مستقبل الأعضاء الصناعية
مقدمة:
بداية يجب ان نفرق بين بعض المفاهيم الضرورية لكي لا تلتبس على القارئ، يجب التفريق بين طرف صناعي كاليد والرجل وغيرها، وبين عضو
يوجد عند الإنسان عدة أعضاء لا يستطيع أن يعيش من دونها، مثل القلب والرئتان والكليتان والدماغ والكبد، وغيرها، وفي حالة ضعف أحد هذه الأعضاء فإن الإنسان يمرض وعند تعطله يموت، فكان هذا سببا كافياً للعلماء أن يبحثوا عن الحلول التي تساعد الإنسان على العيش حتى ولو فقد أحد هذه الأعضاء.
بدأ العلماء بعمليات نقل الأعضاء من شخص الى آخر، وقد تتعجب أخي القارئ أن أولى محاولات زراعة الأعضاء تمت قبل عصر التكنولوجيا، حيث تذكر بعض المصادر أن الطبيب الصيني بيان شياو قام بعملية تبادل بين قلبين في محاولة منه لنقل قلب قوي من رجل ضعيف الشخصية الى رجل آخر قوي الشخصية لكن قلبه ضعيف، طبعاً التجربة باءت بالفشل، وأول عملية موثقة لزراعة عضو أجريت في العام 1837م وهي زراعة قرنية لغزال، بينما أول عملية ناجحة لزراعة قرنية للإنسان كانت في العام 1905م في جمهورية التشيك على يد العالم إدوارد زيرم، ومع تقدم العلم والتقنية تطور معها تقنية زراعة الأعضاء خصوصا الأعضاء الداخلية والتي تشكل صعوبة في التعامل معها، ولكن ظهرت عدة معوقات أدت الى اتجاه بعض العلماء الى منحى آخر غير عمليات نقل الأعضاء، من هذه المعوقات عمليات الإتجار بالبشر الغير شرعية التي تتم في العالم الثالث وتقوم بها عصابات سرقة الأعضاء بسبب ارتفاع سعر العضو، فالكلية مثلا تكلف الشخص ما يعادل 100 ألف جنيه مصري على أقل تقدير، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن التجارة الغير شرعية في تجارة الأعضاء تولد أرباحاً بين 600 مليون الى 1,2 مليار سنويا.
قلب صناعي:
رئة صناعية:
ومع ذلك فقد توصل العلماء الى صناعة رئة تحل محل الرئة البيولوجية باستخدام ألياف مجوفة تقوم بعملية التبادل الغازي، واستخدام قوة ضخ خاصة من أجل حركة الدم داخل الألياف، إلا أن المضخة المصاحبة لهذه الرئة ثبت أن لها أعراض جانبية تؤدي الى وفاة المريض في أغلب الأحيان، إلا ان الأطباء الألمان في جامعة ريجنزبورغ بقيادة الطبيب ميشيل رينج نجحو في تطوير رئة من دون مضخة، وتتألف هذه الرئة من أغشية في غاية الرقة تنفذ بينها الغازات وتستمد نفاذيتها من الضغط بين الشرايين والأوردة.
كلية صناعية:
أما بالنسبة للكلية فقد تم مؤخراً تصنيع كلية صناعية، وتم تجربتها في مستشفى ماساتشوستس الأمريكي على فئران التجارب والتي أنتجت البول بنسبة 23% لكنها انخفضت مع الوقت لتصل الى 5%، إلا أن العلماء يعتبرون ذلك بداية جيدة لمواصلة التطور في هذا المجال.
بنكرياس صناعي:
لذلك لجأ العلماء الى زرع جهاز خارجي يقوم بقياس نسبة السكر في الدم وضخ ما يحتاجه من الإنسولين.
ماذا عن الكبد؟.. قد يكون الكبد من أعقد الأعضاء لما يقوم به من مهام عديدة كالتخلص من السموم وتكسير الدهون وإفراز العصارة الصفراوية كذلك يقوم الكبد بتخزين السكر بعد تحويله لمادة أخرى، لذلك عند التفكير في صناعة كبد يجب الإلمام بكل المهام التي يقوم بها، يشير الدكتور هشام عبدالقادر استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد الى أن العلم تطور في هذا المجال تطوراً كبيراً خلال العقدين السابقين، حيث توصل العلماء الى جهاز يساعد الجسم على التخلص من السموم بشكل مؤقت لحين زراعة كبد بيولوجي، إلا أن الوصول الى البديل المؤقت تعتبر بداية موفقة لتطور هذا الجانب.
هل يمكن التعويل على الأعضاء الصناعية؟
المعوقات مازالت كبير، والطريق مازال طويل، ويمكن استشراف تطور هذا العلم من خلال ما توصل له العلماء من إنجازات.
