آخر تحديث: 31 / 3 / 2025م - 10:36 م

غريزة قوة الإرادة: موجز معرفي

عبد الله العوامي * مقال مترجم بتصرف

ومضات معرفية من كتاب ”غريزة قوة الإرادة: كيف تعمل قوة التحكم بالنفس، ولماذا هي مهمة، وما الذي يمكنك فعله للحصول على المزيد منها“

تاريخ إصدار الكتاب بغلاف ورقي: 31 ديسمبر 2013 م

مؤلفة الكتاب: السيدة كيلي ماكغونجال Kelly McGonigal, نبذة مختصرة عن سيرتها الذاتية تجدها في الصفحة الأخيرة.

المصدر: منصة الوميض التجارية Blinkist لتلخيص الكتب.

اسم الكتاب باللغة الإنجليزية:

The Willpower Instinct: How Self-Control Works, Why it Matters and What You Can Do to Get More of It

تنصل:

هذه الترجمة لا تعكس بالضرورة تأييدًا أو رفضًا للمحتوى الأصلي، وإنما الهدف منها هو نشر المعرفة وعرض وجهات نظر متنوعة. قد تحتوي المادة المترجمة على معلومات لا تتوافق بالضرورة مع بعض المعتقدات أو التوجهات الشخصية، إلا أنها محاولة جادة لنقل الفكرة الأساسية مع الحفاظ قدر الإمكان على السياق العام، وإن لم تكن دقيقة تمامًا.

نسعى من خلال هذه الترجمات إلى توسيع آفاق التفكير وتعزيز التواصل الثقافي والفكري، عن طريق تقديم أبحاث ورؤى في مجالات متعددة مثل الصحة، والتقنية، والاقتصاد وغيرها، مما يُتيح للقارئ الاطلاع على مختلف وجهات النظر بلغته الأم، وتعزيز التفاهم بين الثقافات إلى جانب تشجيع النقاش الموضوعي للاستفادة منها أو نقدها بشكل واعٍ وبنّاء.

تعريف مختصر بالكتاب من شركة أمازون Amazon:

استنادًا إلى منهج الدورة الدراسية الشهيرة في ”علم قوة الإرادة“ لعالمة النفس في جامعة ستانفورد Stanford University الدكتورة كيلي ماكغونجال Kelly McGonigal, يعد كتاب ”غريزة قوة الإرادة The Willpower Instinct“ أول كتاب يشرح علم قوة التحكم بالذات وكيف يمكن تسخيره لتحسين صحتنا وسعادتنا وإنتاجيتنا.

مستندًا إلى أحدث الأبحاث، ومرتبطًا برؤى متقدمة من علم النفس والاقتصاد وعلوم الأعصاب والطب، يشرح هذا الكتاب ماهية قوة الإرادة بالضبط، وكيف تعمل، ولماذا هي مهمة. على سبيل المثال، سيتعلم القرّاء:

• قوة الإرادة هي استجابة للعقل والجسم معًا، وليست فضيلة. إنها وظيفة بيولوجية يمكن تحسينها من خلال اليقظة الذهنية، التمارين الرياضية، التغذية، والنوم.

• قوة الإرادة ليست موردًا غير محدود. الإفراط في التحكم في النفس يمكن أن يكون في الواقع ضارًا لصحتك.

• الإغراءات والتوتر يختطفان أنظمة التحكم بالنفس في الدماغ، ولكن يمكن تدريب الدماغ لتعزيز قوة الإرادة.

• الشعور بالذنب والعار بسبب الانتكاسات يؤدي إلى الاستسلام مرة أخرى، ولكن التسامح مع الذات والتعاطف معها يعززان التحكم في النفس.

• التخلي عن التحكم أحيانًا هو الطريقة الوحيدة لاكتساب التحكم في النفس.

• فشل قوة الإرادة مُعدٍ - يمكنك أن تكتسب رغبة في الإنفاق الزائد أو الإفراط في الأكل من أصدقائك - ولكن يمكنك أيضًا تكتسب التحكم في النفس من النماذج الصحيحة.

في نهج ثوري مشابه لكتاب ”إنجاز الأمور Getting Things Done“، يجمع كتاب ”غريزة قوة الإرادة“ بين النصائح التوجيهية التي تغير الحياة والتمارين التكميلية لمساعدة القراء على تحقيق أهدافهم، بدءًا من فقدان الوزن إلى تحسين الصبر في تربية الأطفال، وتقليل المماطلة، وتحسين الصحة، وزيادة الإنتاجية في العمل.

