آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

الباحث الحاجي ”رسالتي“ من الترجمة رفع المستوى الثقافي والعلمي للقارئ العربي

جهات الإخبارية سوزان الرمضان - الاحساء

الباحث والمترجم أبو طه عدنان الحاجي من الإحساء قرية البطالية، سبق أغلب أقرانه بالإلتحاق بالمدرسة بعد تشجيع من جدته لوالدته وإرسالها له أدوات الدراسة من مقر سكنها في العراق، ولم تثنه الدراسة عن مساعدة والده في أمور الفلاحة .

تخصص في الكيمياء الصناعية ثم في كيمياء البترول في مرحلة الماجستير، اشتهر بترجمة المقالات العلمية وبثها عبر قنوات التواصل الإجتماعي، مسيرته العلمية حافلة بالإنجاز والعطاء ومنها كتابة 75 مقال نُشر معظمها في الدوريات المحكمة .

لديه 16 براءة اختراع ممنوحة ومنشورة، أسس لتقنيتين في مجال عمله ”محفز تكسير هيدروجيني لمنتجات مصافي النفط الثقيلة، تكنولوجيا مؤشر خصائص النفط الخام COPI“، كما ترأس ونظم عدة ندوات علمية في دول أجنبية، وبعد التقاعد من منصبه كمستشار أعلى في البحث العلمي، تفرّغ للقراءة والترجمة والنشر في سبيل خدمة وتثقيف المجتمع.

جهينة الإخبارية التقت الباحث عدنان الحاجي وتوقفت معه عند بعض محطات حياته العلمية والعملية..

شغلت منصب مستشار أعلى في البحث العلمي لمركز الأبحاث والتطوير في شركة أرامكو، فكيف تصف التفاعل بينك وبين الوظيفة ”ما قدمته وأخذته“، وما أثرها في مسيرتك وخياراتك؟

نظرا لطبيعة الوظيفة والتي تتعلق بالأبحاث العلمية؛ فقد صبّت في أهم محاور اهتماماتي، من منحي الفرصة لرفع مستوى ثقافتي الأكاديمية العلمية سواءا في تراكم الخبرات الميدانية، أو الإختلاط مع الأقران من خارج وداخل المملكة، أو القراءة المكثّفة في مجال التخصص، أو فرصة النشر العلمي، وتنظيم الندوات العلمية، وهذا بحدّ ذاته تغذية استرجاعية تؤثّر إيجاباً على جهاز المكافأة في الشخص - كما يقول العلماء.

عُينّت كمستشار بتحقيق المعلومات في المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة عام 1994حدثنا عن تلك التجربة، ولماذا لم تستمر؟

ذهبت هناك كباحث زائر في - جامعة استانفورد - ضمن ”برنامج تدريبي“ حيث عملت على العلامات الحية في مستخلصات البترول من الصخور الجيولوجية، وكان من نتائج هذا البحث نشر فصل في كتاب The Ecology of the Cambrian Radiation مع عدد من الزملاء.

تعاونت مع عدة مراكز للبحث العلمي الدولي، فما طبيعة ذلك التعاون وأهميته؟

طبيعة هذا التعاون علمية بحتة، سواءا بغرض نقل تكنلوجيا معينة إلى المملكة، أو إقامة ندوات علمية، أو تبادل خبرات علمية، أو نشر أوراق علمية مشتركة.

أسست لتقنيتين إحداهما في ”تصنيع حافز تكسير هايدروجيني“، والأخرى "مؤشر لخصائص بترولية، حدثنا عن ذلك باختصار؟

التقنية الأولى ”تقنية محفز التكسير الهيدروجيني لمنتجات مصافي النفط الثقيلة“ والتي ابتدأت من الفكرة إلى التركيب الكيميائي إلى الإنتاج بالكميات المطلوبة لمصفاة الرياض، وجرى تجربة التقنية هناك وكانت التجربة ناجحة جداً، بحيث يجري الآن تجربة إصدار آخر منه خاص لنوع المنتج في مصفاة رأس تنورة.