فالبعض يرى أن انتاج أعضاء غير بيولوجية وزرعها في الجسم قد ينتج عنه مضاعفات كبيرة منها عدم تقبل الجسم لهذا العضو الجديد والغريب أيضا، علاوة على أن بعض الأعضاء لم يحدث فيها أي تطور يذكر، مثل زراعة الأعضاء التناسلية «الغير بيولوجية» وأقصد بذلك الخصيتين والمبيضين، وليس القضيب والمهبل. كذلك الأعضاء الأساسية مثل الدماغ والذي لا يمكن أن يضاهيه أي آلة أو جهاز، لذلك توجهت هذه الفئة من
كما استطاع العلماء أن يصنعوا جلداً صناعية «بيولوجي» من خلايا جذعية تمت زراعته في مرضى فقدو جلدهم بسبب الحروق وسرعان ما نمت هذه الخلايا مكونة جلداً جديداً. [4]
كما استطاع بعض العلماء اليابانيين بقيادة هيديكي تانيغوجي من جامعة يوكوهاما من وضع منهج يمكن بموجبه صنع خلايا الكبد باستخدام الخلايا الجذعية.
كل هذا التطور في الخلايا الجذعية يفتح الآمال الكبير أمام الكثير من المرضى الذين هم بأمس الحاجة الى زراعة أعضاء.
تقنية النانو وزراعة الأعضاء الصناعية:
بالرغم من حداثة هذه التقنية إلا أن العلماء المتخصصين في زراعة الأعضاء لم يستثنوا هذه التقنية من دراساتهم وأبحاثهم، ففي مصر أقيمت ندوة
الطباعة الثلاثية الأبعاد:
فمع تطور تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد استطاع العلماء توظيفها في تجارب طباعة الأعضاء الحية، حيث أكد العلماء أن العظم والغضروف
والتحدي الوحيد الذي واجه هذه التقنية هو إبقاء الأنسجة والخلايا «المطبوعة» حيةً لأطول فترة ممكنة خارج الجسم وذلك لافتقادها للأكسجين والأوعية الدموية خصوصا للأنسجة التي يزيد سمكها عن 0,2 ملم، لكن هذا لم يكن عائقاً امام الشركات والمستشفيات التي بدأت تتسابق في الإعلان عن توفر الأنسجة المطبوعة بالحبر الحيوي، وتعتبر شركة organovo من الشركات الرائدة في هذا المجال والتي أدرجت في بورصة نيويورك عام 2013م.
معوقات زراعة الأعضاء الصناعية:
1. التجارب لا زالت في بداياتها:
بالرغم من التطور الهائل في هذا المجال إلا أنه لازال من المبكر التعويل على الأعضاء الصناعية في الفترة الحالية خصوصاً للمرضى الحاليين، فالتجارب لازالت في بداياتها والعمليات التي تم إجراؤها للمرضى كانت بشكل مؤقت لحين توفر البديل الطبيعي، وكذلك فإن دراسة التأثيرات الجانبية تحتاج لمدة طويلة وأشخاص كُثر للتجربة عليهم.
2. صعوبة العمليات والتكلفة العالية:
فالأبحاث بصفة عامة تكلف اموالاً طائلة، مقارنة بالمدة التي سيعمل فيها هذا القلب، فقد ذكر طبيب القلب في مستشفى بمرونجراد الدولي في بانكوك إن عمليات زرع القلب الصناعي معقدة وصعبة جداً وصاحب القلب الصناعي لا يعيش أكثر من ثلاث سنوات ([8)]، علاوة على أن المريض قد لا يتمكن من توفير المبلغ اللازم لمثل هذه العمليات فتكون محصورة بأصحاب الثراء والذين يلجأون بالعادة الى شراء أعضاء من الفقراء بدلاً من الإتكال على عضو صناعي قد لا يدوم طويلاً
3. الأعراض الجانبية التي يتعرض لها المريض:
أغلب المشاكل التي يعاني منها المريض حال زرع العضو الجديد في الجسم هو مدى تقبل الجسم لهذا «الشيء» الغريب، فيلجأ الأطباء الى إضاف المناعة عند المريض من أجل تقبل الجسم لهذا العضو، ثم يتم رفع المناعة بشكل متدرج، المشكلة تكمن في الفترة التي تكون فيها المناعة ضعيفة، حيث يكون الجسم في أضعف حالاته ولا يستطيع مقاومة الميكروبات المختلفة.
ختاماً لازالت الأبواب مفتوحة أمام الدراسات الحديثة المرتبطة بالأعضاء الصناعية.. وأظن أنه خلال العقد القادم سنشهد افتتاح معامل لتصنيع الأعضاء حسب الطلب، وطابعات تنتج ما نصممه من أعضاء بمجرد الضغط على زر طباعة.