آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

كيف تصبح الأرشفة الإلكترونية هدرًا؟

أمين محمد الصفار *

تتباهى بعض الأجهزة الحكومية - ويحق لها ذلك - ببعض الإنجازات التي تسّطرها على صفحات الجرائد بين فينة وأخرى، فتسهب في تعداد مزايا وفوائد هذه الإنجازات باستخدام الكثير من المصطلحات الحديثة وغيرها، فيستبشر الجميع خيرًاويرقص طربًا بتلك الانجازات، لكن عند التدقيق - احيانًا - نكتشف أن هذا الإنجاز قد يصل لأن يكون إنجازًا وهميًا، أو ربما كان خطًأ كبيرًا وهدرًا للمال العام.

خبر قيام بلدية القطيف بارشفة أرشيف إلكترونيًا كما في الرابط أدناه

https://jhna.co/42807

ذكرني بحوار سابق قبل خمسة عشر سنة تقريبًا، كنا في اجتماع عمل نتبادل فيه الحديث عن أفضل طريقة للارشفة الإلكترونية، وقبل الحديث عن الحوار أود البدء بمقدمة عن الأرشفة الإلكترونية.

الأرشفة في السابق كانت تعتمد على تقنية الميكروفيلم والميكروفيش، هاتان التقنيتان كانتا في فترة سابقة قفزة نوعية في الأرشفة الإلكترونية، ولكن مع قدوم التقنيات الرقمية تطورت الأرشفة في الشكل والمضمون، وأصبحت جميع التقنيات السابقة كلها من الزمن الماضي، لدرجة ان هناك صعوبة لدى بعض الجهات في استرجاع والتعامل مع الوثائق التي كانت محفوظة باستخدام تلك التقنيات القديمة.

فمن حيث الشكل اعتمدت الأرشفة الرقمية على الاهتمام بارشفة مضمون الوثيقة اولاً وليست صورة الوثيقة نفسها. فيكفي أن تكون بيانات الوثيقة - وليس الوثيقة - محفوظة على شكل قواعد بيانات، مع إمكانية طباعتها بأكثر من شكل أحداها على شكل الوثيقة الأصليةنفسها.

اما من حيث المضمون، فقدت اهتمت الأرشفة الرقمية بألا يكون ضمن الإجراءات الإدارية المتبعة حاجة ماسة لطريقة الأرشفة التقليدية، وأن تكون الإجراءات الإدارية داعمة لها، فتكتفي بارشفة بيانات الوثيقة فقط دون حاجة لتصوير  الوثيقة نفسها.

عملياً، إلى الآن لم تتطور الإجراءات الإدارية خصوصًا في الأجهزة الحكومية ليصبح ممكناً الاستغناء عن حفظ الوثائق عن طريق تصوير الوثيقة بنسبة 100%. لذا يتم الاعتماد على قاعدة 20/80 كمعيار لتقييم التقدم الإداري في هذه الناحية، أي أنه يمكن قبول ما معدله 20% من الوثائق تحفظ بالطريقة التقليدية «تصوير الوثيقة»، مقابل تحول 80% من الوثائق إلى الأرشفة الرقمية «حفظ بيانات الوثيقة فقط بدون تصوير الوثيقة» مع إمكانية الطباعة بشكل الوثيقة المطلوب.

أن الأرشفة الرقمية تجعل الوثيقة في صورة أوضح لكنها تشغل مساحات كبيرة من الذاكرة ووسائط الحفظ، مما يجعل الاعتماد على حفظ الوثائق بنفس الإجراءات القديمة أكثر كلفة وأطول مدة في التنفيذ.

لكن الميزة  الأهم للأرشفة الرقمية هي في ربطها بإجراءات إدارية متقدمة أكثر مرونة وسرعة وفعالية للمستخدم وقبله المستفيد النهائي وهو الجمهور، فتصبح عملية الأرشفة طريقة جديدة للعمل، وليس مجرد نقل نفس الطريقة التقليدية بكل عقلياتها وسلبياتها لممارساتها مرة أخرى  باستخدام تقنية واجهزة جديدة!،   أن استشعار الناس بإنجازات أي جهاز حكومي هو المقياس الأساس للنجاح وليس ما تسطره على صفحات الجرائد.

انتهى المقال قبل الحديث عن الحوار لكن كلي أمل وتطلع  في أن تكون خطوة البلدية في الأرشفة قد أخذت بهذه الاعتبارات وأكثر لتحقيق رضا المستفيدين من خدماتها وحفظًا للمال العام.