متخصصون: صعوبة العودة للروتين بعد الإجازة ظاهرة نفسية.. وهذه طرق تجاوزها

تُعرف صعوبة العودة إلى الروتين اليومي بعد إجازة طويلة في علم النفس بـ ”اكتئاب ما بعد الإجازة“، وهي حالة تنشأ نتيجة التباين الكبير بين حرية الوقت أثناء الإجازة والضغوط اليومية المعتادة.
وفي هذا السياق، أوضحت تيريزا إنديرا أنداني، الأخصائية النفسية الإكلينيكية وخريجة كلية علم النفس بجامعة إندونيسيا، أن الكثير من الناس يتوقعون أن تجلب الإجازات شعورًا بالسعادة يدوم طويلًا، لكن الأبحاث تشير إلى أن هذا التحسن في المزاج غالبًا ما يتلاشى بعد وقت قصير من العودة إلى الالتزامات اليومية.
وقالت تيريزا، في تصريح لها يوم الجمعة 4 أبريل 2025: ”من الشائع أن يشعر الناس بعد الإجازة بحالة من الخمول، وفقدان الدافعية، أو حتى التوتر عند العودة إلى العمل أو الدراسة. هذا أمر طبيعي، نظرًا للفجوة الكبيرة بين أجواء الاسترخاء خلال العطلة ومتطلبات الحياة اليومية“.
وأشارت الأخصائية النفسية إلى أن التأثير الإيجابي للإجازات غالبًا ما يكون مرتبطًا بزيارة أماكن طال انتظارها، أو لقاء أفراد الأسرة البعيدين، مما يمنح الأشخاص شعورًا بالسعادة والرضا.
وأضافت أن الإجازات تمنح شعورًا بالحرية والاستكشاف والمرونة، وهو ما يتناقض تمامًا مع القيود والانضباط الذي تفرضه الحياة اليومية.
وتابعت: ”الإجازات تمنح دفعة قوية من الحماس، خصوصًا عندما تتضمن زيارة مكان طالما حلم به الشخص، أو لقاء أحبائه بعد غياب. وعند انتهائها، قد يشعر البعض بفراغ عاطفي أو حتى فقدان“.
وأشارت إلى أن الإرهاق الجسدي الناتج عن السفر الطويل أو اضطرابات النوم بسبب تغير التوقيت، إضافة إلى تراكم المهام المؤجلة، يمكن أن يعزز من شعور الكآبة بعد العودة.
ورغم أن هذه المشاعر عادة ما تكون مؤقتة وتختفي خلال أيام قليلة، إلا أن تيريزا حذّرت من أنها قد تتطور، في بعض الحالات، إلى اضطرابات نفسية أكثر خطورة مثل الاكتئاب أو القلق أو الإنهاك النفسي.
ومن العلامات التي تستدعي الانتباه: صعوبة التركيز المستمرة، القلق أو الحزن المفرط، اضطرابات النوم، تغيرات كبيرة في الشهية، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية.
وأكدت الأخصائية، التي تمارس عملها في عيادة فاجرا غانداريا بجنوب جاكرتا، على أهمية طلب المساعدة النفسية عند الحاجة، قائلة: ”إذا استمرت هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين، وأثرت على القدرة على العمل أو الدراسة أو التفاعل مع الآخرين، فيُنصح بشدة باستشارة مختص في الصحة النفسية مثل الأطباء أو الأخصائيين النفسيين“.
مع نهاية إجازة عيد الفطر، عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تعكس مشاعر ثقيلة واكتئابًا لدى كثيرين مع العودة للعمل والدراسة، في ظاهرة باتت تُعرف مجتمعيًا بـ ”اكتئاب ما بعد العيد“.
وكتب عبد الله، أحد المستخدمين، بتفاؤل: ”العودة للدوام ليست نهاية الراحة، بل بداية جديدة لتحقيق الأهداف والطموحات“، بينما قالت شروق: ”مشاعر العودة للدوام بعد الإجازة مشاعر سيئة جدًا“.
وعلّق جمال: ”منذ الصغر حتى الآن، يظل يوم العودة للدوام مرهقًا“، فيما عبّر طارق بشكل أكثر تفصيلًا عن حالته النفسية قائلًا: ”تحس إنك تايه ومخنوق، وتنام كثير، وقلقان، ولا نفسك تعمل حاجة، وخلقك ضيق، وسرحان دائمًا في اللا شيء“.
وتعليقًا على هذه المشاعر، قال المستشار والمتخصص في التدريب المباشر أنس الجعوان: ”غدًا تعود الحياة الدراسية والعملية، وتُفتح أبواب جديدة للتطوير والنمو، لنستقبل الأسبوع بطاقة إيجابية ونية صادقة للإنجاز والتقدّم. كل بداية تحمل معها فرصًا عظيمة، فقط كن مستعدًا لها“.
من جهتها، أوضحت صحيفة ”عكاظ“ في تقرير لها أن من أبرز أسباب هذه الحالة النفسية الانتقال المفاجئ من الانبساط الاجتماعي إلى العزلة أو ضغط العمل، إلى جانب تراكم المهام المؤجلة، والتأمل في تفاصيل الحياة بعد انتهاء لحظة كانت تمثل هدنة من الانشغال. وأضافت أن خيبة التوقعات من أجواء العيد تسهم أيضًا في خلق شعور بالهبوط النفسي.
ولتجاوز هذه الحالة، أوصى التقرير بالعودة التدريجية إلى الروتين، وتحديد مهام قابلة للإنجاز، وممارسة أنشطة خفيفة مثل المشي أو الرياضة، مع تنظيم النوم والتغذية، ووضع أهداف جديدة تُحفّز الفرد بعد العيد.
وفي السياق ذاته، أوضح استشاري الطب النفسي الدكتور إبراهيم حمدي أن ”متلازمة ما بعد الإجازة“ هي حالة نفسية مؤقتة يشعر فيها الشخص بالضيق وقلة الحماس وصعوبة في العودة إلى الروتين بعد الإجازات، ويعود سببها إلى الانتقال المفاجئ من الراحة إلى الالتزامات.
وعن كيفية تعديل النوم بعد الإجازة، نصح الدكتور حمدي بعدة خطوات، منها: تقليل وقت السهر تدريجيًا بمقدار 15 إلى 30 دقيقة يوميًا، التعرض لضوء الشمس فور الاستيقاظ، وتجنب الكافيين بعد فترة العصر، الامتناع عن القيلولة الطويلة ”أكثر من 30 دقيقة“.
وأوصى أيضًا باعتماد روتين مريح قبل النوم يشمل الهدوء والقراءة والضوء الخافت، واستخدام الميلاتونين بجرعة تتراوح بين 3 إلى 6 ملغ، أو أدوية النوم بإشراف طبي.
وأكد حمدي أن التدرّج في العودة إلى الروتين، إلى جانب ممارسة نشاط محبب، من أفضل الطرق للتأقلم وتخفيف أعراض هذه المتلازمة المؤقتة.