مُناجاة الذات للضمير
بداية في هذه المقالة دعونا نُعرّف ما هو الوعي؟
فالوعي بالنسبة لي على أقل تقديرٍ هو: مرحلة انتقالية من دائرة غفلةٍ أو جهلٍ إلى مرحلة فسيحةٍ من الرحابة بالتغير وتقبل الآخر بتوجهاته بكل احترام ٍ مُتبادلٍ.
لذا، على أي واعٍ أن يستنهض ضميره وفكره، وكل حركاته وسكناته؛ ف ”الاعتراف بالحق فضيلة“، كما ورد إلينا بصحاح التواتر المُشرعة أبوابها، والمُسلطنة أعتابها بالتقدير.
من هنا: ألا يجدر بنا أن نستلهم من الأقدار آفاقها، ومن الأخيار عمادها ومفادها؟!
وما زلت، ويزالون ويقولون: ”شكراً لمن استحضر وسائل التواصل الاجتماعي فيما بيننا“، فمنها كشف لنا المستور، وعنونة العبور؛ بالأخطاء الفادحة، والمضحكة للسرور المؤقت كما أفادتنا السور!
فمن كنا نراه بالأمس قمة أصبح رمة، وما أقسى الزمان، وما أعظم المكان، ”ويا الله حُسن الختام“.
أفواه يُبلورها المديح بكل جانبٍ، ولا تكاد مُناسبة رثائية أو فرحية تُجنح إلا وتسيدها هذا وذاك بالمديح، ومعاني «الرديح»، كيما يضمن الموقع ويتوالى المطلع، بالأكل من جُل «الأواني والصواني»؛ وحين تُباغته بالتعجب والسؤال: لماذا امتدحت العرض وأنت لا تعرف الطلب أي الممدوح البتة لا من أقواله ولا بأفعاله؟
يُجيبك بابتسامة مخملية، وترنيمة بهلولية، وألعاب بهلوانية باللهجة الشرقاوية: ”انحرجت أرده بالطلب لأنه بالأمس عازمنيه على وليمة دسمة، ودقيت دق“، والحال يتكرر لكل ناظرٍ بالعدسات المرهفة!
وفي الضفة الأُخرى يركن «التكاسي» بأفواههم، ولا تمر أي مناسبةٍ إلا وفي أوائل حضورها، وإن كانوا للقمة يمتدحونك «بتدسيم» الشارب، ويُجلجلونك «بالحش» فوق طاولة المآرب «للخبز الأحمر والكراعين»!
وما أكثر المياه الآسنة التي كشفها الدهر، وامتطاهم النهر، لعلية الصواري، وتطريزة المغاتير!
المُضحك والمُبكي في آنٍ، من يفرض وصايته عليك بالنطع السامق، والنخل الباسق، والاستعطاف المؤثر!
وحين تُوسده على ريش نعام تصرفه يستكثر هذا، ويستنجد بالمحيط لصالحه، فواعجب السؤال والنوال!
الحياة مدرسة، وأيُّ مدرسةٍ هاذي التي تقدمتها التجارب، وخاضتها العواقب، ووثقتها السوارب باتجاه البوصلة والمصير؟!
فذاك يُريدك كالخاتم، وهذا يُجيبك كالناهم، وتلك تُهديك العطر، وهاتيك ترميك بالبحر، وقس على هذا الترميز أعمارنا ما شئت!
البعض منا يدعي الذكاء «بالبقارة»، وذاك يترنح كالخيارة، وهذا يُطبل لكل راقصٍ بالأعواد، ووجه عبوسٍ للعباد.. فعلام نُضيع الهدف، وتُبروزنا الغرف!
أما نسير للتقديس الأعمى؛ فإذا ما توحدت المصالح تتابعت الخُطى، وكثرت الأعذار والمبررات!
أم يقودنا الإعجاب المُفرط، والذي يخون حال رأينا؛ باستشهاد قوارع الطريق، فرأيت الظاهر تكشف السرائر.. باستغلال واحتلاب كل نجاحٍ مارٍّ صوبهم، ونسبته بالذات للثبات، والخوف من كل منافسٍ مُستشرفٍ بالإدراك.
ختاماً:
الوعي أن أفهمك وتفهمني كالنهار، فكفانا همسة قولنا:
1
يممت جفن الحرف نحو بصيرتي
فأرحت رمش الشوق بالهمسات
وأنا شربت الحب حيث صبابتي
سام ٍ مع النجوى وفيه صلاتي
2
لا تلمني إنما الدنيا شتات
مثل ريحٍ سالها حب الحياة
جرد الأسياف من أغمادها
فعيون الحرف مالت للسراة