المحتوى التالي هو ترجمة للنص الإنجليزي في منصة الوميض Blinkist. وهو مكون من مقدمة وخلاصة نهائية بالإضافة إلى 10 ومضات معرفية. وتعتبر كل ومضة تلخيصا لفصل كامل من الكتاب:

مقدمة - اكتشف كيف يمكنك استخدام قوة إرادتك بشكل أفضل لتحقيق أهدافك:

تُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يتمتعون بإرادة أقوى يكونون في وضع أفضل في جميع جوانب الحياة تقريبًا. حيث إنهم أكثر سعادة وصحة، ويقيمون علاقات أكثر إرضاءً واستدامة، ويحققون نجاحات أكبر، ويكسبون المزيد من المال، بل ويعيشون لفترة أطول.

باختصار، إذا كنت ترغب في تحسين حياتك، فإن تنمية قوة إرادتك هو مكان جيد كنقطة بداية. في كتاب ”غريزة قوة الإرادة“، ستعرف لماذا لا ينبغي لك حرمان نفسك من الأطعمة المفضلة لديك عند اتباع نظام غذائي، وستكتشف كيف يمكن لاعتقادك بأنك غير متحيز أن يجعلك تتصرف بطريقة أكثر تحيزًا. وأخيرًا، ستتعلم كيف يمكنك تعزيز إرادتك بوضع وعاء الحلوى مباشرة أمامك. وكل ذلك لصالحك.

الومضة الأولى - تتكون قوة الإرادة من ثلاث قوى. سأفعل، لن أفعل، وأريد:

الحياة مليئة بالإغراءات. قد يُعرض عليك كعكة بالشوكولاتة فور بدئك لنظام غذائي، أو تجد علبة سجائر في متناول يدك بعد أن قررت الإقلاع عن التدخين. هذه المواقف تمثل تحديات لقوة الإرادة، حيث تتصارع رغباتك الفورية مع أهدافك طويلة المدى. إذًا، ما الذي يمكنك من ممارسة التحكم في النفس في مثل هذه المواقف؟ إنه مدى قوة إرادتك، والتي تتكون من ثلاث قوى: ”لن أفعل“، ”سأفعل“، و”أريد“.

العنصر الأول من قوة الإرادة هو قوة ”لن أفعل“، وهي قدرتك على قول لا، حتى عندما يكون جسدك كله يريد أن يقول نعم.

هذه القوة تغطي المفهوم الشائع لقوة الإرادة، وهي القدرة على مقاومة الإغراءات. تأتي الإغراءات إلينا بأشكال مختلفة، سواء كانت الشوكولاتة، السجائر، أو شخص غريب مثير. ويمكن اعتبار كل إغراء تحديًا لقوة ”لن أفعل“، والذي يسأل: هل لديك القوة الكافية لقول ”لا“؟ يمكنك تحديد أهم تحدي ”لن أفعل“ بالنسبة لك من خلال طرح السؤال التالي على نفسك: ما هي العادة التي تؤذي صحتك، سعادتك، أو حياتك المهنية وترغب في التخلي عنها؟

العنصر الثاني من قوة الإرادة هو قوة ”سأفعل“، وهي القدرة على القيام بما لا تحبه الآن من أجل مستقبل أفضل. تساعدك قوة ”سأفعل“ على إنجاز المهام غير السارة ولكن الضرورية لتحقيق أهدافك.

على سبيل المثال، الدراسة لاجتياز الامتحانات والحصول على شهادة أو درجة علمية. يمكنك تحديد التحدي الأكثر أهمية لديك في ”سأفعل“ من خلال سؤال نفسك: ما هي العادة التي يجب أن تتوقف عن تأجيلها لتحسين حياتك؟

العنصر الثالث من قوة الإرادة هو قوة ”أريد“، وهي القدرة على تذكر ما تريده حقًا. ما تريده حقًا هو الأفضل لك على المدى الطويل، بغض النظر عن الإغراءات الحالية.

لمقاومة إغراءات اللحظة الحالية، أنت بحاجة لهدفٍ واضح طويل الأمد يوجّه أفعالك. هذا الهدف هو الذي يغذي قدرتك على قول ”لن أفعل“، من خلال تذكيرك بما هو على المحك. يمكنك تحديد تحدّي ”لن أفعل“ الخاص بك من خلال سؤال نفسك: ما هو الهدف الأول طويل الأمد الذي ترغب في تركيز المزيد من طاقتك عليه؟ وما هي الرغبات الآنية التي تُبعدك عنه؟

الومضة الثانية - التأمل يزيد من الوعي ويساعد على تجنب المشتتات - مما يعزز بدوره التحكم في النفس:

في هذه الأيام، المشتتات في كل مكان. هناك روابط للنقر عليها، ومسلسلات للمشاهدة، وحفلات للذهاب إليها. نقول لأنفسنا ”سأتحقق من بريدي الإلكتروني لآخر مرة“. لكنك تخاطر بأكثر مما تعتقد.

