التضخم الأمريكي ورطة مُتَعَدية
ورطة الاحتياطي الفدرالي في ضبط التضخم ورطة مُتَعدية، وهي ورطة من العيار الثقيل. لنأخذ أولاً أنها ورطة من العيار الثقيل. فالتضخم - عبر الأزمنة والقرون - يعلو ولا يُعلى عليه، بمعنى أنه سيبقى“مُحلقاً”ما دام ثمة وقود، وسيهبط عندما يستنفذ وقوده. ووقوده هي السيولة الزائدة. السيولة الزائدة يولدها اتساع متزايد في عجز الميزانية الأمريكية، الذي يتصاعد عاماً بعد عام دونما توقف، وما يساند أنه عجزٌ متزايد ومتواصل ما أصدره مكتب الميزانية بالكونجرس عن توقعاته بأن:
1. تعاني الولايات المتحدة من عجز قدره 1,6 تريليون $ في السنة المالية الحالية 2024,2. وأن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 99% في السنة المالية 2024.
وهكذا، فقضيتنا ليست تحديداً في أن ميزانية أمريكا ستعاني عجزاً، بل بتبعات ذلك العجز علينا؛ فقد رفعت سياسة الجدران الصينية بين الاحتياطي الفيدرالي والجهات التشريعية والتنفيذية إلى“حوار طرشان”لإدارة السيولة، ولم يفلح الاحتياطي الفيدرالي في أن يسيطر على التضخم بما يمكنه من خفض سعر الفائدة، الأمر الذي يمثل عقبةً كؤوداً تعيق نمو الاقتصادات لاسيما تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار، مثل الريال السعودي.
لنأخذ الآن الجانب الثاني أنها ورطة متعدية. إن بقاء سعر الفائدة على الدولار مرتفعاً يجعل الدولار قوياً، بما ينعكس على الريال كذلك فيجعله قوياً، ويحد ذلك من تنافسية الصادرات «بما في ذلك الصادرات من النفط»، ومن استقطاب الاستثمارات، ليس في السعودية فقط بل في الاقتصادات الناشئة إجمالاً.
المغزى: سيبقى الدولار قوياً ما دام سعر الفائدة مرتفعاً، مما يؤثر سلباً على تكلفة تمويل المشاريع، وبما يقلل من جدواها، وقد يؤدي لإعادة جدولتها في انتظار تراجع سعر الفائدة.. ويا ليل ما أطولك مع ما يمر به الاقتصاد الأمريكي من: ارتفاع للتضخم، وارتفاع للنمو، وارتفاع للعجز، وارتفاع في السيولة، وهي توليفة من عوامل ستبقى الدولار قوياً، ويبدو واضحاً أن هذا الوضع سيستمر حتى نهاية 2024.
ما الحل؟