سيكولوجية الاحتساب ورمضان
منذ اليوم الأول لشهر رمضان نلاحظ خروج كثير من “المحتسبين” ليجوبوا شوارع المدينة والمجمعات التجارية، باحثين عن “الأجر” في وجوه المتبرجات، والممتنعين عن أداء الصلاة المتسكعين في المجمعات.
وكلما حاولت الهيئة تحسين صورتها بوضع نظام يجعلها قريبة من عموم الناس، وبعيدة عن تلك الصورة النمطية التي أصبحت مكرسة في الخارج قبل الداخل. تلك الصورة التي ثبتت في ذهن المواطنين نهاية الثمانينيات وما نسميها مرحلة بسط النفوذ الديني على بقية التيارات التي كانت تعيش في المنطقة، حينها أصبح الاحتساب سيكولوجية لعديد من المواطنين أو المقيمين، أقول كلما حاولت الهيئة تحسين صورتها النمطية، نجد أن هناك سلوكاً معيناً يحوّل الدين إلى أنموذج من المحاسبة، متناسين أن الدين يسر وليس عسراً، كما نلاحظ أن تلك الصورة التي تحاول الإدارة العامة تغييرها في ذهنية المواطن يأتي لها “محتسب” متهور يودي بحياة أسرة إلى التهلكة كما حدث في الباحة، والمدينة والرياض. قصص لا تنتهي، ولكننا نلحظ أن القيادة العليا للهيئة تحاول الحد من هذه السلوكيات والتصرفات، ذاهبة إلى وضع قوانين وتشريعات تقنن من خلالها رؤية رجال الحسبة، الذين أوغلوا في ممارسة أدوارهم ذات يوم وأصبحوا يحاولون أن يسيروا الناس على طريقتهم.
نجد بعضهم اليوم يمارس الدور الحضاري في طريقة التعامل، ولكن كثيراً منهم أصبح يعاني بداخله من فقدان تلك السلطة والهيمنة التي حصل عليها بمجرد انتمائه لرجال الحسبة، واستدعاء من يريد بقوة القانون لكتابة تعهدات بعدم تكرار بعض هذه الأفعال.
لقد حان الوقت لأن تعود الأجهزة إلى مواقعها الحقيقية فكل يزاول مهنته، بدون أن تتداخل المهام، حيث إننا نملك رجال أمن يستطيعون الحفاظ على أمننا وأكثر وعياً بالمخاطر التي تحيط بنا. وكان كثيرٌ منهم يتطوعون ويبادرون للقيام بمهام رجال الحسبة، حتى صدرت قرارات بإيقاف التعامل مع المتطوعين منهم والبحث عن هويته كموظف في الهيئة.