سياحة الطعام
تلعب سياحة الطعام، المعروفة أيضاً باسم سياحة الطهي، دوراً حيوياً في كيفية اتخاذ السياح قرارات عطلتهم المهمة. يبحث سياح الطعام «أو سياح الطهي» عن وجهات سفر ذات تاريخ طهي غني ومعالم سياحية مثيرة ومأكولات شهية.
يُعد الطعام جزءاً أساسياً من الثقافة. ومن أفضل الطرق للانغماس في ثقافات مختلفة عند السفر حول العالم هي الاستمتاع بالمأكولات والعادات والأماكن والتقاليد الفريدة.
عندما نفكر في دوافع السياح، غالباً ما نلجأ إلى البديهيات كالفن، والمواقع الأثرية، والمغامرة، وما إلى ذلك. ولكن ما أول ما تقوله دائماً عند الوصول إلى وجهة عطلة جديدة؟ أين يجب أن نأكل؟
لا شك في ذلك: يحب الناس تناول الطعام. بغض النظر عن مكان تواجدك، يبدو أن الشيء الوحيد الذي يجمع الناس دائماً هو الطعام. وفقاً للجمعية العالمية لسفر الطعام، فإن سياحة الطعام هي ”السفر لتذوق مكان ما بهدف الشعور به“. مع أن هذا التعريف تسويقي بلا شك، إلا أن جوهر ما تتحدث عنه الجمعية واضح. فالطعام والمشروبات يجعلان وجهة السفر جذابة وفريدة. لفهم مكان ما فهماً حقيقياً، يجب أن تفهم ما يأكله السكان المحليون وكيف يأكلونه. سواءً كان مطعماً جديداً أو قاعة ضيافة بفندق شهير، سيلعب الطعام والشراب دوراً هاماً في تحديد وجهة سفر الناس.
يمكن أن يكون لسياحة الطعام تأثيرٌ إيجابيٌّ على نموّ الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، هناك جوانب سلبيةٌ لها قد تُشكّل تحدياً للمجتمع وتُدمّر تراثه الثقافيّ سعياً وراء الربح.
ووفقًا لباك، يُروّج عددٌ متزايدٌ من الوجهات لمأكولاتها كمنتجٍ سياحيٍّ أساسيّ. وينطبق هذا بشكلٍ خاصّ على الوجهات ذات المأكولات المشهورة. ومع ذلك، من المهمّ أن تكون سياحة الطعام مستدامةً وأن تُحافظ على الهوية الثقافية للوجهة. يجب على مَن يسعون إلى العمل في مجال الضيافة تطوير المهارات والمعارف اللازمة لموازنة فوائد سياحة الطعام مع الحدّ من سلبياتها المحتملة.
فوائد سياحة الطعام: وفقاً لرابطة السياحة العالمية «WFTA»، يُنفق سياح الطعام حوالي 25% من ميزانية سفرهم على الطعام والمشروبات. وهذا قد يعني زيادةً في أرباح المجتمع المحليّ، وكذلك في ميزانية الحكومة المحليّة، نظراً للضرائب المفروضة على السلع التي يشتريها السياح. يمكن أن يتيح هذا الارتفاع في الإيرادات للحكومات المحلية القدرة على الاستثمار في التسويق للسياح، مما قد يعزز بدوره أرباح المتاجر والمطاعم والفنادق وخدمات النقل المحلية. كما يمكن أن يغرس نمو السياحة الطهوية الفخر الثقافي لدى السكان المحليين ويساعد في ضمان بقاء معدلات البطالة منخفضة، لا سيما في المناطق الريفية ذات النشاط الاقتصادي المنخفض.
عيوب سياحة الطعام: على الرغم من أن سياحة الطعام يمكن أن يكون لها العديد من الآثار المرغوبة على المجتمع المحلي، إلا أن السلبيات قد تفوق الإيجابيات في بعض الحالات. بالنسبة للمجتمعات التي تعاني من نقص الموارد الطبيعية مثل الغذاء والماء والكهرباء، يمكن أن تؤثر السياحة سلباً على حياة أفراد المجتمع. قد يتم إعادة توجيه المياه العذبة إلى المحاصيل لتلبية طلب السياح على الغذاء، في حين أن قدرة السكان المحليين على الحصول على المياه العذبة والطعام قد تتضاءل.
قد تواجه بعض المجتمعات فقدان الهوية الثقافية، لأن الاقتصاد المحلي قد تحول إلى دعم احتياجات السياح. قد تبدأ المطاعم في الامتناع عن تقديم المأكولات المحلية وتغيير قوائم الطعام لتناسب الاحتياجات الطهوية للسياح. وفي بعض الحالات، قد يؤدي تدفق السياح إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما يجبر العديد من السكان المحليين على مغادرة مجتمعاتهم، وبالتالي تدمير الطابع الفريد للمجتمع.
