البرواز
في كل عيد، نرفع هواتفنا كما لو أننا نحاول الإمساك بالزمن قبل أن ينفلت.
بضغطة زر، نخلّد اللحظة، لكن سرعان ما تذوب صورنا وسط آلاف اللقطات الرقمية، متوارية خلف ذاكرة إلكترونية لا تعيد لنا حرارة المشهد. هذا العيد، حدث شيء مختلف. ابن أختي، بكاميرته الفورية، أوقف الزمن بطريقة كنا نظنها من الماضي. بدلاً من أن تختفي اللقطة في أرشيف غير مرئي، وُلدت بين أيدينا، ملموسة، نابضة بالحياة. رأينا الحبر يتشكل ببطء، كما لو أن اللحظة تستيقظ مرة أخرى أمام أعيننا. في زمن تتكدّس فيه الذكريات داخل شاشات بلا روح، كانت تلك الورقة الصغيرة تذكارًا حيًا بأن الفرح الحقيقي لا يُحفظ في سحابة رقمية، بل في لحظة نشعر بها ونلمسها.
يقول هنري كارتييه بريسون: التصوير هو وضع رأسك وعينك وقلبك على نفس المحور.
تاريخ التصوير الفوتوغرافي
بدأ التصوير مع «الغرفة المظلمة» -Camera Obscura-، التي استخدمها العلماء لملاحظة انعكاس الضوء على الجدران عبر ثقب صغير. في عام 1826، تمكن جوزيف نيسيفور نيبس من التقاط أول صورة دائمة باستخدام لوح مغطى بمادة حساسة للضوء، وفي 1839، طور لويس داجير تقنية «الداجيروتايب». تطور التصوير مع مرور الوقت ليصبح متاحًا للجميع عبر الهواتف الذكية والكاميرات الرقمية.
كيف تؤثر الصور على الذاكرة؟
الصور تمثل أداة قوية لاسترجاع الذكريات وتعزيز الذاكرة العاطفية. وفقًا لنظرية «التشفير المزدوج»، يتم تخزين المعلومات باستخدام النظامين اللفظي والبصري، مما يجعل الصور أكثر تأثيرًا في استرجاع الأحداث. كما تُستخدم الصور في العلاج النفسي لمساعدة الأفراد في التعامل مع مشاعرهم.
الصور ليست مجرد توثيق للحظات، بل هي وسيلة للاحتفال بالحياة. لتحويل لقطات العيد إلى لحظات مبهجة، يمكننا التركيز على العفوية وطباعتها لإعطائها قيمة ملموسة، أو مشاركتها مع العائلة والأصدقاء لتعزيز الروابط الاجتماعية.
أخيرًا، تذكر أن الصور ليست مجرد توثيق، بل هي وسيلة لإبقاء الفرح حيًا في قلوبنا. ومع كل لحظة نلتقطها، لا نحفظ مشهدًا فقط، بل نلتقط جزءًا من روحنا، ليبقى حيًا في الذاكرة.
والآن، ما هي الصورة التي أسرت قلبك، فخبأتها في برواز الذاكرة قبل أن تحفظها بين مقتنياتك.