض كذلك إلى تطبيق هذا السلوك السيئ بغرض إحداث انقسام داخلي مؤقت أو دائم في البيئة الاجتماعية، حيث إن أصحاب السلوك الاستفزازي ينشرون الإساءات والمضايقات بين مختلف الشرائح الاجتماعية بطريقة مؤذية، وذلك باستخدام وسائل وطرق متعددة.

وهذا الاستفزاز تنتج عنه آثار سلبية منها:

«1» إثارة مشاعر الآخرين، وذلك بجعلهم يشعرون بالنقص، والغضب، وعدم الثقة.

«2» يؤثر سلبيًا على العلاقات بشكل عام، حيث إنه قد يزرع الحقد والضغينة والغل في قلب الشخص الاستفزازي في حال استمراره على تطبيق الأفعال والتصرفات المزعجة، وأيضًا الفرد الذي تمت مضايقته من قبل الطرف الآخر قد يجعله هذا الأمر يكرهه ويحقد عليه.

«3» إشعال العداوات والخصومات والفتن بين الناس.

«4» يعكر مزاجك اليومي ويثير غضبك دون فائدة، إذا لم تحاول إيجاد طرق ووسائل لتجنب التصادم بالأشخاص الاستفزازيين.

«5» يتسبب الاستفزاز المستمر في شعور بالقلق والإحباط بين أفراد المجتمع.

عند ذكرنا للجوانب السلبية للاستفزاز، فإننا كذلك لا نتغافل عن الأسباب التي تسبب انتشار السلوكيات والمضايقات الاستفزازية بطريقة سريعة جدًا في المجتمع، وهي كالآتي:

«1» عدم سيطرة بعض الناس على ردود أفعالها في حال تعرضها لبعض الإساءات.

«2» عدم التغافل عن أخطاء الآخرين.

«3» انشغال البعض بالناس، وعدم التركيز على الأمور المهمة.

«4» يتعمد بعض الأفراد تسليط الأضواء والأصابع على عيوب الناس، ونشر المواقف التي وقعوا فيها بغرض إثارة الأعصاب، وإشعال الكراهية والفتن.

«5» عدم تَقَبُّل البعض لوجود الأفراد المزعجين، واعتبار وجودهم أمرًا طبيعيًا في المجتمع.

«6» نقص العقل والثقافة.

ناهيك عن أسباب أخرى تعتمد على البيئة والأصدقاء وضعف مستوى الوعي، والثقافة التسامحية، والذاتية، والأخلاقية، وأيضًا ضعف المستوى الثقافي والاجتماعي بشكل عام بين بعض الشرائح الاجتماعية.

وإن شعور بعض الأطراف التي تستفز من حولها بالنقص، يدل على أنهم يريدون تفريغ ما يعشعش في قلوبهم وصدورهم، تارة لسد الاحتياجات التي تتراكم في داخلهم، وتارة أخرى لإرواء عطشهم النفسي، فلهذا نرى البعض منهم دائمًا يحاول إثارة مشاعر من حوله لأنه لا يستطيع ضبط نفسه وتصرفاته غير المنطقية والعقلانية، إلا إذا قام بإظهار أفعال وتصرفات مزعجة وعدوانية.

بالنهاية، إن التعامل مع مثل هذه القضايا التي تنتشر بين مختلف الشرائح الاجتماعية بطريقة مؤذية ومزعجة، يتطلب وسائل وطرق احترافية وإبداعية، وبرودة الأعصاب، ودون اللجوء إلى التصادم مع الأطراف المستفزة.

كذلك يجب علينا تعليم وإيصال علم وفكر أهل البيت إلى أفراد وأهل وأبناء المجتمع، بالإضافة إلى ذلك نشر ثقافة الاعتذار والتسامح بين عامة الناس.