تتجلى سياحة الطعام بطرق مختلفة، مثل تناول الطعام والشراب في المطاعم المحلية، وحضور مهرجانات تذوق الطعام، ومعارض الطعام، وزيارة المزارع ومراكز إنتاج الغذاء، والمشاركة في دروس أو عروض الطهي، وتذوق المنتجات، وخلال التبادلات المنزلية «الإقامة في منزل أحد السكان المحليين». في إسبانيا، وبالنظر إلى حالة الجفاف المستمرة، يبلغ النشاط السياحي ذروته خلال أشهر الصيف، بالتزامن مع فترة أقل هطول للأمطار في المنطقة. ونتيجة لذلك، يُعد تخطيط المياه قضية حاسمة في السياحة المستدامة.
دروس الطبخ هي أنشطة ديناميكية تتضمن إعداد طبق واحد أو عدة أطباق. وخلال العملية، يتعرف المشاركون على المنتجات المحلية المُستخدمة، ومصدرها، والتقنيات اللازمة، وعمليات التحضير، بالإضافة إلى أصل الطبق وتاريخه. إنها تجربة شاملة وتعليمية. لهذه الدروس المُوجهة نحو السياحة تأثير إيجابي للغاية على الوجهة التي تُقام فيها حيث تُساعد في مُكافحة الموسمية وتشجيع استهلاك المنتجات المحلية، مما يُسهم في حماية وتعزيز السياحة الغذائية المُستدامة التي تُراعي الروابط بين الإنتاج والاستهلاك.
أعتقد من المهم جدا التركيز أكثر على السياحة الغذائية المستدامة وفهم ودراسة سلبيات سياحة الطعام بشكل إحصائي ومراقبتها والتحكم بها بشكل قريب ومستمر من قبل وزارة السياحة وغيرها قبل أي توسع كبير، خصوصا أننا نعيش في بيئة معظمها قاسية وبعيدة عن مصادر المياه.
واليوم، نبارك إلى أكاديمية زادك لفنون الطهي البدء في تأسيس حجر الأساس للمقر الجديد قبل أسبوع تقريباً، نفتخر بأنها منشأة محلية - سعودية. وبهذه المناسبة الجميلة نتشرف بتقديم نسخة من كتاب ”الاتجاه السياحي“ إلى السيدة. رانيه معلا - مؤسس ورئيس مجلس إدارة زادك، فهو مثابة حافز وتشجيع لكافة إخواني وأخواتي على خلق الأفكار الإبداعية. فصناعة الأطعمة ليست لها حدود، حالياً رأينا الملك تشارلز يفتح قصر وندرسون أمام المسلمين للإفطار في شهر رمضان المبارك، وذلك لأول مرة في تاريخ بريطانيا. وفي المقابل يجري ويحضر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما العادة السنوية عندما كان في البيت الأبيض تقديم مأدبة الإفطار الرمضاني.
وقبل أكثر من عقد من الزمن كسر الدكتور غازي القصيبي ”رحمه الله“ وزير العمل السابق حاجز الخجل لدى الشباب السعودي عندما استهل العمل في أحد المطاعم بزي العاملين لتجهيز المأكولات وتقديم الطعام للزوار للمرة الثانية، في دعوة صريحة للشباب السعودي لمهن تقديم الطعام وكسر الحاجز النفسي وتقاليد المجتمع التي تحتاج إلى إعادة نظر.
فكان الوالد الكريم - حفظه الله - يحدثني ويقول لي - على حسب فهمي -: قبل حوالي 70 سنة أي قبل الطفرة النفطية أو قبل تداول الذهب الأسود بشكل كبير. لا يوجد شي ليأكلوه سوى التمر - إذا كان الشخص محظوظاً -، وإذا كان فهمي صحيحاً يقومون بتجفيف الربيان أو تعرضه للحرارة فور صيده من البحر بسبب غياب الثلاجات وعدم وجودها، وبالدليل سوف لن تجد أحداً لديه وزن زائد. الشخص الذي لديه مزرعة متواضعة وبقرة تدر له حليب فهذا يعتبر شخصاً غنياً واستثنائياً قد بلغ سقف الحياة. فيوجد في عائلتنا الكريمة اثنان من الأعمام رجال أعمال ولهم باع طويل في عالم المأكولات والمطاعم وقاعدة عملاء جيدة، ويحملون درجات علمية عالية طبية وهندسية من دولتي كندا والولايات المتحدة.
ومن خير الصدف، أن أخت زوجتي ”أم ليان“ تخرجت من هذه الأكاديمية، واكتسبت خبرة عملية في منشأة عالمية. نسأل الله العلي القدير التوفيق للجميع، والرحمة والمغفرة في أواخر وأعظم أيام شهر رمضان المبارك.