التقنية الثانية ”تكنولوجيا مؤشر خصائص النفط الخام COPI“ وهي تقنية جديدة وطريقة فعالة للتنبؤ بالخصائص الفيزيائية والإرشادية لمنتجات البترول من التحليل المباشر لعينة الزيت الخام على عدد من الأجهزة التحليلية، والتعالقات correlation التي طورناها تعطي نظرة ثاقبة على خصائص زيت الغاز دون تجزئة / تقطير «المتبعة فيما يعرف ب crude oil assays»، وسوف تساعد منتجي النفط ومصافي التكرير والمسوقين على قياس جودة النفط في اللحظة، ونتيجة لذلك يتم تقييم الزيوت دون المرور باختبارات الزيت الخام التي تستغرق شهراً في العادة، غير تكلفة العمالة والمصروفات الأخرى.

لديك 16 براءة اختراع مابين الممنوحة والمنشورة، فما أكثرها أهمية في وجهة نظرك؟

أكثرها أهمية هي ”تكنلوجيا محفز التكسير الهيدروجيني لمنتجات مصافي النفط الثقيلة“ والذي تم الإبتداء بالعمل به في مصفاة الرياض، وقريباً في مصفاة رأس تنورة، ومن ثم بقية المصافي الأخرى تباعاً، وهذا من شأنه أن يوفر ملايين الدولارات على الشركة سنوياً.

قمت بتنظيم عددا من الندوات العلمية في دول مختلفة، فهل كانت لصالح العمل أم للإهتمام الشخصي، وكيف تصف التجربة؟

من الندوات العلمية التي قمت بتنظيمها خمسة؛ أغلبها في الولايات المتحدة وكانت بمبادرة شخصية مع زملاء من المملكة وفرنسا واليابان وأمريكا، أما الخامسة فكانت في ألمانيا مع أحد الزملاء من معهد ماكس بلانك، وبدعوة من جامعة مونستر الألمانية لتنظيمها.

ترجمت المئات من المقالات العلمية، وقمت بنشرها في وسائل التواصل الإجتماعي، فكم بلغ عددها حتى الآن، وما رسالتك منها، وكيف تجد صداها لدى القرّاء؟

بدايتي الفعلية في نشر المقالات كانت في 2012 وكنت أنشرها في google group e mail، وبعدها على الفيس بوك، وكانت بوتيرة مقال كل يوم، بعد إعداد مدونتي في يوليو 2016 ترجمت فيها مابلغ 1390 مقال حتى الآن، أما المقالات ما قبل هذا التاريخ فللأسف بقيت متناثرة في منصات تواصل إجتماعي أخرى.

أما رسالتي من الترجمة فهي رفع المستوى الثقافي والعلمي للقاريء العربي، إذ أن هناك كم هائل من العلوم في شتى المجالات تنشر في مظان عديدة باللغة الانجليزية، وأكثر تلك العلوم للأسف لا تصل للقاريء العربي رغم حاجته لها لأسباب قد لا تخفى على القاريء الكريم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ ما يتعلق بالقاريء نفسه إما عن قصور أو تقصير منه، وبدأت لدي فكرة الترجمة عندما رأيت أن أكثر ما يتم تداوله عبر منصات التواصل الإجتماعي هو في الحد الأدنى يخلو من القيمة المُضافة، ولذا قررت الإنخراط في هذا المجال مستفيداً من خلفيتي العلمية في مجال الأبحاث والتطوير.

أما عن صداها لدى القاريء فكانت في البداية متواضعة جداً، مع وجود قلّة من المشجعين عليها على استحياء، ثم اكتسبت عزماً momentum مع الإصرار والمثابرة والشغف، وتنبّه لها بعض القرّاء في الإحساء وغيرها، وتلقّيت منهم تشجيعاً وتكريماً.

