أبناؤنا ثمرة تربيتنا «9»
تعليم الطفل معرفة الله تعالى
تتطلب مرحلة الطفولة من الأبوين إبداء عناية خاصة في تربية الأطفال وإعدادهم ليكونوا عناصر فعّالة في المحيط الاجتماعي، وتتحدد معالم التربية في هذه المرحلة ضمن المنهج التربوي التالي:
الأول: تعليم الطفل معرفة الله تعالى:
الطفل مجبول بفطرته على الإيمان بالله تعالى، حيث تبدأ تساؤلاته عن نشوء الكون وعن نشوئه ونشوء أبويه ونشوء من يحيط به، وتفكيره المحدود يكون مهيأ لقبول فكرة الخالق والصانع..
فالمطلوب من الوالدين:
1 - أن يستثمرا تساؤلات ولدهما لتعريفه بالله تعالى الخالق في الحدود التي يتقبّلها تفكيره المحدود، والإيمان بالله تعالى كما يؤكده العلماء - سواء كانوا علماء دين أو علماء نفس - من أهم القيم التي يجب غرسها في الطفل.. مما سوف يعطيه مل في الحياة والاعتماد على الخالق، ويوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف المآثم.
2 - يفضّل أن تكون تربية وتعليم الطفل في هذه المرحلة بالتدريج وضمن منهج متسلسل متناسباً مع عمر الطفل، ودرجات نضوجه اللغوي والعقلي.
وقد حدّد الإمام محمد الباقر تسلسل المنهج قائلاً: ”إِذَا بَلَغَ الْغُلامُ ثَلاثَ سِنِينَ يُقَالُ لَهُ: قُلْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَلاثُ سِنِينَ وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُونَ يَوْماً فَيُقَالَ لَهُ: قُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالَ لَهُ: قُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالَ لَهُ: أَيُّهُمَا يَمِينُكَ وَأَيُّهُمَا شِمَالُكَ؟ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ حُوِّلَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيُقَالُ لَهُ: اسْجُدْ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ قِيلَ لَهُ: اغْسِلْ وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ، فَإِذَا غَسَلَهُمَا قِيلَ لَهُ: صَلِّ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ، فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ عُلِّمَ الْوُضُوءَ وَضُرِبَ عَلَيْهِ الأوامر بِالصَّلاةِ وَضُرِبَ عَلَيْهَا، فَإِذَا تَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَالصَّلاةَ غَفَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ“ [الفقيه: ج 1 ص 182].
3 - إنّ الطفل في هذه المرحلة يكون مقلداً لوالديه في كل شيء بما فيها الإيمان بالله تعالى، يقول الدكتور سپوك: ”إنّ الأساس الذي يؤمن به بن بالله وحبه للخالق العظيم هو نفس الأساس الذي يحب به الوالدان الله“. ويقول أيضاً: ”بين العمر الثالث والعمر السادس يحاول تقليد الأبوين في كل شيء فإذا حدّثاه عن الله فانه يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله حرفياً“ [مشاكل الآباء في تربية الأبناء: ص 248].
4 - إنّ الطفل في هذه المرحلة يميل دائماً إلى علاقات المحبة والمودة والرقة واللين فيفضل تأكيد الصفات الخاصة بالرحمة والحب والمغفرة إلى أقصى حد ممكن مع التقليل إلى أدنى حد من صفات العقاب والانتقام. فتكون الصورة التي يحملها الطفل في عقله عن الله تعالى صورة جميلة محببة له فيزداد تعلقه بالله تعالى ويرى أنه مانح الحب والرحمة له.
فمثلاً: إذا أردنا أن نكوّن للطفل صورة عن يوم القيامة فالأفضل أن نركز على نعيم الجنة بما يتناسب مع رغباته، من أكل وشرب وألعاب وغير ذلك، ونركز على أنه سيحصل عليها إن أصبح خلوقاً ملتزماً بالآداب الإسلامية، ويُحرم منها إنْ لم يلتزم، ويؤجل التركيز على النار والعذاب إلى مرحلة متقدمة من عمره.
... يتبع