آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:07 ص

المرونة والاتزان النفسي

الشيخ حسين المصطفى

نسمع دائماً عن الشخصية المرنة، القادرة على التأقلم مع الطرف الآخر، وتقبل نقاط ضعفه وسلبياته، ومجاراته والتعامل معه بناءً على تلك الصفات والميزات.

وكلما ازداد وعي الإنسان بذاته، وكلما نجح بإدارة عواطفه ومشاعره، كلما حقق التوازن النفسي، وعندها يكون قادراً على استخدام كل ما لديه من مهارات لإنجاز العمل الذي يقوم به، ويصبح أكثر قدرة على الخلق والإبداع، وهذا مما يزيد في كفاءته ونجاحه، والتوازن النفسي يجعل الإنسان يعيش المرونة بشكل أفضل، وهذا يعني عدة أمور أهمها:

1 - كلما ازدادت المرونة كلما تحفز الدماغ على إنتاج أفكار جديدة وخيارات متعددة، ومعلوم أنَّ الفكرة الوحيدة «بدون بدائل» فكرة خطيرة.

2 - المرونة تزيد القدرة على اقتحام الجديد، واحتمال القلق الذي يسببه «الغموض الذي يحمله كل مجهول»، مما يجعلك أقوى في مواجهة الأوضاع الجديدة، ويجعلك أقدر على الاستفادة من أي مشكلة بشكل إيجابي.

3 - المرونة تجعلك تتحرر من المشي في الطريق الذي مشى به الغير، لتكتشف آليات ووسائل خاصة تؤدي إلى طرق جديدة ونتائج أفضل.

4 - تساعد المرونة على إعادة النظر في الأولويات، وإعادة ترتيبها كذلك كلما كان ذلك ضرورياً.

5 - المرونة تعطي الإنسان لياقة التعامل مع المستجدات والطوارئ بشكل فعّال، فلا يجد نفسه عاجزاً عن التفاعل الإيجابي مهما كانت الظروف صعبة أو خطيرة.

6 - المرونة لا تعني التخلي عن المبادئ والقيم والمعايير، بل تعني أن تتخلى عن عنادك وتصلبك ومثاليتك لكي تصل إلى تحقيق مبادئك.

ولكي تصل إلى ذروة العطاء والإنجاز، عليك أن تصل إلى أفضل توازن..

فالبعض يهتم كثيراً ببناء جسده، وينسى حاجات الروح وأهمية الصلاة..

والبعض ينفتح في العلاقات الاجتماعية الواسعة وينسى حاجات العقل والمطالعة.

والبعض يستغرق في الصلاة والعبادة ويهمل حاجات الجسد.

إنّ هؤلاء البعض لا يدركون - أو يتناسون - أهمية التوازن، فكّر في ما لو حدث خللٌ في أحد إطارات السيارة الأربعة، فإنّ الإطارات الأربعة جميعاً سوف تسير بغير اتزان، وكذلك الإنسان هل يستطيع أن يكون ودوداً «وهو من آثار القلب» إذا كان يحس بالإرهاق «وهو من آثار الجسد».

وبالعكس عندما تشعر بالحماس والتحفز والتناغم مع ذاتك «وهو من آثار الروح» سوف تكون قادراً على التركيز في دراستك بشكل أفضل «وهو من آثار العقل» وأن تكون ودوداً كذلك «وهو من آثار القلب».

إنك - تماماً - كالسيارة:

بحاجة إلى التزود بالوقود وتغيير الزيت من وقت لآخر.

بحاجة إلى الراحة لتسترد أفضل شيء حصلت عليه لنفسك «وهو نفسك».

بحاجة إلى الاسترخاء وإزالة التوتر ورفع الإجهاد.

بحاجة إلى وقت تعيش فيه التزكية والسمو الروحي والصلاة، ووقت تعامل فيه مع نفسك ببعض اللطف والعناية والحب... وهذا ما نقصده بالتجديد أو شحذ الهمة.