الركيزة الأساسية للمدن الذكية
على الرغم من أن تاريخه بدأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فقد تم تصميم المترو لحل المشاكل التي لا تزال قائمة حتى اليوم. عندما افتُتح مترو لندن في 10 يناير 1863، كان الغرض الأساسي منه تخفيف الازدحام المروري على السطح.
على سبيل المثال، ظاهرياً تبدو طوكيو مثل العديد من المدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء العالم، حيث يسكنها عدد كبير من السكان الذين يحتاجون إلى الانتقال من المنزل إلى العمل والعودة مرة أخرى كل يوم. إذا كان الجميع يتنقلون بالسيارة، فستكون هناك حالة من الفوضى في الشوارع حيث تصبح الطرق مزدحمة ويزحف الناس إلى مكاتبهم بسرعة الحلزون.
مثل غيرها من المراكز السكانية الكبيرة، أنشأت طوكيو سكة حديدية حضرية تتقاطع في المدينة لتوفير وسيلة سريعة وفعالة للجميع للتنقل. مترو طوكيو الذي يتكون في الواقع من شبكتين منفصلتين ولكن متكاملتين «مترو طوكيو ومترو توي»، هو الأفضل والأكثر كفاءة في العالم. إنه ينقل ما يعادل نصف سكان العالم حول المدينة كل عام، ومع ذلك فهو أصغر ويحتوي على محطات أقل من أنظمة المترو في لندن ونيويورك وسول.
أحد الأسباب التي تجعل شبكة النقل الجماعي في المدينة فعالة للغاية هو أنها تخضع للتوسع دائماً. بدأ الخط الأول في العمل في ديسمبر 1927 وتم تمديده على مدى العقدين التاليين. ثم في عام 1951، بدأت أعمال بناء الخط الثاني. ومنذ ذلك الحين، كانت بعض أشكال تمديد الخط أو أعمال بناء خط جديد تجري بشكل مستمر تقريباً، حتى يومنا هذا.
إن وجود شبكة في حالة توسع دائماً يضمن أنها قادرة دائماً على التعامل مع أعداد الركاب المتزايدة باستمرار. وهذا مفيد في مدينة مثل طوكيو التي تجتذب حوالي 15 مليون سائح كل عام حيث حددت الحكومة المحلية هدفًا لمضاعفة هذا العدد إلى 40 مليوناً.
لتحقيق هذا الهدف الطموح، هناك حاجة إلى الكثير من الاستثمار. ولهذا السبب فازت طوكيو بعطاء استضافة الألعاب الأولمبية لعام 2020، وهو أكبر حدث رياضي في العالم يجذب ملايين المتفرجين ويرى صور المدينة تبث في منازل أكثر من مليار شخص.
بحلول عام 2035، ستبدو محطات المترو مختلفة تماماً. ستختفي البوابات الدوارة التقليدية. ستكون اللافتات الشخصية في كل مكان، باستخدام الاتصال في الوقت الفعلي. ستتوفر المعلومات الأكثر دقة حول كثافة الركاب في القطارات، إلى جانب الاقتراحات بشأن الطرق البديلة، من شأنها أن تعمل على تحسين إدارة حركة المرور. ولن يخاف الركاب من الإصابة بالجلطات خلال ساعة الذروة. كما ستتحسن إمكانية الوصول للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، وذلك من خلال توفير منحدرات خاصة، وممرات مخصصة، وفوق كل ذلك، ستكون القطارات أفضل تخطيطاً. ولن يمانع الركاب في البقاء في المحطات التي تضم تجار التجزئة والمرافق الثقافية. وسيتم تحويل بعض هذه المحطات إلى مراكز متعددة الخدمات، تضم مكتبات ومعارض وعروضاً ثقافية. وسيتم تحويل محطات أخرى إلى صالات عرض فنية، مصممة مثل مترو ستوكهولم لتلبية الراحة الجسدية والنفسية للمسافرين. وسوف تصبح المحطات التي تعد مراكز متعددة الوسائط هي القاعدة. وسوف تسهل الاتصالات بين المترو ووسائل النقل الأخرى، سواء الرأسية «المصاعد، وسيارات الأجرة الطائرة» أو الأفقية. وستوفر جميع المراكز أماكن وقوف الدراجات التي تعمل بالطاقة البشرية والدراجات الكهربائية. وستقوم أنظمة إدارة حركة المرور بالتحكم في نقاط التبادل هذه، وتنسيق أساطيل النقل المختلفة. سيكون عام 2035 بداية عصر جديد. ستصبح محطة المترو رمزاً للنموذج الخالي من الكربون والاقتصاد التقليدي.
وبهذا السياق، أنا سعيد جداً لتشغيل مترو الرياض قبل عدة أيام ونتطلع أن يكون الجسر الممتد بين جميع مناطق المملكة العربية السعودية بدءاً بالمنطقة الشرقية صاحبة المساحة الأضخم والمتعددة بعوامل جذب بيئية وثقافية.
بكل سرور، أقدم نسخة كتاب ”نهاية المدن التقليدية“ إلى المهندس المعماري. محمد بن عمر الفرج، تخرج في عام 2009 من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل «جامعة الملك فيصل سابقاً»، يحمل درجة البكالوريوس في العمارة الداخلية. لديه خبرة سابقة من مكتبي القطري والحداد للاستشارات الهندسية. في عام 2013 أسس مكتبة الخاص ”محمد عمر الفرج للاستشارات MOF Architects“ لخدمات التصاميم المعمارية والداخلية. وهو شخصية عرفت من قبل الكثيرين بالخلق والأدب العالي. نتمنى له كل التوفيق والنجاح.