إليكَ يا معيري بذكر أسماء النساءِ
التَعْيِيْرُ هو مصدر عَيَّرَ وتَعْيِيرُ رَجُلٍ: تَقْبِيحُ فِعْلِهِ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى العَارِ وَالعَيْبِ [1] ، يتعرض لهذا التعيير، الكثير من باحثي الأنساب ومن يجمع الأسماء لصنع شجرة تجمع عائلته، فعند طلبهم من أحد الأشخاص مثلًا اسم ابنته أو أمه أو زوجته أو أخته وما نحوهم يتعرضون للتعيير والنهر الشديد، وقد سمعت ذلك من عدة من أصحابنا من المهتمين في هذا المجال، فهؤلاء الناس يعيقون رحلة البحث ويجعلون النتيجة النهائية التي يصل إليها الباحث ناقصة غير مكتملة، بل وقد يهاجمون الباحث بهجوم عنيف مدوٍ، فيا ترى من أين استقوا وتعلموا أن ذكر اسم المرأة عيب ومن شرَّع لهم مهاجمة الباحثين بعنف؟
يَعْجَبُ كل ذي عقل من هذه الظاهرة، فهل هم لم يسمعوا ذكر اسم السيدة مريم في القرآن وأن اسمها كان شائعًا يعرفه أهل بلدها، بل وكل البشرية الآن، فهل استحى نبي الله عيسى من ذكر اسم أمه ومعرفة عامة البشر به؟ بل ومن ذكر اسمه تبعًا لأمه وهو عيسى بن مريم؟ ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: آية 45].
ألم يسمعوا بحديث رسول الله الذي يقول فيه اسم ابنته وقد سمع هذا الحديث أهل المدينة كلها، بل ودوِّن هذا الحديث في الكتب، وعرفه الناس عبر العصور، وهو «يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها» [2] ، فهل لو كان ذكر اسم المرأة عيبًا قد ذكر رسول الله اسم ابنته وعرفه الناس؟ بل لو كان عيبًا فكيف يذكر اسمها في خطبة أمام الملأ وهي:
”فانطلقوا لأمر رسول الله ﷺ، وأقبل رسول الله ﷺ فجلس على أعلى درجة من منبره، فلما حشد المسجد بأهله قام رسول الله ﷺ، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر الخطبة، إلى أن قال: «وإن الله تعالى أمرني أنْ اُزوّج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي علي بن أبي طالب، والله «عزّ شأنه» قد زوّجه بها في السماء، بشهادة الملائكة، وأمرني أن أزوجه في الأرض، وأشهدكم على ذلك».“ [3]
وهل إذا كان ذكر اسم الزوجة والبنت عيبًا ذكر الإمام الحسين اسم زوجته وابنته في شعر نعرفه اليوم وهو:
لَعَمرُكَ إِنَّني لَأُحِبُّ داراً * تَحلُّ بِها سَكينَةُ وَالرَبابُ
أُحِبُّهُما وَأَبذُلُ جُلَّ مالي * وَلَيسَ بِلائِمي فيها عِتابُ
وَلَستُ لَهُم وَإِن عَتِبوا مُطيعاً * حَياتي أَو يُغَيِّبني التُرابُ [4]