وطبعاً لا يعني ذلك أني لا أطمح في أن تنتشر هذه الترجمات والتي تصدر بوتيرة بحث إن لم يكن اثنين في كل يوم، على نطاق أوسع، وللأسف تبنى أحد المواقع الأحسائية نشر مقالاتي ثم توقّف لأسباب غير معروفة، رغم أن جودة المواضيع المترجمة قد ارتفعت؛ من حيث الإختيار، ومستوى الترجمة، والفائدة المرجوة منها، في حين أن نفس الموقع ينشر مقالات أخرى لا أرى في الحد الأدنى أن لها قيمة مضافة، ولكن ولله الحمد والمنة انبرى أخيرا موقع Qatif Science لنشر مقالاتي وبشكل دوري على هذا العنوان https://www.qatifscience.com/category/المقالات - العلمية/

وهنا أقول وبضرس قاطع أنه حتى لو لم ينبري أي احد لتبني النشر، أو حتى قراءة المقالات فهذا لن يمنعني من الإستمرار في هذا المجهود الذي آمنت به وتبنيته لما رأيت فيه من مصلحة وفائدة علمية، وصحية، وسلوكية، وفكرية، ولغوية وما إلى ذلك، تعود ليس على الفرد القاريء فحسب بل وعلى المجتمع أيضاً، ولعل في الأجيال القادمة يوجد وسيجد فيه نفعاً، وإلا فقد قمت بتكليفي الشرعي، والإجتماعي تجاه الوطن والناس.

تُلقّب ”بالباحث“ إلى أي مدى يعود هذا المعنى، وهل له علاقة بإعداد أو ترجمة البحوث؟

كل هذه التقنيات وبراءات الإختراع والأوراق المنشورة إنما تأتي عن أبحاث؛ أي أنها كانت نتيجة أبحاث قمنا بها على مدار سنوات من عملنا في مركز الأبحاث والتطوير التابع لشركة أرامكو السعودية.

ترجمت رواية ”ثلاثة أيام من الإبصار“ للمؤلفة هيلين كيلر، فلماذا وقع اختيارك عليها، وما مدى صعوبة الإنتقال من اللغة العلمية في الترجمة إلى الأدبية، وهل تنوي تكرار التجربة؟

قرأت قصة عن حياة الكاتبة الأمريكية الصماء البكماء العمياء السيدة هيلين كيلر قبل 40 عاما تقريباً، ولازلت متأثراً ببعض الأقوال المنسوبة لها ”من يرى لا يستطيع أن يرى“، و”أجمل الأشياء في العالم لا يمكن أن يُرى أو يُلمس ولكن يجب أن يُستشعر بالقلب“، وفي هذه الرواية الجميلة أخذتني السيدة هيلين كيلر في رحلة افتراضية ممتعة ومُعبّرة، ومملؤة بالعِبرة وربما لا تخلو من العَبرة، والتي لا نستغني عنها في حياتنا الفردية والإجتماعية.

طبعاً اللغة الأدبية تميل لاستخدام العبارات والإستعارات الأدبية أكثر من الكتابة العلمية، وللأسف لا يجد المترجم معانيها في قواميس اللغة في الكثير من الأحيان، فيضطر الرجوع للغة نفسها وما يعنيه أهل اللغة منها ويترجمها بالمعنى، ولذا واجهتني صعوبات في ترجمة تلك الرواية، بالإضافة إلى كتاب أستاذنا البرفسور رضي المبيوق من جامعة نورث أيوا الأمريكية: ”بوابة الدخول إلى التسامح“ والذي لا يزال في مرحلة المراجعة من قبل المؤلف، حيث تطلبا جهد ووقت غير عادي، وهو ما يجعلني أنفر من ترجمة أمثال هذه الكتب.

