”الزعطة“ والعمل الاجتماعي
هي ظاهرة، استشر لظاها في العمل الاجتماعي، ألا وهي ”الزعطة“ بشقيها الظاهري والمُبطن. - الزعطة -، في وجهتها العامية، كدلالة تشير إلى التباهي واستعراض ما يُراد استعراضه للآخر - المُتلقي -، على حد سواء، أكان التباهي، يحاكي مقومات أو كفاءات أو عمل، تتمتع بها الشخصية أم تباهي بلا مقومات أو كفاءات أو عمل. وعليه فإن التباهي لدى السالكين في التربية الأخلاقية، أمر لا يُراد، ولا يكون هدفًا سلوكيًا.
إن اتباع - الزعطة -، كسلوك تعاملي بين مكونات العمل الاجتماعي، ميدانيًا أو ثقافيًا أو إعلاميًا أو إداريًا، هي مقدمات فشل لا تنتج إلا الفشل. ثمة أمر يُعد طبيعيًا في الذات البشرية، التي تتعلق بالانتماء إلى المجتمع، وصولاً إلى المؤسسات الاجتماعية والثقافية والإعلامية والإدارية، أن يهفو - الإنسان - إلى المشاركة في خدمة المجتمع من خلالها، نظرًا لحبه إلى الخير والصلاح. وعليه فإن مراعاة حرفية ما تقدمه ودقتها، تحتاج إلى أمور كثيرة، حتى لا تكن الآثار السلبية محل ابتلاء واقعي، ليفقد المجتمع ثقته فيها.
هنا ليس من المنطق بمكان الدخول في ”النيات“، ولكن للآخر - المُتلقي - كل الحق بالدخول في ما يبزغ في الأفق، ليغربلها المعطيات والكيفية، لأنها تتعلق وترتبط بالمجتمع، المجتمع الذي يتفاعل سلبيًا وإيجابيًا، مع المُخرجات، كثقافة عمل في خدمة المجتمع. قال الكاتب والناقد المسرحي عباس الحايك: قد تكون قاعدة أو نظرية، لكن أنا متيقن أن أكثر من يكثرون في الكلام والتنظير لا ينجزون، الصامتون ينجزون. لذا فإن العمل في زواياه المختلفة الألوان، تبعث حالة التأمل، لجدية ونوعية ما يُقدم، حيث أن - الصامتون ينجزون -، إنجازاتهم وأعمالهم لها شفتان تتحدثان، لا أن تكون - زعطة - في كل أمر واتجاه، وقال الحايك من جهة أخرى، ليمنحنا خلاصة تجربته: تعلمت كيف تكون عيناي كشافًا، ورأسي خزانة، وصدري مستودعًا، ويداي سراجًا.
في تدشين لجنة - الزواج الميسر - مؤخرًا في جمعية مضر الخيرية، أبحرت في كلمة رئيسها السيد محمد جواد آل السيد ناصر، الذي أكد بأن نافذة قلوبهم وعقولهم مفتوحة قبل أبوابهم، لكل نقد واقتراح واستشارة من أبناء المجتمع، سعيًا في تقديم الخدمات في شكلها الأبهى. ولست مجاملاً حين أقول بأني لمست هذه الثقافة والتعامل، ملامسة واقعية من خلال التواصل العملي معه، لم أراه إلا متواضعًا، مصغيًا لهذا الكبير وذاك الصغير، مهتمًا بتدوين الملاحظات في دفتره الصغير، الذي لا يُفارق يديه وجيبه. وعليه فإن العامل في المجال التطوعي، حين يتخذ من الغرور والتباهي - الزعطة - سبيلاً، سيفشل، والمثقف، حين ينام على وسادة الشهرة طمعًا وهدفًا، سيُفقد كلماته معناها ودلالتها الصادقة، حينها سيفشل، والإعلامي الذي يترنم زهواً، لشهرة تفتقد قيمها وقيمتها، سيفشل، والإداري الذي لا هم له سوى الرقص على معصمي الشهرة، سبيلاً سيفشل.