وذلك لأنك عندما تكون مشتتًا، تكون أكثر عرضة للاستسلام لإغراءات أخرى. عندما يكون عقلك منشغلًا، يمكن للإغراءات الفورية أن تطغى بسهولة على أهدافك طويلة المدى. وقد ظهر ذلك في دراسة يطُلب فيها من الطلاب تذكر رقم هاتف أثناء الاختيار بين تناول وجبة خفيفة خلال التجربة، الشوكولاتة أو الفاكهة. الطلاب الذين كان عقلهم منشغلًا اختاروا الشوكولاتة بنسبة 50% أكثر من الطلاب الذين لم يُطلب منهم القيام بمهمة الحفظ.

لكن هناك طريقة للتعامل مع المشتتات من خلال زيادة الوعي عبر التأمل. لقد اكتشف علماء الأعصاب أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل لديهم مادة رمادية أكثر في أدمغتهم، مما يشير إلى مستويات أداء أعلى في المناطق المسؤولة عن الوعي الذاتي.

يساعد التأمل على تنمية الوعي الذاتي اللحظي، مما يساعدنا على إدراك لحظات التشتت وإعادة تركيز طاقتنا على المهمة الحالية. في الواقع، أظهرت الدراسات العلمية أنه لا يتطلب الأمر سوى 3 ساعات من التأمل المنتظم لتحسين التحكم بالنفس وزيادة القدرة على التركيز. وبعد 11 ساعة من الممارسة، يمكن ملاحظة التغييرات بالفعل في الدماغ. ولكن في بعض الأحيان، قد تبدو المشتتات طاغية، وتشعر وكأنك لا تستطيع التوقف عن مشاهدة ذلك المقطع.

في مثل هذه الحالات، يمكن لثمار التأمل أن تساعدك مرة أخرى. من خلال أخذ نفس عميق وإعادة تركيز انتباهك على الهدف طويل المدى، يمكنك كسر دائرة التشتت واستعادة السيطرة على رغباتك. عندما يكون عقلك منشغلًا، تفقد قدرًا كبيرًا من قوة الإرادة. لذلك، فإن تجنب اتخاذ القرارات أثناء التشتت وزيادة وعيك الذاتي من خلال التأمل يمكن أن يساعدك في تجنب فشل قوة الإرادة.

الومضة الثالثة - قوة الإرادة هي غريزة بيولوجية تحمينا من الأذى على المدى الطويل:

ما هو القاسم المشترك بين نمر ذي أنياب حادة كالسيف وقطعة من بسكويت الشوكولاتة؟ كلاهما يمكن أن يعترض طريقك نحو حياة طويلة وصحية. ولهذا السبب، زودتنا عملية التطور بالغريزة التي تمكننا من مقاومة كلٍّ من النمر ذي الأنياب الحادة وإغراء بسكويت الشوكولاتة.

من المحتمل أنك سمعت عن استجابة ”القتال أو الهروب“، وهي غريزة تنشط عندما نواجه مواقف مخيفة تهدد حياتنا. ببساطة، إنها قدرة الجسم الفطرية على تكريس كل طاقته للهروب من حالة الطوارئ. ما لا يعرفه معظمنا هو أن قوة الإرادة نفسها تستند إلى غريزة بيولوجية. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن مواجهة تحدٍّ يتعلق بقوة الإرادة يمكن أن يؤدي إلى تنشيط حالة معينة في الدماغ والجسم تمنحك دفعة من قوة الإرادة.

تُعرف هذه الحالة باستجابة ”التوقف والتخطيط“، وكما يوحي اسمها، فهي تختلف تمامًا عن استجابة ”القتال أو الهروب“. ففي حين أن استجابة ”القتال أو الهروب“ تزيد من وعيك بالتهديدات الخارجية وتعزز سرعتك للابتعاد عن النمر، فإن استجابة ”التوقف والتخطيط“ تحول تركيزك إلى الصراع الداخلي بين جانبك العقلاني وجانبك الاندفاعي، وتعمل على تهدئتك لمساعدتك على التحكم في رغبتك وتجنب تناول قطعة البسكويت.

إذن، كيف يمكننا تعزيز غريزة قوة الإرادة هذه لإبطاء عقولنا بشكل أفضل واتخاذ أفضل القرارات؟ من خلال الانتباه جيدًا إلى كل ما يضع ضغطًا على عقولنا وأجسادنا، مثل الغضب، القلق، الألم المزمن، والمرض. كل هذه الأشياء التي تسبب لك التوتر تتداخل مع قدرتك على الوصول إلى حالة التحكم في النفس من خلال إبقائك في حالة ”القتال أو الهروب“ ومنعك من تحقيق تلك الحالة العقلية البطيئة والعقلانية. ومع ذلك، هناك العديد من الطرق لتحسين مقاومتك للتوتر وبالتالي تعزيز قوة إرادتك.

