أعجبتني عبارة ”تعالوا نتعلم كيف نفرح“
بينما كنت أقرأ هنا وهناك، وقعت عيني على مقال بعنوان ”تعالوا نتعلم كيف نفرح“، جميل جداً أن كاتب المقال سلط الضوء عليها للأهمية الموضوع في التعبير عن مشاعر الفرح وإدخال السرور إلى نفوسهم ومحيطهم الاجتماعي.
يرغب معظمنا في مزيد من المرح، لكن يبدو أن الأمر لم يعد سهلاً كما كان في السابق. الأسباب عديدة: الشعور بالذنب «لأن الآخرين لا يستمتعون»، أو الشعور بعدم الملاءمة «لأن من حولنا لا يستطيعون الاستمتاع»، أو ضيق الوقت «لأن التزامنا تجاه الآخرين لا يسمح لنا بالاستمتاع». ومع ذلك يُشير العلم إلى ضرورة تخصيص وقت للمرح، وربما ينبغي إعطاؤه الأولوية. بما أن مصطلح ”المرح“ قد يكون غامضاً ويُستخدم غالباً في سياقات مختلفة، فلنلقِ نظرة أولًا على التعريف القياسي للكلمة. يُعرّف قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية المعاصرة المرح بأنه: التسلية، وخاصةً المرح. وانطلاقاً من هذا التعريف، فإننا نربط كلمة ”المرح“ عادةً بالأشياء المسلية والممتعة، كما يُستخدم المرح أحياناً بالتبادل مع اللعب على الرغم من وجود فرق، حيث يرى البعض أن اللعب حالة ذهنية؛ موقف معين يمكننا دمجه في أي نشاط.
من المهم أن تضع في اعتبارك أن ما قد يكون ممتعاً لك، قد لا يكون كذلك لغيرك. لذلك، قد يصعب دراسة المتعة باستخدام مناهج علمية موحدة. لذا، فإن الاستنتاجات العلمية حول فوائد المتعة تأتي من ملاحظات ذاتية ودراسات أقل دقة. مع ذلك، هناك دراسات كافية تربط بشكل غير مباشر بمفهوم المرح واللعب، مما يؤكد أننا جميعاً بحاجة إلى المزيد من المرح.
أهمية مفهوم الفرح: قد لا يدرك الكثيرون أن الاستمتاع عنصرٌ أساسيٌّ في الصحة العامة. ففي كثير من الأحيان، وخاصةً عند الشعور بالقلق أو الاكتئاب، نفتقر إلى الطاقة أو الحماس أو الرغبة في القيام بشيء ممتع. قد نشعر أحياناً، لأسبابٍ مختلفة، أننا لا نستحق الاستمتاع، أو أن لدينا الكثير للقيام به ”أكثر أهمية“ من الاستمتاع. ومع ذلك، فإن الانخراط في أنشطة وهوايات ممتعة ومستدامة يمكن أن يعود بفوائد صحية بدنية ونفسية عديدة. فالاستمتاع مفيدٌ لصحتنا النفسية، إذ يُخفف من القلق الذي غالباً ما يشغلنا طوال اليوم، وحتى في الليل عندما نحاول النوم. كما أن الابتعاد عن القلق يُفيد صحتنا الجسدية، فالقلق والتوتر يُساهمان بشكل كبير في الإصابة بالأمراض الجسدية المزمنة، مثل داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والالتهابات، كما يُعزز الاستمتاع تحسين الذاكرة والتعلم والتركيز.
