يتمنعن وهن الراغبات!
يعمل معها في القسم نفسه ويراها يوميا، صادفها فأخبرها بإعجابه بجمالها، ابتسمت، شكرته بأدب لمجاملته اللطيفة وتركته. تحرش بها فسكتت وابتعدت لكيلا تلفت الأنظار لنفسها في مكان العمل ولتعطيه فرصة ليلزم حدوده، وأخذت تحاول الانتقال من القسم بصمت وهدوء، لكن لم يحالفها الحظ، ومن منطلق «السكوت علامة الرضا»، والذي فسر على مر السنين على أنه خجل بينما يكون في بعض الحالات خوفاً شديداً من التحدث أو الاعتراض! تحرش بها مرة أخرى فسألته مستغربة: كيف تتجرأ؟ وكان رده: قد فاز باللذات من كان جسوراً! فانفجرت غاضبة وطلبت منه التوقف فرد: يتمنعن وهن الراغبات!!
يقال المثل الشعبي في موقف معين، يذهب الموقف، لكن يبقى المثل محفوظاً في الذاكرة الجمعية للأجيال يتناقلونه جيلاً بعد جيل، يستخدمه الناس عند حصول أي مواقف مشابهة. يعتبر استخدام الأمثال في المواقف المشابهة من الذكاء والنباهة، لكن المشكلة عندما يساء استخدام تلك الأمثال.
تعبر الأمثال الشعبية عن نظرة المجتمع لموضوع معين وتلعب دوراً مهماً في تشكيل وترسيخ الصور النمطية في المجتمع، حيث تفضح ما يخبئه الضمير الجمعي للمجتمع من قيم ومعتقدات اجتماعية سائدة لأنه خطاب شعبي واقعي.
إلا أن الكثير منها ساعد في التمييز ضد الأنثى والحط من قيمتها منذ لحظة ولادتها حيث تأتي في سياقات مختلفة، لكن عندما تتحدث عن المرأة فإنها غالباً ما تعزز صورتها كنقمة على والدها وككائن منحرف وشرير يجب كبح جماحه والسيطرة عليه وترويضه.
تحرض بعض الأمثال على التحرش أو العنف ضد النساء.
عقربتين على الحيط ولا بنتين بالبيت.
ابن عاصي ولا عشرة بنات مطيعات!
هم البنات للمات.
البنت في الدار.. عار!
إذا جاء صبي بنصلي على النبي.. وإذا جاءت بنت؟
الرجل لو كان فحمة للمرأة رحمة!
أو ظل راجل ولا ظل حيطة! ما يعني أن وجود الرجل في حياة المرأة مهم، حتى لو كان ظالماً، قاسياً، بخيلاً أو عنيفاً.
«ناقصات عقل ودين». لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة، هي أحاديث قيلت في سياق معين وفهمت خطأ.
«إن كيدهن عظيم»، هي آية خاصة بقصة النبي يوسف - - وكانت موجهة لفئة صغيرة من النساء في وقت معين وسياق معين، لكن درجت في المجتمع كمثل عن كيد النساء في كل زمان ومكان.
«وقرن في بيوتكن»، هي آية موجهة لزوجات الرسول - رضي الله عنهن - وأصبح المجتمع يستخدمها لإقناع النساء أن بقائهن في المنزل هو أفضل لهن وأنه أمر إلهي.
للاضطهاد والتمييز الكثير من المعاني والأشكال، لكن يبقى أشدها خطورة هو الاضطهاد والتمييز الذي يستخدم الدين كذريعة للإساءة للمرأة ولتوجيه رسائل مغلوطة والتحريض ضد النساء دون فهم حقيقي لقواعد الدين الحنيف، ومن المؤسف أن يكون للمرأة نفسها دور في صياغة وتكريس بعض تلك الأمثال للتقليل من شأنها وإذلالها مطبقة المثل القائل «جنت على نفسها براقش»!