الإمام الصادق (ع) انتماء وولاء ومحبة
لقد كانت وما زالت مدرسته ومنهجه امتدادا إلى آبائه الكرام ومحط تأمل.
ولقد نسب محبو أهل البيت إليه جعفري خطا وسيرة.
قالت السيدة الزهراء في الخطبة الفدكية: ”طاعتنا نظاماً للملة وإمامتنا أمانا من الفرقة“.
- وكل سنة يتم إحياء ذكرى شهادته في ال 25 من شوال وتاريخ شهادته عام 114 هجرية.
- وبهذه المناسبة نتذكر ما ذكر في كتاب الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب.
نقله إلى العربية د / نور الدين آل علي
الطبعة الأولى
1408 هجري /1988 م
وإن القارئ لهذه الفصول (الواردة في الكتاب) ليقف أمام صفحاتها المضيئة مذهولا حقا، ولسوف يجد نفسه أمام عظمة هذه الروح العلمية، التي انعكس ضوؤها على هذه الدراسات، فكان من وراء ذلك عالم فسيح كشف عنه هؤلاء العلماء، وبدا في صدر هذه الصور الرفيعة صورة الإمام جعفر الصادق ، مشرقة شامخة بفكره الرفيع وبشخصيته الجليلة المهيبة، وبحكمته الصادقة وتجاربه الواسعة في فهم الحياة والناس.
وقد درس الإمام الصادق علوم الطب لتلاميذه في مدرسته، التي كانت أول مدرسة في الإسلام. كما فنّد الصادق أيضاً القول بالعناصر الأربعة، وكان أول من اهتدى إلى الأكسجين. وكانت له نظريات حول أشعة النجوم، وحول الزمان والمكان، وحول الضوء، وحول نشأة الكون، وحول حقائق كثيرة في الفكر والدين والحضارة والحكمة والفلسفة والطبيعة والبيئة والتاريخ، وغيرها مما سبق في كثير من علماء الغرب المعاصرين، وكان شعار مدرسة الصادق حرية الرأي والفكر، وقد دونت العلوم في عصره، الذي كان عصر انبعاث لحركة التجديد في تاريخ العالم الإسلامي، وكان الصادق ينهي عن المغالاة في العقيدة، وعن الخلاف، وعن العزلة.
بل إن الصادق كذلك هو مؤسس العلوم العرفانية والروحية في الإسلام، وكان أول من دعا إلى المذهب التجريبي، وأخذه عنه تلميذه جابر بن حيان أول كيميائي في المسلمين والصادق أيضاً أول من رصد جائزة أدبية في تاريخ العرب.
وكان أديباً بليغاً، وأدبه وحكمته جديرين بالدراسة والبحث.
هذا هو الإمام الصادق، كما يراه المستشرقون وعلماء الغرب، وهذا هو البحث الأكاديمي الرائع الذي يعد من أعمق البحوث العلمية الجامعية في السنوات الأخيرة.
ولقد عاش الصادق في عصر الطغيان السياسي الكبير، الذي سادت فيه دولة بني أمية، وتبعتها دولة بني العباس، حيث أسرفوا جميعاً في اضطهاد آل البيت وتعقبهم بالقتل والتشريد والحبس والنفي والمصادرة، خوفاً من نفوذهم الروحي الشعبي الكبير، ومن وثوبهم إلى الخلافة، وطلبهم لها.
وكان الصادق عميق الفهم لعصره ومجتمعه، وللناس من حوله، فاستطاع أن يحفظ على نفسه حياته، وأن يبقى عليها حتى لا يراق دمه بيد الأمويين أو العباسيين من بعدهم.
كما قال فيه الإمام مالك بن أنس : ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً. ونود في هذه المقدمة أن نشير ولو بإيجاز إلى الجوانب غير المعروفة من ثقافة الإمام وعلومه لنثير شوق الطالب إلى مزيد من البحث والتنقيب اغترافاً من هذا البحر الزاخر.
وعندما أعلن جعفر الصادق رأيه في استحالة اجتماع حركتي الشمس (1 - في منطقة البروج و 2 - حول الأرض) لم تستطع العقلية العلمية لغيره من معاصريه أن تدرك أهمية هذا الرأي وتستوعب حقيقة مداه، لأن هذه العقلية كانت من الضعف بحيث استعصي عليها هذا الفهم، وتعذر عليها بالتالي أن تولي آراء الصادق ما هي أهل له وجديرة من الاهتمام والعناية.
وهذا هو حال كل عبقري أو مفكر يرتفع بتفكيره الوسط الذي يعيش فيه، فهو يرى الأمور بعين ومنظار يختلفان عن مقاييس رؤية عامة الناس لها، وهي رؤية لا تتجاوز الأمور المحسوسة والحاجات اليومية الدارجة.
- وورد في بعض فصول الكتاب وذكر العبارة التالية:
1/ نظرية الصادق بشأن أشعة النجوم.
- أنه قل أن يكون هناك موضوع علمي وليس للصادق رأي ذو وزن فيه.
- وقد درسنا حتى الآن بعض النظريات التي طلع بها والتي تشهد له بأنه كان ذا عقلية علمية مرتبة، ولا تتوافر أمثال هذه العقليات إلا لأفذاذ العباقرة.
2/ الموت والفناء في نظر الصادق
- حقا، لقد كان الإمام جعفر الصادق واحد عصره، وقمة القمم في علوم الدين والدنيا في عصور كثيرة ممتدة.