آخر تحديث: 27 / 7 / 2024م - 2:13 ص

تحليل (SWOT) الرباعي ودوره في رسم الخطط الإستراتيجية للكيانات الربحية وغير الربحية

ناجي وهب الفرج *

يخضعُ العمل المؤسساتي سواءً كان محسوبًا على القطاع العام أو القطاع الخاص أو حتى القطاع غير الربحي لحزمة من التنظيمات التي تضمن فاعليته واستمراره وديمومته لفترات طويلة. ولا يمكن فك الارتباط بين أجزائه وفصلها عن بعضها البعض داخل النظام المؤسسي؛ فهي ترتبط مع بعضها البعض للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة.

فالعنصر البشري أو ما يطلق عليه ضمن الهيكل التنظيمي لأي كيان مؤسسي بإدارة الموارد البشرية (Human Resources Management) والذي يختصر بـ (HR) وهي التي تمثل إحدى الوظائف الهامة في المنشآت الحديثة التي تختص باستخدام العنصر البشري بكفاءة في المنشآت بكافة أنواعها. ويعتبر العنصر البشري من العوامل المهمة التي يتم من خلاله التعويل على إنجاز المهام وتحقيقها في فترات زمنية محددة مع موائمتها للتكيف مع ما يستجد من متطلبات وتشريعات تخضع وتتماشى مع ما يرد لهذه المؤسسات من لوائح وتعليمات من الجهات الإشرافية التابعة لها.

من الأهمية بمكان أن يحظى العنصر البشري الذي هو الحلقة الأبرز الذي يدير ويتابع عمل هذه المؤسسات باهتمام بالغ ومنظومة موجهة من التدريبات والتهيئة لكي يمكّنه ذلك من ممارسة الدور المناط به والمسند إليه.

فلا مجال لاجتهاد فردي من هذا الطرف أو ذاك في عمل وإدارة العمل في هذه المؤسسة أو تلك، إنما تخضع لتراتبية مرسومة ضمن أطر تم دراستها وثبت جدواها على من قام بممارستها وعمل بها لفترات زمنية طويلة ومتباعدة؛ لذلك نجد كثير من الوزارات والجهات التي تتولى الإشراف على تنفيذ الخدمات وإيصالها لمستحقيها على الوجه المطلوب والمحقق للأهداف المنشودة، تلجأ إلى وضع الخطط التشغيلية التي تصاحب خططها الإستراتيجية القابلة للقياس والتي تضعنا على مقدار ما تحقق وما لم يتحقق ومواطن الخلل والضعف لمنظومة العمل.

ولكي نصل إلى تجويد عمل مثل هذه المؤسسات وتحقيق أفضل النتائج المتوقعة لا بد من الاسترشاد بما ورد في كتاب الله العزيز بهذا الخصوص حيث جلَّ من قائل في محكم كتابه العزيز: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [1] ، وبقول سيد ولد آدم نبينا وحبيب قلوبنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام منطلقًا وجدانيًا نسترشد به أثناء عملنا حين قال: ”إنَّ الله تعالى يحبّ إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه“ [2] .

ومن الطرق المتبعة والتي تضمن تنفيذ الشق الإجرائي، كان لا بد من إخضاع هذه المنظومات إلى معايير وتحاليل كتحليل (SWOT) الذي يعتبر بمثابة الخطة التي تعنى بالتحليل الاستراتيجي للكثير من المجالات؛ كإدارة الأعمال والتسويق والتنمية البشرية وغيرها، والذي يضع خارطة طريق للعمل ضمن أطر محددة يرسم من خلالها طريقة التنفيذ؛ إذ يستلزم ذلك الوقوف على جملة من المحددات التي تضمن تحقيق المستوى المأمول والمطلوب والتي منها نقاط الضعف وهي مواطن الضعف في المشروع وهي ترجمة لكلمة (Weaknesses)، والقوة (Strengths) وهي عناصر القوة في المشروع وتميزه عن غيره من المشاريع، والتهديدات وهي التي يمكن أن تأتي من خارج المشروع وتسبب اضطرابات للمشروع وهي ترجمة لكلمة (Threats)، والفرص وهي التي يمكن أن تأتي من خارج المشروع وقد تؤدي على سبيل المثال إلى زيادة المبيعات وأيضاً يمكن أن تؤدي لزيادة الأرباح، وهي ترجمة لكلمة (Opportunities). [3] 

وبوساطة هذه المحددات التي هي أشبه لما يطلق عليه بدراسة الجدوى، نستطيع بناءً عليها أن نضع الإستراتيجيات التي نعتمدها ونبني عليها؛ لتحقيق أهدافنا سواءً على المدى القريب أو المدى البعيد المنظور؛ مما يختزل لنا الكثير من الوقت والجهد والمال أثناء قيامنا بعمل منهجية تكفل لنا الوصول إلى تحقيق أهدافنا المرسومة بسلاسة وموضوعية ورؤية واضحة، الاستراتيجية كمفهوم عمومًا هي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في أقل وقت ممكن وبأقل جهد مبذول..

ولكي يتأتى التأكد من سلامة الخطط والوصول إلى الأهداف يتم وضع المناهج في العملية التعليمية وتطبيقها على التلاميذ لإعداد مجتمع معرفي، وتعتمد البرتوكولات العلاجية المجربة والمدروسة في الصحة للسيطرة على داء ما، وتعتمد التصاميم الهندسية للمباني والطرق وغيرها لتكون مقاومة لعوامل الزمن وملبية لمتطلبات الاستخدام، وتقر التنظيمات والتشريعات المستجدة لتلائم ظروف الناس وتنظيم متطلباتهم وتغطية احتياجاتهم مع ما يتناسب مع الازدياد المطرد في أعداهم.

تلجأ الكثير من الكيانات الرعوية لوضع خطط عمل على المدى البعيد أو حتى القريب، لتضمن إخضاع العمل لمراجعة دورية وتغذية راجعة (Feedback) والتي تزود الممارس بمعلومات عن أدائه وتؤدي إلى إعادة توجيهه مما يؤدي إلى تقويم السلوك والحكم عليه لتتمكن من خلالها من مراجعة خلل أو نقص وقع في اتجاه أو تصور محدد.

ومن الجدير بالذكر هنا هو عدم الخلط بين التغذية الراجعة والتعزيز؛ فالتغذية الراجعة أدَقُّ من التعزيز، وفي التغذية الراجعة تراكم معرفي أما في التعزيز فهو تراكم وجداني، التعزيز هو نتيجة مترتبة على الأداء أما التغذية الراجعة فهي معلومات متعلقة بالأداء.


[1]  سورة التوبة: 105

[2]  الجامع الصَّغِير، جلال الدِّين السّيوطي: 1/284

[3]  الموسوعة الحرة بتصرف
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية