الكفاءات العلمية في مجتمعنا «القطيفي»
لا شكَّ ولا ريبَ أنَّ لكلِّ مجتمعٍ كفاءاتٍ عالية في مختلف المجالات، سواء كانت إدارية أو طبية أو علمية أو ثقافية أو اقتصادية. وفي حديثنا عن الكفاءات في المملكة، نجدُّ أنَّ الأمر يتسع ليشملَ جميعَ مناطق الوطن، ولكن هنا، سنركز على استعراض كفاءات المجتمع القطيفي، ليس تحيزًا، بل لإبراز ما يواجهه البعض من تحديات في العمل التطوعي، ولأجل تسليط الضوء على الكفاءات التي لم تُمنح الفرصة أو التي اصطدمت بعقبات دفعتها للرحيل، مع الإشارة إلى أهمية الدور الذي تلعبه الكفاءات الإدارية في نجاح أي مجتمع، خاصة في مجال الأعمال التطوعية والخيرية عبر الجمعيات غير الربحية.
إنَّ الكفاءات التي تجد طريقها إلى الكيانات غير الربحية تأتي محمَّلةً برغبة حقيقية في تقديم قيمة مضافة لمجتمعاتها وأفرادها؛ فهي لا تعمل فقط على تحسين الأداء داخل هذه الكيانات، بل تحمل معها حلاً لمشكلات مجتمعية حقيقية من خلال إسهاماتها المهنية والتَّخصصية. ويسعى كلٌ منها، حسب تخصصه وخبرته، إلى تحقيق تحول اجتماعي وتطوير يتجاوز مجرد تقديم خدمة، إلى بناء ثقافة من العطاء والإبداع والابتكار التي تسهم في تحسين الواقع الاجتماعي للمجتمع وللفقراء والمساكين.
إذن، رغبتهم في خدمة المجتمع هي التي دفعتهم لاختيار هذا الطريق، وليس للبحث عن مكافآت شخصية أو مكانة اجتماعية؛ فإنَّهم يؤمنون بقوة أنَّ المؤسسات غير الربحية، على الرغم من العقبات التي قد تواجهها، هي قادرة على أن تكون منبرًا للخير والنَّجاح، والمكان الأنسب لتحقيق التغيير الإيجابي الذي ينعكس على المجتمع بأسره.
لا يمكننا تعميم الحكم على الجميع بأنهم انسحبوا أو تراجعوا بسبب الصعوبات والمعوقات التي واجهوها، فبعض التحديات قد تكون غير متوقعة أو تتجاوز قدراتهم على التكيف، سواء كانت إدارية أو غيرها. ويختلف الحال من شخص لآخر وفقًا للظروف والمواقف التي يمر بها. فقد يواجه البعض بيئة مليئة بالعقبات البيروقراطية أو نقص التقدير، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط، وقد يدفعهم ذلك إلى اتخاذ قرار بالابتعاد والانقطاع.
من ناحية أخرى، يُعدُّ العناد الفكري أو التصلب في الرأي من أبرز العوامل التي تعرقل الكفاءة الإدارية الفعّالة. فالقائد الذي يتمسك برأيه بشكل جامد، دون قبول النقد أو التغيير، ودون السعي لتوسيع آفاقه الفكرية، يصبح حاجزًا أمام الابتكار والتطور داخل المنظمة. فهذا النوع من التصلب الفكري يؤدي إلى إعاقة التواصل الفعّال بين الفرق، واتخاذ قرارات غير ناجعة، مما يُهدر الفرص والكفاءات والطاقات التي يحتاجها المجتمع لتحقيق التقدم.
وفي الختام، يظل السؤال مفتوحًا: هل هناك بالفعل كفاءات تُمارس العمل التطوعي على الرغم من المشاكل والصعوبات التي تواجهها؟
وهل يجد هؤلاء الأفراد البيئة المناسبة التي تحتضن قدراتهم وطموحاتهم، خصوصًا أنهم جاءوا بعزم ونية خالصة لخدمة المجتمع؟
وهل تمكنت هذه الكفاءات من تحقيق أهدافها، أم أن المعوقات فاقت توقعاتهم؟
وهل ما زالت الكفاءات تجد الفرص المناسبة لها في مجال العمل التطوعي؟
على كل قارئ أن يتوقف لحظة ليتأمل هذه الأسئلة بعناية؛ لأنَّ التقييم المستمر والتحليل العميق للواقع هما السبيل الأمثل للوصول إلى إجابة دقيقة وواقعية.