آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

فراقٌ بطعمٍ آخر!

أفنان المهدي

*ماذا تعرفين عن الفراق إن لم تتشظّي وتنشطري وتحزني وتندمي مهما كان قرارك؟! * *لا تكتبي عن الفراق إلا عن ألم. *

كانت تلك نصيحة، قد نصحها صاحب صفحة الفيسبوك المعنونة ب «ربما ذات يوم»، لأحلام مستغانمي حينما عرف بعزمها على كتابة عمل جديد عن الفراق.

والذي قد أخذ غموضه اهتمامها؛ قبل أن تقرر إغلاق صفحتها الفيسبوكية لتتفرّغ لعملها الكتابي الجديد.

وعندما وضعت «بوست» في صفحتها لتخبر أحبّتها ومعجبيها ومتابعيها بذلك، استوقفتها كثيراً عبارته التي تساوق عباراتها في مؤلفها ”نسيان. كم“ فكانت أشبه بشرارة للفضول!

* «عمري خمسون لهفة، ميزتي الأنفة، وعلامتي الفارقة انشغالي بك، منذ سنوات أواعد روحك هنا، أتصفحك.. أتأملك.. أعايشك، لا تغيبي بذريعة الكتابة، ربما أخلفت رواية الأجمل، جئت سيدتي أهبك قُبلة النسيان!» *

القطة يقتلها الفضول، كما يقول الإنجليز، أما النساء فيقتلهنّ الغموض كما تراه صاحبة «ذاكرة الجسد» و«فوضى الحواس» وهي من صنفهنّ!

لن تدع لذلك المخلوق الشرّير - الغموض - أن يقتلها؛ فهمّت باقتحام صفحته متلصصة على كلماته وحروفه، فما إن اقتحمتها إلا وقد شعرت بتورطها، فلا يهدأ لها ساكن إلا وهي تبحر في عباب عنفوان كلماته وعباراته التي تشي بتحامله على النساء؛ وكأنه قد أُدمي قلبه بسبب واحدة منهنّ، حاولت تفكيك شفراته شيئاً فشيئاً، فتطوّر الحديث معه على مسنجر الفيسبوك، ووصل لطلب الاتصال لتسمع صوته وتقترب من معرفته أكثر، فنبرة الصوت - كما هو معلوم - ناجعة جداً في محاولة فهم الشخص، ارتياحه، انزعاجه، جزء من شخصيته.... إلخ.

ويا لهول ما اكتشفت!

إنه نفس الرجل، نفسه حبيب صديقتها التي عاشت الخيبة بعد قصة حب استمرت ثلاث سنوات، هو نفسه الذي بسببه ألّفت كتاب «نسيان. كم» مواساة لصديقتها ومحاولة منها لعلاجها بعد الفراق!

لا يهمني سرد تفاصيل ما خطته ابنة مستغانمي في مولودها «شهياً كفراق» - فالقارئ يستطيع الاستمتاع بقراءته -، يهمني الفراق كحالة إنسانية سيّالة عند الجميع، لا تخلو من كمد وألم، وانقباض وحسرة، سواء أتى بصورة فراق لا يد للإنسان فيه، كفراق الأحبة وانتقالهم للعالم الآخر للقائهم بمعبودهم، أو فراق قسري بسبب ظروف ما، كفراق حبيبين اتفقا على الزواج ولظرف مانع - عقلاني - افترقا، أو فراق عزيز اضطر للهجرة، وهذا شبيه بالقسر.

لا ريب ولا شك أنّ الفراق يشظّي ويقهر ويشطر، ويبدّل أحوال الإنسان، لكن *لِمَ في بعض حالاته يشتدّ أكثر فيجعل الكائن المفارق أشتاتاً؟ *

*هل لطبيعة الفراق الوجودية التي لا تأتي إلا بهذه المتلازمات؟! *

*أم لمتعلّق وموضوع الفراق ذاته دور كبير في ذلك؟! *

*لماذا حين يحين وقت الفراق لا يبقى شيء وله علاقة بالذكرى إلا ويأتي - حتى الأشياء التافهة التي لا تذكر حينها؟! *

*هل من الممكن أن نحوّل الفراق المرّ لفراق عذب شهيّ؟! *

*هل بالإمكان الوصول بعد الفراق لمثل تلك الحالة اللاأبالية في الشعر العراقي: معلّم على الصدمات قلبي؟! *

*كيف التخلّص من تبعات الفراق المؤذية والمستنزفة للروح؟! *

تلك، أسئلة مطروحة على طاولة التشريح قد نصل لإجابتها بالتدارس وبالعقل الجمعي و* «خير الناس من جمع عقول الناس إلى عقله». *