أصدرت حديثا كتابك الأول في أبحاث الطفولة، فعلى ماذا يتضمن؟

بعد شكري العميق وامتناني للمحرر الأستاذ رضا أحمد، أفضل إجابة هذا السؤال بجزء مما تقدمت به مشكور الأستاذة كفاح بو علي في تقديمها للكتاب وأضعه هنا كما هو:

كتاب «أبحاث الطفولة» وما يتضمنه من دراسات علمية مترجمة، وكونه يعتني بالأحدث منها نجده مصدرا إثرائيا يمكن أن يعتمد عليه المربون الناشئون منهم، والخبراء لتطوير مهاراتهم التربوية لما تحمله هذه الأبحاث من كم معلوماتي هائل يساهم في إرشادهم وتوجيههم للطرق التي تساعدهم في فهم السلوك الجسمي، والعقلي، والاجتماعي، والانفعالي الذي يصدر من أبنائهم.

الأعمال الكبيرة تجلب نوعية مميزة من الأصدقاء، فمن الصديق الذي ساهم في الدفع بمسيرتك للأمام، وماذا عن دور الاهل؟

المبادرة كما ذكرت سابقا كانت شخصية بامتياز ولا تخلو من التشجيع بعد أن قطعت مشواراً لا بأس به من أصدقاء، للأسف لم أتلق تشجيع ظاهري يذكر من العائلة الصغيرة أو الكبيرة حتى الآن، غير أني أجد نفسي في مقام من يلزمه الشكر لهم على تحمّلهم إياي لانكبابي ولأوقات طويلة على هذا الجهد.

من هو القدوة لك، ولماذا اعتبرته كذلك؟

عندما تقرأ الأدب وأعني به ما ينشر من أوراق وكتب علمية، وتزور المكتبات وتقرأ ما يقابلها من حضور علمي في المجتمعات العلمية لأناس كثر، وتتطلع على مؤشر النشر لكل مؤلف h - index، وتقارن ما قمنا به قبالة ما قاموا به، تشعر بحالة من الخجل في نفسك وهذا بحد ذاته يمثل دافعاً وملهماً للعطاء، ويعضده أكثر ما تراه من ثغرات حاجة للناس تتوافر فيك القدرة على تجسير بعضها، فهذا يدفعك أكثر وهنا ترى قانون الدفع والجذب يدفعك ليأخذ دوره.

تم تكريمك في أكثر من محفل وحصلت على عدد من الجوائز، ما مصدرها، ومالذي تعنيه لك؟

أنا هنا استغل الفرصة لشكر الإخوة القائمين على فريق التواصل في الأحساء الذين كانوا أول من كرّمني على هذا النشاط، وأسجل امتناني للأخوة في جائزة البطالية على تكريمي بجائزة الإبداع والتميز، وشكري موصول للأخوة والأخوات في منتدى القرّاء لتكريمهم إياي للسبب نفسه،

كما أشكر الأخ العزيز رضا أحمد بكل ما للشكر من معنى وعمق على تجشّمه عناء تحرير عدة كتب لي، بعضها تم نشره والآخر في طور الإعداد، وكما أشكر الأخ المهندس العزيز سعيد الرمضان على تبرّعه الكريم وتصميمه لي صفحة على النت، ولاقت رواجاً في أوساط القرّاء ودفعت بإنتشار مقالاتي المترجمة كثيراً.

https://sites.google.com/view/adnan-alhajji

والتكريم يعني لي كما يعني لأي أحد، فبالنسبة لي هو تغذية استرجاعية feed back، وانعكاس لنظرة الناس وتقديرهم لما أقوم به مما يدفعني للإستمرار، ويحفزّني لحث الخطى على المزيد من العطاء، وبدونه لا يعلم المرء ما يعني عمله للناس، وقد يؤدي به للإحباط لا سمح الله في حال عدمه، وفي الحال هذا؛ قد يساعد بعضهم شغفه، ورؤيته الواضحة للمستقبل على المضي في عطائه سواءاً تم تكريمه أم لم لا.