قياس الجودة بين السهولة والصعوبة
لقد تعرضت عملية قياس جودة الخدمة في السنوات الأخيرة إلى جدال كبير من خلال العديد من البحوث والدراسات المتخصصة في هذا الصدد، وذلك بهدف البحث عن نموذج مناسب للقياس من خلال الأبعاد والعناصر المعبرة عن جودة الخدمة.
فواحدة من أبرز المحاولات التي بذلت في هذا المجال، هو ما قام به كلٌّ من (Parasuraman & Berry,1988)، من خلال دراستاهم التي بدأت عام 1987 م وما زالت مستمرة حتى الآن، والتي أسفرت عن العديد من النتائج الأولية التي تستحق الاهتمام. ويركز هؤلاء الباحثون على الاعتقاد القائل بأن جودة الخدمة قابلة للقياس على الرغم من غياب البعد المادي أو التطور بالنسبة لها مما يجعل من الصعب قياسها بالمقارنة بالسلع المادية.
على الرغم من التطور الهائل الذي حدث على المعايير المستخدمة في مجال السلع لا تزال عملية قياس الجودة في قطاع الخدمات بالغة الصعوبة كما هو سائد في المنظمات الصناعية الإنتاجية وذلك بسبب النمطية في طبيعتها التي يمكن تعززها في بعض الحالات، منها (عبيد، 2005):
(أ) صعوبة قياس جودة الخدمات يعود إلى تعدد وجهات النظر التي يمكن إجمالها في سببين هما:
1- التفاوت الإدراكي والاختلاف المعرفي للزبائن واختلاف طريقتهم في الحكم على جودة الخدمات.
2- الفرق بين وجهات نظر العميل وبين وجهة نظر الإدارة في مستوى جودة الخدمات وبالتالي صعوبة التواصل إلى مفهوم موحد لقياس جودة الخدمات.
(ب) تتوقف جودة الخدمات على درجة وعي العملاء والقدرة على توفير المعلومات الدقيقة التي تساعد مقدمي الخدمة على تحديد احتياجات كل عميل ومحاولة الوفاء بها، ولكن عدم وعي بعض الزبائن قد يحول دون ذلك.
(ج) يتم تقييم جودة الخدمات والحكم عليها وفقاً للعمليات التي تؤدي بها وليس وفق معايير تتعلق بالخدمات ومكوناتها.
كما يعكس تنوع وتعدد الدراسات التي تناولت موضوع جودة الخدمة وطرق قياسها درجة الاهتمام بها، وقد ترتب عليها عدة مقاييس لقياس الجودة وشرح أبعادها.
هناك طريقتان رئيستان شائعتان لقياس جودة الخدمة:
1- أسلوب (Paesuraman) أعوام 1985,1991,1996 حيث يعتمد هذا الأسلوب على توقعات العملاء لمستوى الخدمة وتصوراتهم نحو مستوى أداء الخدمة المقدمة إليهم بالفعل.
وهو ما يعرف باسم مقياس ”SERVQUAL“ وذلك من خلال تصميم المقياس الأكثر شهرة في مجال قياس جودة الخدمة والذي يسمى أيضا بنموذج الفجوات (MoselGraps) أو نموذج (PZB) نسبة إلى أحرف مكتشفيه الأولى، كما يطلق عليه البعض مسمى“ نموذج الفجوة بين الأداء والتوقعات“. ويعتمد هذا النموذج في حكمه على جودة الخدمة من خلال المقارنة بين ما يتوقعه العميل ومستوى الأداء الفعلي للمنظمة، أي قياس مدى التطابق بين جودة الخدمة للعميل بالفعل، وجودة الخدمة التي يتوقعها.
الفجوة = توقعات العميل = الأداء الفعلي
هذا النموذج يعد أداة محكمة ومتعددة الأبعاد تتمتع بجودة عالية من الثبات والصلاحية، ويمكن استخدامها في تحقيق فهم أفضل لـ (التوقعات / التصورات) التي يكونها العميل.
ويمكننا القول أن العديد من الدراسات الحديثة نسبياً قد استخدمت النموذج نفسه في محاولة منها لإيجاد طريقة لقياس جودة الخدمة وفهم توقعات العملاء بشكل أفضل، إضافة إلى ذلك قد شككت نتائج دراسات أخرى في صلاحية مقياس الفجوة ”SERVQUAL“ للحكم على جودة الخدمة، ومن هذه الدراسات دراسة (Taylor&Cronin,1992) إذ أوصى الباحثان بضرورة استخدام معايير أكثر عملية لقياس جودة الخدمة.
2- أسلوب (Cronin and Taylor,1992):
في ضوء الانتقادات الموجهة للأسلوب الأول ”SERVQUAL“ اعتمد هذان الباحثان الأسلوب الثاني في قياس جودة الخدمة، إذ يرفض الأسلوب في قياس جودة الخدمة فكرة الفجوة بين (إدراكات العملاء وتوقعاتهم) وقد أطلق على هذا الأسلوب في قياس جودة الخدمة مقياس الأداء الفعلي“ SERVPERF“ ويمكن التعبير عن جودة الخدمة رياضياً وفقاً لهذا المقياس على النحو التالي:
جودة الخدمة = الأداء
ويلاحظ أن مقياس ”SERVPERF“ لجودة الخدمة يعتمد على قياس الجودة إذ يعدها شكلاً من أشكال الاتجاهات نحو الأداء الفعلي للخدمة، ولن يختلف المقياس الجديد ”SERVPERF“ عن المقياس الأول ”SERVQUAL“ في الأبعاد الرئيسية المستخدمة في قياس جودة الخدمة، وهي: الأشياء المادية (العناصر الملموسة)، والاعتمادية والاستجابة (سرعة الاستجابة)، والأمان والتعاطف (الاهتمام) وبنودها الفرعية الاثنين والعشرين.
ويتميز المقياس الثاني لجودة الخدمة ”SERVPERF“ من وجهة نظر مؤيديه بالبساطة وسهولة الاستخدام وبزيادة درجة مصداقيته وواقعيته لأنه يستبعد عمليات الطرح بين توقعات العميل وإدراكاته لمستوى الخدمة.
كما تعرض أيضاً المقياس الثاني لجودة الخدمة للعديد من الانتقادات تركز معظمها حول محدودية قيمة النتائج المستخلصة من استخدامه، نتيجة لتجاهله توقعات العملاء، ومن ثم تحديد فجوة الخدمة، فضلاً عن الانتقادات الخاصة بمنهجية القياس والطرق الإحصائية المستخدمة في التحقق ومصداقيته في التطبيق العملي.