أحضروا الضب للقطيف..!!
هل صادف أن قارنت بيئة القطيف الزراعية بالحياة الفطرية فيها مع بيئات مناطق المملكة الزراعية والبرية. المقارنة بسيطة لوضوحها لكنها كبيرة لفداحتها، وعميقة في تمثيلها لهويتنا، في ظل أن الجهات الرسمية ترفض الالتفات. الفرق شاسع فقد بات واضحاً أن مقدرات الواحة البيئية تستباح بشكل رسمي، إن الرقابة تغمض عينيها...!!
التساؤلات يشيب لها الرأس في حجم المحاولات الحثيثة أن تكون القطيف محمية طبيعية دولياً إلا أن الجهات الرسمية رفضت.
على أن ذلك يعد فادحاً جداً، حين نعلم أن على النطاق الصحراوي تعتبر الحياة الفطرية مقدسة جدا، فالاهتمام واضح بحيوان الضب، إذ أن الجهات الرسمية تفرض الغرامات على من يصطاده مفادة الخوف من انقراضه، فإذا قتلت ضب سيتم تغريمك بالسجن شهر، وحين تقتل حاضنة فطرية كواحة القطيف، يعيش فيها الكثير البرمائيات والطيور تُضرب الأنظمة البيئية عرض الحائط...!!
ماهي المبررات حين نعرف أن خشب شجر الغضا أخذ البدو عليه عهودهم بصون هويتهم المعلومة به وتقام له المهرجانات والمحميات والمعارض والمتنزهات، فيُمنع التمدد العمراني أو يردم أو يفتح شارع على مواقع تجمعه، المنطق لا يستسيغ أن يرفع شأن شجر الغضا في الصحاري، وبالقطيف تخسف ثرواتها من شجر المانجروف، لا استنقاص لفائدة خشب الغضا في التدفئة، وفي الجانب الآخر تقع ضرورة المانجروف لفلترة بيئتنا المحتاجة في ظل التلوث المشهود وثرواتنا السمكية التي انحفض انتاجها في حين لا تعطي الجهات لتلك الأهمية أي اعتبار.
حين أن المناظر الريفية لدجاج الماء على المصارف الزراعية لم تعد حاضرة في واحة القطيف، وإن صودفت في جوانب المزارع والبساتين لم يلتفت لها، والتي قضي على بيئتها الحاضنة ”السدود“ وصارت آيلة للانقراض. وأن طيور الساحل القادمة من أقاصي العالم لم تعد القطيف محطة لها في هجرتها ومواسمها بالشكل الكثيف والمعهود، حتى التي كانت تقصدنا للتكاثر فيها، بعد أن ردمت السواحل وتقلصت رقعة المانجروف. وكذلك حيوان ”العُريس“ الذي انقرض بسبب فقده الحاضن الطبيعي لبقائه وتكاثره، والذي يعتبر حلقةٌ بيئيةٌ مهمّة من السلسلة الغذائية في الطبيعة الريفية الشرقية، وهذا ينذر بكارثة بيئية مستقبلية. وما ذكر مجرد أمثلة لا تزايد بها على غيرها..!!!
الأغرب والأمر حين يصرح وزير الزراعة قبل عدة أعوام بتسهيل تحويل بساتين القطيف لمخططات سكنية مخالفاً للمواد والأنظمة البيئية، في حين أن أمانة الأحساء تمنع التمدد العمراني عليها. وحين تنشأ مبادرات وحملات لها عمق استيراتيجي في حماية البيئة أهلياً فتوأد إذ ترفضها الجهات الرسمية وتسن التعهدات عليها..!!
ويصل الأمر إلى أن ترفع الدراسات الأهلية بجهود فردية أو جماعية وليس حكومية، على الرغم من أن ذلك يعد دور مناط للجهات المسؤولة، وباعتبار أن هدف القائمين على تلك الدراسات هو لتحذير الجهات من كوارث بيئية، أو لفت انتباه رقابتها الغائبة عن البيئة للتعديات والمخالفات التي تهتك مقدراتها، وكان من الأولى أن تقوم هي - أي الجهات المسؤولة - بعمل تلك الدراسات واسترعاء الاهتمام.
حتى صار التمادي ملحوظاً في قتلها للبيئة أكثر وأكثر دون تحريك ساكن، والأدهى أن تكون أمانة الدمام التي تدخل القطيف في نطاقها الإداري يكتشف وبتوثيق مشهود بالصور والفيديوهات أنها أحد الجهات التي تدمر البيئة في مساهمتها تلويث الأراضي بالنفايات.
ربما علينا أن نحضر الضب للقطيف حتى تأتي رقابته معه..!!