يمكن أن تساعدك بعض الممارسات مثل التأمل، والتمارين الرياضية، والنوم الجيد، وتناول الطعام الصحي، وقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء في تقليل مستويات التوتر لديك. كما أن ممارسة الأنشطة في الهواء الطلق لمدة خمس دقائق فقط يوميًا يمكن أن تمنحك دفعة سريعة لقوة إرادتك. لذا، اخرج واستمتع بالنشاط!

الومضة الرابعة - قوة الإرادة تشبه العضلة. يمكن تدريبها ولكن أيضًا يمكن إرهاقها:

في نهاية اليوم، تكون عضلاتك مرهقة لدرجة أنك لا تستطيع حمل أي شيء إضافي حتى لو أردت ذلك. قد تقول لنفسك: ”عليّ الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كثيرًا، سأكون أقل تعبًا“. والأمر نفسه ينطبق على قوة الإرادة. فعندما تمارس قوة إرادتك بشكل مفرط، تصاب بالإرهاق وتفقد التحكم في نفسك. ولكن إذا ذهبت إلى ”صالة تدريب قوة الإرادة“، يمكنك تعزيز عضلة قوة إرادتك وتحسينها.

إذن، لماذا يؤدي الإفراط في استخدام قوة الإرادة إلى استنزافها؟ لأن كل محاولة ناجحة لممارسة التحكم بالنفس تستنزف نفس المصدر المحدود. وهذا يعني أن مقاومة إغراء واحد لن تضعف فقط قدرتك على مقاومة الإغراءات الأخرى فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى التسويف وإخفاقات أخرى في قوة الإرادة.

وهذا الاستنزاف لقوة الإرادة يحدث باستمرار. فهناك العديد من المهام اليومية التي لا تعتبرها تحديات لقوة الإرادة، مثل التنقل إلى العمل، أو الجلوس في اجتماع ممل، أو الاختيار بين 20 علامة تجارية من الشامبو، وكلها تستنزف احتياطي قوة إرادتنا المحدود يوميًا. ولكن رغم أننا نستنزف قوة إرادتنا باستمرار، يمكننا بذل قصارى جهدنا للحفاظ عليها عند مستوى عالٍ من خلال الحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم والحفاظ على مستويات طاقتنا مرتفعة.

الأطعمة منخفضة نسبة السكر في الدم مثل المكسرات والحبوب والفواكه والخضروات والحبوب الغنية بالألياف تساهم جميعها في تزويد قوة إرادتنا بالموارد. ولكن هناك طريقة أخرى لتحسين قوة إرادتنا، وهي تدريب ”عضلة قوة الإرادة“. تمامًا كما يمكن تدريب عضلة ذراعك من خلال رفع الأثقال، يمكن تدريب ”عضلة قوة إرادتك“ من خلال تحديات قوة الإرادة. من خلال أداء تحديات قوة الإرادة الصغيرة والمنتظمة، يمكنك تدريجيًا تحسين التحكم بنفسك.

على سبيل المثال، ضع وعاءً من الحلوى الممنوعة في مكان واضح وسهل الوصول إليه، لكن لا تسمح لنفسك بلمسه أبدًا، مهما بدا مغريًا. إن ممارسة هذا التحدي الصغير بانتظام ستساعد في تدريب ”عضلة قوة الإرادة“، مما سيساعدك على التعامل مع التحديات الأكبر لقوة الإرادة. في الومضات القادمة، ستكتشف لماذا نستسلم لرغباتنا في كثير من الأحيان.

الومضة الخامسة - لا تفرط في الاستمتاع بالحاضر لأنك تعتقد أنك تصرفت بشكل جيد في الماضي:

نادراً ما يمر أسبوع دون سماع أخبار عن إخفاقات أخلاقية لمواطنين نزيهين، أو سياسيين، أو رياضيين، أو قادة دينيين ارتكبوا أخطاء فادحة. فلماذا يرتكب هؤلاء الأشخاص، الذين يُفترض أنهم فاضلون، مثل هذه الأخطاء الجسيمة؟ في الواقع، الاعتقاد بأنك شخص فاضل قد يقلل من وعيك الذاتي وانضباطك.

