الشيخ اليوسف يحذر: التنازع يؤدي للفشل وذهاب الريح.. والتخاصم يمزق الأواصر

أكد الشيخ عبدالله اليوسف على أن تزكية النفس وإصلاحها تمثل عاملاً محورياً في بناء شخصية إنسانية سوية، مشدداً على أن تطهير الذات من الرذائل وتحليتها بالفضائل هو مفتاح الفلاح في الدنيا والآخرة.
جاء ذلك خلال خطبة عيد الفطر المبارك الأولى في مسجد الرسول الأعظم بحلة محيش.
وأوضح أن الأهمية الكبرى لتزكية النفس تنبع من حاجة الإنسان الفطرية لتهذيب غرائزه وشهواته التي قد تجنح به إن لم يتم ضبطها، مشيراً إلى أن الطبيعة البشرية قابلة للتأثر والتأثير بمن حولها، مما يستدعي جهداً مستمراً لتنقية النفس من أي صفات مذمومة قد تتسلل إليها بفعل المحيط الاجتماعي.
واستشهد بالقرآن الكريم الذي أكد في مواضع عدة، لافتا إلى أن هذا السعي نحو التطهير الروحي والأخلاقي يقود الإنسان للسعادة الدنيوية والفوز الأخروي.
وبيّن الشيخ اليوسف أن ثمار تزكية النفس تعود بالنفع والفائدة في المقام الأول على صاحبها.
وأشار إلى أن الإنسان يعيش صراعاً داخلياً دائماً بين داعي العقل للاستقامة وداعي الهوى للشهوات، مؤكداً أن مجاهدة النفس في هذا الصراع هي ما وصفه النبي ﷺ بـ ”الجهاد الأكبر“، وذلك في حديثه لقوم عادوا من قتال الأعداء.
ولتحقيق هذه التزكية، قدم سماحته خطوات عملية تبدأ بمعرفة الإنسان لنفسه وتحديد نقاط ضعفه، محذراً من خطورة الغفلة عن العيوب الذاتية. تليها خطوة الاجتهاد الفعلي في الإصلاح، مسلحاً بإرادة قوية وعزيمة صادقة. ثم تأتي أهمية المراقبة والمحاسبة الدائمتين للنفس كأدوات للتربية الذاتية.
وأكد على أن استحضار الموت والحساب والخوف من الله تعالى يمثل دافعاً قوياً للتزكية، بينما يؤدي الانغماس في ملذات الدنيا إلى الغفلة وطول الأمل.
وشدد على أهمية مجالسة أهل الصلاح والتقوى لما لهم من تأثير إيجابي على سلوك الفرد، داعياً إلى الحفاظ على مكتسبات شهر رمضان الروحية باعتباره موسماً مهماً لتهذيب الذوات.
وفي الجزء الثاني من خطبته، تناول الشيخ اليوسف أهمية تأليف القلوب ونبذ الخصومات، مؤكداً أن الإسلام يدعو بقوة إلى ترسيخ المحبة والمودة والوئام بين أفراد المجتمع.
وأوضح أن التآلف يعني ميل القلوب ومحبة بعضها لبعض، بينما يؤدي التباغض والتخاصم إلى النفور والكراهية وتمني الشر للآخرين.
وحذر من المخاطر الجسيمة للنزاع والخصومة، مبيناً أنها تؤثر سلباً على النفس والعقل، وتمحق الدين، وتجلب العداوة، وتقود حتماً إلى الفشل والضعف.
وأشار إلى أن وقع الخصومة يكون أشد إيلاماً وضغطاً كلما كانت مع الأقربين من الأرحام أو الأصدقاء أو الجيران، مؤكداً أن تفشي الخصومات يهدد تماسك المجتمع ويضعف حصانته أمام الأعداء، مما يستوجب التمسك بحبل الله والوحدة ونبذ الفرقة كما أمر القرآن.
وتطرق الشيخ اليوسف إلى بعض أبرز أسباب نشوء العداوات، ومنها سوء الظن الذي يدفع للتسرع في إطلاق أحكام سلبية وتأويل المواقف بما يثير الخصومة.
وأشار إلى الجدال العقيم الذي يهدف للانتصار على الآخر وتحقيره، بالإضافة إلى تضارب المصالح والتنافس غير الشريف الذي يفتقد للحكمة، داعياً في المقابل إلى التنافس الإيجابي البنّاء.
ودعا بقوة إلى اجتناب الدخول في الخصومات قدر الإمكان، واعتبار احتواء النزاعات والتصرف بحكمة وضبط نفس دليلاً على الذكاء والقوة وليس الضعف، مستشهداً بصفة عباد الرحمن في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ .
وانتقد بشدة ”الفجور في الخصومة“ كانتهاج أساليب غير مشروعة كالكذب والافتراء والبغي لتسقيط الخصم، مذكراً بأن ذلك من صفات النفاق.
ودعا إلى المبادرة بالإصلاح عند وقوع أي خلاف، والسعي لحل النزاعات قبل تفاقمها، مؤكداً أن إصلاح ذات البين يقوي المجتمع ويحافظ على تماسكه ووئامه.