آخر تحديث: 31 / 3 / 2025م - 10:36 م

كيف تكتشف موهبتك وتعمل على تطويرها؟

عبد الله أحمد آل نوح *

لكل شخص موهبة تميزه عن غيره، لكنها قد لا تكون واضحة منذ البداية، وقد تتطلب بعض الجهد لاكتشافها وتطويرها. الموهبة ليست مجرد قدرة فطرية، بل هي نتاج الشغف والممارسة والتجربة المستمرة. بعض المواهب قد تظهر في مرحلة مبكرة من العمر، بينما يحتاج البعض الآخر إلى وقت وتجربة لاكتشافها. إدراك الموهبة يبدأ من معرفة ما الذي تستمتع به، وما الذي تقوم به بسهولة دون بذل مجهود كبير. أحيانًا تكون الأشياء التي تشعر معها بالراحة والمتعة مؤشرًا على موهبتك الحقيقية، فالنشاط الذي يملأك بالطاقة والحماس قد يكون هو المجال الذي تبرع فيه دون أن تدرك ذلك.

استرجاع الذكريات المرتبطة بالطفولة قد يكون وسيلة فعالة لاكتشاف الموهبة، فكثيرًا ما تكون الميول القديمة مؤشرًا على نقاط القوة التي يمكن تطويرها. هناك من كان يحب الرسم منذ الصغر أو يجد متعة في حل الألغاز أو تركيب الأشياء، وهذه الإشارات قد تكون دليلاً على الموهبة الكامنة. لا يجب التردد في تجربة أنشطة جديدة، فكل تجربة تضيف معرفة جديدة وتفتح بابًا لاكتشاف قدرات قد لا تكون في الحسبان.

البيئة المحيطة تلعب دورًا في تحديد الموهبة وصقلها، فقد يلاحظ الأهل أو الأصدقاء بعض المهارات التي لا يدركها الشخص عن نفسه. الاستماع إلى ملاحظاتهم قد يكون مفتاحًا لاكتشاف المجال الذي يتميز فيه الفرد. أحيانًا قد يكون الشخص بارعًا في التواصل مع الآخرين، أو في تنظيم الأمور، أو في ابتكار الحلول، وهذه كلها مهارات يمكن تطويرها لتصبح نقاط قوة حقيقية.

تطوير الموهبة لا يتم دون ممارسة منتظمة، فحتى أكثر الأشخاص موهبةً يحتاجون إلى التدريب المستمر ليتمكنوا من صقل مهاراتهم وتحسين أدائهم. الاستمرارية هي المفتاح الأساسي لإتقان أي مجال، وكلما زادت ساعات التدريب، زادت فرص الوصول إلى مستويات متقدمة. التعلم من الخبراء والمختصين يختصر الكثير من الوقت والجهد، فمن خلال التوجيه الصحيح يمكن تجاوز العديد من الأخطاء والوصول إلى نتائج أفضل في وقت أقصر. البحث عن مصادر التعلم سواء عبر الكتب أو الدورات التدريبية أو التفاعل مع أشخاص يملكون نفس الاهتمام يمكن أن يكون نقطة انطلاق قوية نحو التطوير.

وضع الأهداف الواضحة يساعد في تحفيز الذات والاستمرار في الطريق نحو الإتقان. لا يجب أن تكون الأهداف كبيرة منذ البداية، بل يمكن تقسيمها إلى خطوات صغيرة قابلة للتحقيق، حيث يمنح كل إنجاز صغير دافعًا إضافيًا للاستمرار. عند تحقيق كل هدف صغير، يزداد الشعور بالثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز، مما يجعل الطريق إلى التميز أكثر وضوحًا.

الموهبة ليست مجرد وسيلة لتحقيق النجاح المهني، بل هي عامل مهم في تحسين جودة الحياة. عندما يمارس الإنسان ما يحبه، فإنه يشعر بالرضا والسعادة، كما أن الانشغال بنشاط محبب يساعد في تقليل التوتر والضغط النفسي. ممارسة الموهبة تفتح أيضًا أبوابًا جديدة سواء على المستوى الاجتماعي أو المهني، فقد تكون سببًا في تكوين علاقات جديدة مع أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات، أو تكون وسيلة لتحقيق دخل إضافي من خلال تحويل الشغف إلى مشروع مستدام.

لا يجب الخوف من الفشل أثناء محاولة اكتشاف الموهبة أو تطويرها، فكل محاولة غير ناجحة هي خطوة نحو التعلم والتحسن. الكثير من الأشخاص الناجحين مروا بتجارب لم تكن مثالية، لكنهم استمروا في المحاولة حتى وصلوا إلى التميز في مجالاتهم. الصبر عامل أساسي، فالمواهب تحتاج إلى وقت لتنمو وتنضج، تمامًا كما تحتاج البذور إلى العناية حتى تتحول إلى أشجار مثمرة.

هناك العديد من الأدوات التي يمكن أن تساعد في اكتشاف الموهبة، مثل الاختبارات النفسية والاستبيانات التي تقيس الاهتمامات والقدرات، لكنها ليست العامل الحاسم، بل تبقى التجربة الشخصية والممارسة الفعلية هما الأساس. أهم خطوة هي أن يكون الشخص منفتحًا على التعلم والتجربة، فكل خطوة جديدة تضيف معرفة وتفتح آفاقًا لم تكن واضحة من قبل.

اكتشاف الموهبة هو بداية الطريق، لكن تحويلها إلى مهارة حقيقية يتطلب الإصرار والعمل الجاد. كل إنجاز يبدأ بفكرة، وكل موهبة تحتاج إلى من يطورها لتصبح جزءًا مؤثرًا في الحياة. عندما يجد الإنسان ما يبرع فيه ويعمل على تنميته، فإنه لا يحقق النجاح فقط، بل يعيش حياة مليئة بالإنجاز والإبداع والرضا.

عضو مجلس المنطقة الشرقية ورجل أعمال