آخر تحديث: 1 / 4 / 2025م - 3:25 ص

شهر الخير

تغريد الزاير *

«متباركين بالشهر» جملة تتردد على ألسنتنا وفي آذاننا عندما يهلّ الشهر الفضيل.

الصغير يزور الكبير مثل الأب والجد والعم والخال، ويهنئه بقدوم الشهر الفضيل. فصلة الرحم من أهم ما يميز شهر رمضان الكريم قديمًا.

الرجال يذهبون لأعمالهم، والسوق عامرة، والبيع مزدهر، والقصابون رزقهم راهٍ، والخضّارون عليهم زحمة، والخبازون أمامهم طابور طويل، والرزق وفير. فالرجال كلما جاعوا اشتروا خضارًا ولحمًا ومأكولات.

كانت لرمضان رائحة خاصة نشمّها عندما نمشي في الشوارع وبين الأزقة، مثل رائحة الصالونة، وقلي الباذنجان، ورائحة الطحين يتحمص لتجهيز ”المنفورة“. نسمع فرقعة اللقيمات في الزيت، وصوت ضرب الهريسة حتى ”تخيط“ وتندمج مع اللحم.

قرب أذان المغرب، يقوم الجيران بتوزيع الأطعمة على بعضهم البعض. كل واحدة من النساء تُذوّق جيرانها وأهلها من طبخها، ولعدم وجود صحون بلاستيك قديمًا، فإن النساء يعِدن صحون جاراتهنّ مليئة بالطعام التقليدي المميز مثل اللقيمات والهريس.

الأولاد والبنات كانوا هم المسؤولين عن التوزيع. أتذكر عندما كنت آخذ السمبوسة لبيت جدتي، كانت الشوارع مليئة بالأولاد والبنات يوزّعون ويتبادلون أطباق الأكل. كنت أمشي في أزقة الديرة العريقة، وأشعر بأن جذورًا تخرج من قدمي تزيدني التصاقًا بهذه الأرض الطيبة. عاصرنا شهر رمضان في عزّ الصيف، وكان وقت الأذان يصل إلى الساعة السابعة مساءً، حيث كنتُ وإخوتي نغني قبل الأذان بدقائق:

«إذن يا مؤذن ترى الصيام جاعوا
وجان ما أنت مأذّن جاك المرض في ساعة»

حفظ الله جميع المؤذنين إن شاء الله.

إذا جاءنا ضيف ليلاً، يُقدَّم له من نفس أكل الفطور، ويكون باردًا في بعض الأحيان، فالنفوس كانت طيبة، والحياة بسيطة.

ولا ننسى الناصفة، ورائحة البخور، وصوت قراءة المولد الشريف، ونحن نجري في الشوارع لنجمع الناصفة.

شهر البركة في بلد الخير وناسه الطيبين.

أخصائية علاج طبيعي