باحث يطالب المجتهدين بتحدي أنفسهم... ويؤكد: التراجع الحضاري سبب قلتهم
طالب باحث في الفكر الإسلامي المجتهدين بتقديم أنفسهم وإثبات وجودهم؛ مشددا على ضرورة التغلب على الحالةالنفسية وتحويلها إلى تحدي واستجابة.
وقال الكاتب والباحث زكي الميلاد أن بعض المجتهدين لا يقدمون أنفسهم بأنهم مجتهدين؛ وينبغي لهم التغلب على هذه الحالة وإثبات انهم قادرون على الإنجاز مثلما ينجز الآخرون.
وعلل الشيخ الميلاد في الأمسية التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي بعنوان «الحداثة والاجتهاد.. نحو مقاربة فكرية ومنهجية» ضعف حركة الاجتهاد بالتراجع الحضاري؛ مشددا على أن مرحلة النهوض الثقافي الاجتماعي كانت السبب في ظهور المجتهدين في المجالات المعرفية المختلفة.
وأوضح أن الأفكار الحديثة «لا تولد ولادة سهلة أو طبيعية»؛ مؤكدا على حاجتها إلى خلق نوع من الحراك والزمن حتى تكون قادرة على غرس ذاتها.
وأضاف: «أن الأفكار الحديثة لابد أن تحافظ على شجاعتها وحداثتها ولا تتأثر بالضغوط والصراع حتى تثبت وجودها».
وأشار إلى أن الأفكار الحديثة لا تستطيع تشكيل وجود إلى نفسها؛ إلا حينما تساهم في الارتقاء بالمجتمع حتى يتقبلها.
وأوضح أن أطروحة المقاربة بين الحداثة والاجتهاد تستند على أساس وموضوع فكري معرفي لافتا إلى أنها تعد من المقاربات الفكرية والمعرفية الجادة والتي تشمل على إثارة الدهشة والطرافة وحسن الابتكار.
واوضح أن مفهوم الحداثة يعد من أكثر المفاهيم حيوية وأهمية في المجال الغربي، فهو المفهوم الذي يفسر تاريخ تطور تجربة التقدم الغربي، بكل فتوحات هذه التجربة واكتشافاتها وإنجازاتها في الميادين كافة.
ومضى يقول: بينما يعد مفهوم الاجتهاد من أكثر المفاهيم حيوية وأهمية في المجال الإسلامي، فهو من المفاهيم التي ابتكرته الثقافة الإسلامية.
وشدد على أن الاجتهاد هو المفهوم الإسلامي الذي يعادل مفهوم الحداثة عند الغرب، لأنه يعبر ويتمثل العناصر الأساسية المكونة لبنية مفهوم الحداثة، وهي عناصر جوهرية تتمثل في العلم والعقل والزمن.
وبين الباحث الميلاد أن مايعترض هذه المقاربة، هو أننا أمام مفهوم يكاد يكون منطفئا هو مفهوم الاجتهاد، أو هكذا يبدو، فهو المفهوم الذي أعلن إغلاق بابه منذ وقت مبكر في سيرة المدرسة الإسلامية السنية، في مقابل مفهوم متقد وحيوي وفعال هو مفهوم الحداثة.
واشار إلى أن الحالة الفكرية والحضارية الراهنة تجعل من الصعب تخيل هذه المقاربة، وإعمال الخيال فيها، وجعلها في دائرة البحث والنظر، ولفت انتباه الآخرين من خارج مجالنا الفكري والحضاري إلى مثل هذه المقاربة، وتقريبها إلى دائرة البحث والنظر عندهم.
وشدد على أنه لا يهدف إلى خلق ثنائية جديدة، إلى جانب الثنائيات القلقة والسجالية في الخطابات العربية والإسلامية المعاصرة، وهي ثنائية الحداثة والاجتهاد، وإنما إعادة الاعتبار لمفهوم لا يقل قيمة وفاعلية عن مفهوم الحداثة، وهو مفهوم الاجتهاد.
ونوه أن الحكمة من المقاربة بين الحداثة والاجتهاد هي التأكيد على قدرة اكتشاف النفس؛ مشيرا إلى أن الحداثة تكتشف من الداخل وليس من الخارج.
وأضاف: أن هذا لا يأتي لإلغاء مفهوم الحداثة؛ وإنما يعني التواصل الفعال مع الحداثة في أفقها الإنساني.
يذكر ان الندوة صاحبتها فعاليتان أولاهما المعرض التشكيلي للفنان ميرزا حسين الصالح أحد فناني الرعيل الأول الحائز على العديد من الجوائز التقديرية والأوسمة، والذي مثل المملكة في العديد من المعارض الخارجية.
والثانية مشاركة محمود الدبيس الذي قدم تعريفا بمبادرة ”معارف مقروءة“ كمشروع ثقافي يهدف إلى خلق بيئة مشجعة لقراءة الكتاب عن طريق الاستماع لمقاطع نصية قصيرة في شتى مجالات المعرفة ضمن هندسة صوتية متقدمة.