تم إثبات ذلك من خلال دراسة طُلب فيها من مجموعة من طلاب الجامعة الموافقة أو الرفض على تصريحات شديدة التحيز ضد النساء. ليس من المستغرب أن القليل منهم وافقوا. ثم تم تقديم مجموعة أخرى من نفس التصريحات ولكن بصيغة أخف، فوافق عدد أكبر بكثير من الطلاب. ولكن عندما طُلب من كلا المجموعتين اتخاذ قرار في موقف توظيف افتراضي، كان الطلاب الذين رفضوا التصريحات الأكثر تحيزًا هم الأكثر احتمالًا لتمييزهم ضد المرشحات الإناث مقارنة بالطلاب الذين وافقوا على النسخ الأخف من التصريحات. وظهر النمط نفسه تمامًا عند استخدام تصريحات عنصرية.

ويرجع ذلك إلى أنه عندما نشعر بأننا نتصرف بفضيلة كافية، نرى حاجة أقل للتحكم في أنفسنا. وهذا بالضبط ما حدث في التجربة. فبعد أن أثبت الطلاب لأنفسهم أنهم ليسوا متحيزين ضد النساء من خلال رفضهم لتصريح معين، أصبحوا أقل وعيًا بسلوكهم الفعلي عند اتخاذ قرار التوظيف. مثال آخر على استخدام السلوك الجيد في الماضي كذريعة للسلوك السيئ في الحاضر هو عندما نكافئ أنفسنا بشيء سيئ مقابل تصرف جيد، مثل تناول دونات بعد تمرين طويل. ولكن هذا النهج غير فعال.

مكافأة نفسك بشيء يقوض هدفك طويل المدى ليست استراتيجية واعدة للنجاح. لذلك، لا تدع نجاحاتك تضعف انضباطك الذاتي، وإلا فقد تجد نفسك تحبط تقدمك بسبب الانغماس في سلوكيات غير منضبطة. بدلاً من ذلك، التزم بقاعدة تدعم هدفك ولكنها ليست صعبة لدرجة أنك لا تستطيع الالتزام بها يوميًا دون فشل.

الومضة السادسة - عندما يهيمن نظام المكافأة في دماغك، تصبح الإغراءات شبه لا تُقاوَم:

لماذا نشعر غالبًا بالسوء والذنب بعد إشباع رغباتنا الفورية، مثل شراء سترة جديدة لا نحتاجها أو قضاء أمسية كسولة أمام التلفاز؟ ولماذا نكرر ذلك مرارًا وتكرارًا على الرغم من معرفتنا بأنه ليس في مصلحتنا؟

ذلك لأن نظام المكافأة في الدماغ ليس دائمًا في صفك، وأحيانًا يقودك في الاتجاه الخاطئ. فما الذي يحدث بالضبط في الدماغ عندما تشتهي شيئًا ما؟ أولاً، ترى أو تشم شيئًا ترغب فيه، وهذا وحده كافٍ لتنشيط نظام المكافأة في الدماغ. حيث يطلق هذا النظام ناقلًا عصبيًا يسمى الدوبامين Dopamine, والذي يحفز المناطق المسؤولة عن الانتباه والتحفيز واتخاذ الإجراءات.

يمكن تحفيز إفراز الدوبامين Dopamine بأي شيء ارتبط لدينا بالشعور بالسعادة، مثل لافتة خصم 70% في أحد المتاجر، أو رائحة شريحة لحم أو برجر نباتي، أو وجه جذاب يبتسم لك. وعندما يتم إفراز الدوبامين، يصبح الشيء الذي حفّز هذه الاستجابة مرغوبًا للغاية، حتى لو كان ذلك يتعارض مع مصلحتنا طويلة المدى، مثل الطعام غير الصحي أو الإفراط في تصفح الإنترنت أو شرب الكحول أو العلاقات العشوائية قصيرة الأمد.

لهذا السبب ننخرط في أنشطة تبدو لا تُقاوَم من الوهلة الأولى، ولكنها تتركنا نشعر بالذنب وعدم الرضا بعد ذلك. أما أسلافنا في العصور البدائية، فلم يكونوا يعانون من هذا النظام التحفيزي. بل على العكس، كان انجذابهم إلى الأشياء الحلوة يمثل ميزة لهم، حيث كانت الفواكه والتوت الحلوة جزءًا أساسيًا من نظامهم الغذائي. كما كان أسلافنا أكثر حرية في تلبية اندفاعاتهم الغريزية دون القيود المجتمعية الحديثة.

ولكن على الرغم من أن هذه الآلية الاندفاعية لم تعد بنفس الفائدة في عصرنا الحالي، إلا أنها لا تزال موجودة، وعلينا التأكد من أنها لا تدفعنا نحو اختيارات غير صحية أو غير حكيمة. فماذا يمكنك أن تفعل؟ يمكنك في الواقع تحويل هذا الضعف إلى قوة من خلال دمج المهام غير المحببة مع شيء يحفّز إفراز الدوبامين لديك. على سبيل المثال، خذ أوراقك المملة إلى مقهاك المفضل وأنهِها أثناء الاستمتاع بكوب لذيذ من الشوكولاتة الساخنة.