أجرت طبيبة الأعصاب جودي ويلز دراسةً أظهرت كيف يُمكن للتجارب الممتعة أن تزيد مستويات الدوبامين والإندورفين والأكسجين، وهي كلها عوامل تُعزز التعلم وتُحسّن الأداء الإدراكي، بالإضافة إلى ذلك فإن الانخراط في أنشطة ممتعة ومريحة بانتظام يمكن أن يساعد في خفض مستويات الكورتيزول وزيادة مستويات السيروتونين، وكل ذلك مفيد لنا جسدياً وعقليا. إن تخصيص وقت للمرح واللعب عن قصد يمنحنا أيضاً فرصة للبحث عن مغامرات جديدة، واستكشاف أماكن جديدة، وتطوير مهارات واهتمامات جديدة. إن الانخراط في أنشطة جديدة هو مفتاح الشعور بالحيوية في الحياة، فالحيوية هي ما يمدنا بالطاقة ويغذي شعورنا بالقوة والأمل في حياتنا. قد يبدو منح أنفسنا الإذن بالاستمتاع بمثابة ترف في مجتمع يديم الإنتاجية والنتائج فوق كل شيء آخر، لكن المتعة والتسلية تجعل الحياة أكثر ثراءً وإشباعاً، تذكر آخر مرة قمت فيها بجدولة المرح في يومك والتي لم تتضمن حل المشكلات أو تحقيق هدف. ربما تضمنت الانخراط في شيء نشط، مثل الأعمال اليدوية أو لعب التنس أو ربما كان الاسترخاء ومتعة تجربة حسية كطهي وجبتك المفضلة، أو الاستمتاع بفنجان قهوتك الصباحية الأول، أو الإنصات بصدق والتواجد في محادثة هادفة. يمكن أن يكون المرح أيضاً عفوياً وخيالياً، مثل إيقاف سيارتك للاستمتاع بغروب الشمس أو تأمل جمال حقل من الزهور البرية. يمكن أن يشمل ذلك تنمية روح المرح والبهجة في الأشياء الصغيرة، مثل ارتداء قلادة جدتك القديمة أو سترة والدك القديمة كبيرة الحجم. أي شيء ممتع بطبيعته يفيد عقلك وجسدك بطرق عديدة.
لذا، فكّر اليوم فيما يمكنك فعله للاستمتاع. حاول أن تسمح لنفسك بالاستمتاع حتى لو أخبرك عقلك أنك لا تستحق ذلك أو أنه لا يجب عليك إضاعة وقتك، وغداً قد تجد أن الاستمتاع أصبح عادة. وفي الختام، سأضرب عدة أمثلة:
• أصدقاء بالإنجليزية ”Friends“ وهو مسلسل كوميدي أمريكي ألفه كل من ديفيد كرين ومارتا كوفمان وعُرِض على قناة إن بي سي من 22 سبتمبر 1994 إلى 6 مايو 2004، واستمر لعشرة مواسم، جلب الفكاهة وروح الضحك لشعب الأمريكي لمدة عشر سنوات.
• أعمال الأستاذ. عبدالحسين عبدالرضا ”رحمه الله“ وهو أبرز فنان خليجي ومن أبرز الفنانين العرب، وأحد قلائل الممثلين في الخليج الذين تجاوزوا الخمسين عاماً في التمثيل منذ بداياتهُ به. حضر جنازته الألوف من البشر وهذا يدل على حب الناس له وللأعمال أبو عدنان ”رحمه الله“.
• طاش ما طاش هو مسلسل تلفزيوني رمضاني كوميدي سعودي من بطولة الأستاذين. عبدالله السدحان وناصر القصبي. بدأ إنتاجه عام 1992 وعرض مشاكل اجتماعية وأوجه مختلفة وعديدة بطريقة فكاهية. وقد طلبت مكتبة الكونغرس الأمريكية بعض أجزاء العمل لوضعه في أرشيف المكتبة.
واليوم، هناك العديد من الطاقات المبدعة المحلية من الإخوان والأخوات دخلوا عالم الفن أمثال الأستاذ. حبيب الحبيب، والأستاذ. ماجد مطرب فواز وغيرهم. فأنا شخصيا أتذكر بعض أعمالهم واضحك باستمرار حتى هذه اللحظة في ظل التوترات العالمية المخيفة.
نعم، أعجبتني عبارة ”تعالوا نتعلم كيف نفرح“، الفرح طريق الصحة والإبداع الفكري.
