آخر تحديث: 23 / 4 / 2025م - 7:57 م

أسيرة

يسرى الزاير

ها أنا ذا من حيث أدري أو لا أدري أحاول توطيد الصداقة مع تلك الساكنة نفسي، قد قررت ذات أمسية أن أسكب في القريب العاجل كل ما يجول بخاطري على الورق أترك روحي تحدث قارئي عن حكاية أسيرة ضفائر طفلة عربية.

أشعر بأني كنت وما زلت أسيرة ذاتي مكبلة بضفائر طفولتي الطويلة... يستهويني الشرود إلى عالم بعيد كان يغني بهدوء، فيملأ الدنيا حبوراً.

هناك محطات في حياتنا تنذرنا بقرب نهاية أجمل مشاوير العمر…

محطات ترغمنا على إعادة النظر في أنماط حياتنا استعداداً لبداية أخرى أكثر نضجا ومرحلة تلفها ملامح العزلة والهدوء.

لأجل المستقبل أصغي جيداً لصوت الحكمة بعقلي فهو من سوف يرسم خريطة مشاعري وليس العكس.

لقد اقتربت البداية وكما كل عام لا أبالي كثيراً بما خسرت؛ حيث إن الخسارة الوحيدة ليست سوى فترة زمنية تقربني بصورة ما للرحيل الأبدي الحتمي، الذي قد يطول أو يقصر فهو في علم الغيب سائلة الله حسن الخاتمة.

ما يعنيني ويشغل بالي فعلاً مع نهاية كل عام هو إيجابية ما مضى، المؤثرات والمتغيرات التي طرأت بداخلي.

المكاسب التي عادت على، المدهشات التي أحدثتها عوامل التعرية البشرية على أحاسيسي وعقلي.

المدهشات!؟

وماذا تعني لي بعد أن اكتشفت منذ أيام في أواخر هذا العام بأن الصدمة أيضا قد تحدث دهشة.

وأنا طالما ظننت أن الصدمة وليدة مأساة. أما الدهشة وليدة فرح.

حتى علمني الواقع أن الحياة لا تعرف ترتيب المشاعر.

هي فقط تطرح في طريقنا شتى أصناف البشر بمختلف الصنوف، وتقوم المواقف والصدف بتعرية الطيب من الخبيث، فكل إناء بما فيه ينضح.

فقد تصدم لأمر طالما ظننته شراً وإذ به الخير كله.

وقد تصدم لأمر متوقع مسبقاً سوءة، إنما لشدة فداحة صدمته تخرس من هول الدهشة.

كما أنه قد يأتيك الفرح على صورة صدمة، حين يأتي من الشخص غير المتوقع.

لذا يجب أن نقدم لأنفسنا ما يليق بنا ويبهج أيامنا.

بعيداً عن الناس بخيرهم وشرهم، يبقى الإنسان وحده يصارع ليله ونهاره، نوره وظلامه.

إذ كل شخص يكمن داخله عالماً وجدانياً خاصاً به وحده.

ذاك العالم الوجداني هو ما يرفع صاحبه بلحظة إلى قمة التفاؤل والفرح ولحظة أخرى يطمسه في قاع اليأس والحزن.

قد تسترسل بالفكرة، إلا أنها غالباً لا تكتمل كي لا تموت.

وكأننا نتشبث بأفكارنا خشية فنائها.

عاد العام وحين عاد قلت له:

عدت يا يوم مولدي، ما أسرع الزمن!

تطوي الأيام أعمارنا، ويلتهمنا الوقت التهاما، وعلى غفلة منا نجدنا على رصيف النهاية شبه غرباء إلا من ذاكرة بالكاد تذكرنا بما تخبئه أرواحنا من ملامح كانت لنا وأمست تشبهنا.