الومضة السابعة - الشعور بالسوء يُضعف قوة الإرادة عن طريق إثارة الرغبات والتوقعات العالية:

يُعدّ التوتر مصدرًا شائعًا للتعاسة. فقد يكون ناتجًا عن مشكلات مهنية أو شخصية، أو حتى بسبب أحداث خارجية مثل الأخبار السيئة في وسائل الإعلام. ويُشكّل التوتر أحد أكبر التهديدات لقوة الإرادة لأنه يؤدي إلى ظهور رغبات ملحّة غير مرغوبة.

كيف يحدث ذلك؟ التوتر يجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك، مما يدفعك إلى فعل شيء لتحسين مزاجك. ولسوء الحظ، في بعض الأحيان تكون أسهل طريقة للشعور بالتحسن هي القيام بالشيء ذاته الذي ستشعر بالندم عليه لاحقًا. على سبيل المثال، قد تجعلك خسارة المال في الكازينو تشعر بالإحباط لدرجة أنك تستمر في المقامرة لمحاولة الفوز وتعويض خسارتك وبالتالي يخفف من توترك، ولكن هذا الاندفاع قد يقودك إلى اتخاذ مخاطر أكبر فأكبر، مما يؤدي في النهاية إلى خسارة بعض ثروتك. والسؤال هنا: كيف يمكنك التغلب على ذلك؟

عندما تشعر بالتوتر، لا تستسلم للرغبات الملحة والفورية. بدلاً من ذلك، جرّب استراتيجيات لتخفيف التوتر ذات تأثير مستدام، مثل ممارسة الرياضة أو التأمل. قد تتطلب هذه الأنشطة جهدًا أكبر، لكنها ستمنحك شعورًا بالرضا بدلاً من الشعور بالذنب. ومع ذلك، لا تتخذ قرارات غير واقعية لمواجهة التوتر، لأنك ستكون أكثر عرضة للاستسلام مبكرًا. فعندما يمر الناس بمرحلة صعبة في حياتهم، مثل مواجهة رهن عقاري ضخم، غالبًا ما يقررون تغيير حياتهم بشكل جذري.

على سبيل المثال، قد نقرر خفض جميع نفقاتنا بنسبة 25% لإعادة ترتيب أوضاعنا المالية. هذا تغيير كبير، وغالبًا ما تبدو مثل هذه القرارات وكأنها ستغير حياتنا بالكامل. نتخيل أنفسنا وقد تحررنا من المشكلات، وأن الناس سيعاملوننا بطريقة مختلفة تمامًا، وكل ذلك بسبب هذا التغيير الواحد. هذا يعزز ثقتنا بأنفسنا. ولكن، قد تأتي النتائج بعكس ما نتوقعه. فكلما رفعنا سقف أهدافنا، زادت صعوبة الالتزام بها.

الفشل في تحقيق توقعاتنا يؤدي إلى الإحباط والشعور بالذنب والشك في الذات، وسرعان ما نتخلى عن جهودنا تمامًا. لتجنب هذا المصير، تذكر أنه عندما تفشل في تحقيق أهدافك، لا تيأس. فقط سامح نفسك وحاول مرة أخرى.

الومضة الثامنة - عندما نركز كثيرًا على اللحظة الحالية، فإننا نتخذ قرارات سيئة على المدى الطويل:

هل سبق لك أن ألزمت نفسك بالكثير من المسؤوليات ثم وجدت نفسك غارقًا فيها؟ هل سبق لك أن ندمت على قراراتك السابقة عندما واجهت تكاليفها الحقيقية؟

كلتا الظاهرتين ناتجتان عن عدم قدرتنا على تصور المستقبل بوضوح، وخاصة تصور ذواتنا المستقبلية. فنحن لا نرى ذواتنا المستقبلية كجزء منا، بل كأشخاص بعيدين ومختلفين. يعاملهم دماغنا كغرباء نظرًا لعدم قدرتنا على استشعار أفكارهم ومشاعرهم.

يمكن أن يدفعنا هذا إلى تأجيل المهام، على أمل أن يكون لدينا في المستقبل قوة إرادة أكبر لإنجازها، أو ما هو أسوأ من ذلك، هو تراكم الديون مع الأمل في أن تتمكن ذواتنا المستقبلية من سدادها. لكن هذه الآمال لا تؤدي إلى أي شيء، لأن ذاتك المستقبلية ليست مختلفة عن ذاتك الحالية، وستواجه نفس التحديات سواء في تحفيز قوة إرادتك للقيام بمهمة غير محببة أو في تحقيق التوازن المالي. إذن، ما الذي يمكننا فعله؟

طريقة جيدة للتعرف على ذاتك المستقبلية هي التخيل. تخيل نفسك في المستقبل وأنت تنظر إلى القرارات التي تتخذها اليوم وتفكر في عواقبها.

إذن، ما الذي يجعلنا نهمل ذواتنا المستقبلية أيضًا؟ إنها قابليتنا للاستسلام للإشباع الفوري. عندما يكون هناك شيء مغرٍ أمامك مباشرةً، قد يبدو مقاومته أمرًا مستحيلًا، لأن نظام المكافأة في الدماغ يستجيب بشدة للمكافآت المرئية. ويطرح السؤال هنا: لماذا؟

لأن المكافآت المرئية تجعلنا نبالغ في تقدير فوائد الإشباع الفوري ونقلل من أهمية التحكم في النفس. وهذا يدفعنا إلى اتخاذ قرارات قد نندم عليها لاحقًا. لكن إضعاف الإغراء يصبح ممكنًا إذا أنشأنا مسافة بيننا وبين الشيء المغري، على سبيل المثال، بجعله أقل وضوحًا أو أكثر صعوبة في الوصول إليه. وقد تم إثبات ذلك في دراسة أُجريت على موظفي المكاتب الذين وُضعت الحلوى في متناولهم، حيث تبيّن أن وضع الحلوى داخل درج المكتب بعيدًا عن الأنظار، بدلاً من وضعها على الطاولة، أدى إلى تقليل استهلاكها بمقدار الثلث.

الومضة التاسعة - محاولاتك لقمع الرغبات غير المرغوب فيها تجعلها في الواقع أقوى:

إليك تحديًا: خلال الدقائق الخمس القادمة، لا تفكر في الدببة البيضاء.

هل تستطيع فعل ذلك؟ يفشل معظم الناس في هذا التحدي. فعلى الرغم من أننا عادةً لا نفكر في الدببة البيضاء، فإن محاولة عدم التفكير بها بشكل واعٍ يجعل الأمر شبه مستحيل.

ينطبق الأمر نفسه على رغباتك. قد يبدو أن كبحها ينجح في البداية، لكنه في الواقع يجعلها أقوى. وقد أظهر ذلك أحد الباحثين الذي كان يؤمن بأن قمع الأفكار يدفعنا إلى فعل الشيء ذاته الذي نحاول عدم التفكير فيه.

لاختبار فرضيته، دعا مجموعة من النساء إلى اختبار تذوق لقطعتين متشابهتين من الشوكولاتة. وقبل تقديم الحلوى، طلب من المشاركات التفكير بصوت عالٍ لمدة خمس دقائق. تم توجيه إحدى المجموعات إلى قمع أي أفكار تتعلق بالشوكولاتة، بينما كانت المجموعة الأخرى حرة في التفكير بما تريد. وكما كان متوقعًا، أبلغت المجموعة التي تلقت تعليمات بعدم التفكير في الشوكولاتة عن عدد أقل من الأفكار حولها، لكنها في الوقت نفسه تناولت ضعف كمية الحلوى مقارنة بالمجموعة الأخرى. وهذا يفسر أيضًا سبب فشل معظم الحميات الغذائية؛ فكلما حاول الأشخاص مقاومة نوع معين من الطعام، ازداد انشغال أذهانهم به.

إذن، كيف يمكنك التغلب على الرغبات دون كبتها؟ عندما تتبع حمية غذائية، لا تحرم نفسك من الأطعمة التي تحبها، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة رغبتك فيها. بدلاً من أن تقرر أنك لن تتناول الوجبات السريعة أو الكعك، ركّز طاقتك على فكرة أنك ستتناول المزيد من الطعام الصحي. سيؤدي ذلك تلقائيًا إلى تقليل استهلاك الأطعمة غير الصحية، وستجد أن الالتزام بهذا التحدي الإيجابي أسهل بكثير. وعندما تظهر الرغبة غير المرغوب فيها، اسمح لنفسك بملاحظتها. راقب تنفسك وما تشعر به.

ثم تخيّل هذه الرغبة كأنها سحابة تتلاشى وتتحرك بعيدًا. هذه التقنية، المستوحاة من تقاليد التأمل الذهني، مفيدة بشكل خاص إذا كنت ترغب في التخلص من عادة غير مرغوبة مثل التدخين. وفي الومضة التالية والأخيرة، ستكتشف العوامل البيئية الأساسية التي تؤثر على قوة إرادتنا.

الومضة العاشرة - قوة الإرادة معدية: يمكن لبيئتنا الاجتماعية أن تزيد وتقلل من قوة إرادتنا:

هل لاحظت يومًا أنك تتصرف وتفكر بشكل مختلف حسب الأشخاص الذين ترافقهم؟ في الواقع، الأشخاص الذين نتفاعل معهم يؤثرون بشكل كبير على معتقداتنا وأهدافنا وأفعالنا. بل إن سمات مثل قوة الإرادة، سواء كانت قوية أو ضعيفة، يمكن أن تُكتسب من بيئتنا الاجتماعية. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أنه إذا لاحظنا أشخاصًا آخرين يتصرفون باندفاع، فإننا نميل أيضًا إلى التصرف باندفاع ونتجاهل أهدافنا طويلة المدى مقابل لحظة من المتعة.

هل لاحظت يومًا أنك تتصرف وتفكر بشكل مختلف اعتمادًا على من تكون معه؟ في الواقع، الأشخاص الذين نتفاعل معهم يؤثرون على معتقداتنا وأهدافنا وأفعالنا بدرجة ملحوظة. وحتى خصائص مثل قوة الإرادة القوية أو الضعيفة يمكن أن تنتقل إلينا من سياقنا الاجتماعي. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أنه إذا لاحظنا أشخاصًا آخرين يتصرفون باندفاع، فمن المرجح أن نكون اندفاعيين أيضًا ونهمل أهدافنا طويلة المدى من أجل لحظة ممتعة.

علاوة على ذلك، كلما أحببنا الشخص الذي نراقبه، زاد تأثير ذلك علينا، وكلما فقدنا المزيد من قوة الإرادة. ولحسن الحظ، يمكن استغلال هذه الآلية بشكل إيجابي، كما هو الحال مع الحمية الغذائية. تُظهر الأبحاث أن وجود صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة فقد وزنًا كبيرًا مؤخرًا يزيد من فرصك في فقدان الوزن أيضًا. إذًا، كيف يمكنك الاستفادة من ذلك؟ اسأل نفسك: هل تعرف شخصًا تُعجب بإرادته القوية؟

حاول التفكير فيهم أكثر، لأن الأبحاث تُظهر أن مجرد التفكير في شخص يتمتع بتحكم جيد في النفس يعزز من قوة إرادتك. وهناك طريقة أخرى للاستفادة من ”عدوى قوة الإرادة“ وهي إشراك الأصدقاء والعائلة في تحدياتك المتعلقة بالتحكم في النفس. وقد ظهر تأثير هذه الطريقة في دراسة بجامعة بيتسبرغ University of Pittsburgh حول فقدان الوزن، حيث طُلب من المشاركين التسجيل مع صديق أو أحد أفراد العائلة. ثم تم توجيههم لدعم بعضهم البعض في تحقيق أهدافهم، على سبيل المثال، من خلال تبادل رسائل تشجيعية أو مشاركة وجبات صحية من وقت لآخر. وكانت النتائج مذهلة، حيث تمكن 66% من المشاركين من الحفاظ على فقدان وزنهم عند متابعتهم بعد 10 أشهر.

أما بالنسبة للمجموعة الضابطة، أي المشاركين الذين لم يسجلوا مع شريك، فقد كانت نسبة النجاح 24% فقط. لذا، إذا كنت أنت وأحد أحبائك تتشاركون تحديًا يتعلق بالتحكم في النفس، فاجعلوه مشروعًا جماعيًا!

الخلاصة النهائية:

تكمن الفكرة الرئيسية في الكتاب في أنه من خلال تعلم كيفية التركيز على أهدافنا طويلة المدى، والحفاظ على مخزون قوة الإرادة لدينا، وتدريب عضلة قوة الإرادة، يمكننا اكتساب تحكم أكبر على عاداتنا السيئة والعيش حياة أكثر إشباعًا ورضا.

نبذة مختصرة عن المؤلفة:

الدكتورة كيلي مكغونيجال Kelly McGonigal, PhD, هي عالمة نفس صحية، ومحاضرة في جامعة ستانفورد Stanford University, وكاتبة علمية حائزة على جوائز، معروفة بأبحاثها العميقة حول العلاقة بين العقل والجسد، والمرونة، والتعاطف. وقد تم تكريمها بجوائز مرموقة، من بينها أعلى جائزة للتدريس في ستانفورد، جائزة والتر ج. جوريس the Walter J. Gores Award. وقد تُرجمت أعمالها إلى إحدى وثلاثين لغة. وهي مؤلفة للعديد من الكتب الأكثر مبيعًا عالميًا، مثل:

1. ”غريزة قوة الإرادة The Willpower Instinct“، و

2. ”بهجة الحركة The Joy of Movement“، و

3. ”اليوجا لتخفيف الألم Yoga for Pain Relief“، و

4. و”الجانب الإيجابي للتوتر The Upside of Stress“.


هذا الموضوع متوفر في مدونة فضاءات العوامي تحت الرابط التالي:

https://awamispaces.net/archives/1290