آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

تغيرت..!!

المهندس أمير الصالح *

يسألك البعض أحيانًا: تغيرت؟

جوابك وتفاعلك مع كلام السائل يعتمد على نبرة صوته وأسلوب إلقائه للكلمة ومشاعره «غضب، حب، تهكم، شوق، عتاب، استنكار، استفهام، شماتة، تحدي، خجل، ”تقزيرة“، تسلية، سحب معلومات، تهتك.. الخ». وقد يكون الجواب ينطق عن حقيقة مشاعرك وينم عن بعض حقيقة ما يدور في خلدك أو عن سبب تغيرك نحو السائل وأسلوب تعامله معك سواء كان إيجابًا أو سلبًا.

فمثلًا كانت إجابة أديب المهجر اللبناني جبران خليل جبران لذات السؤال:

يسألوني لماذا تغيرت؟ لأني تأذيت أكثر مما أستحق.

وأجاب آخر: الكلمة، الموقف. العمر، الاهتمامات، النظرات، الظروف، الأحوال، المال، الأعمال، الجري خلف لقمة العيش،.. تُغيّر

وقال آخر: لم أتغير بل أنت تغيرت!

وقال ثان: نعم تغيرت ولكن للأحسن! ماذا عنك؟

وقال ثالث: تغيرت للأحسن بسبب شهر رمضان

قال رابع: تغيرت.. نعم تغيرت.. عندك صك على مزاجي!

قال رابع: التغيير سنة الحياة وعلامة فارقة للأحياء!

الترند العالمي الحالي هو التغير ومواكبة العصر وأدرجت حديثًا مفردة جديدة في عالم الموارد البشرية وهي مسمى Change management. لمواكبة التغيرات السريعة في الثورة الصناعية الجديدة وهي ثورة التقنية استحدثت وظائف تحت تلك المفردة. وأهل الطموح والعفة والأهداف السامية والحراك التفاعلي الدائم، يؤمنون بضرورة السعي نحو الأفضل.

القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد: آية 11].

ولسان الدعاء المتواتر: اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك. والدعاء الآخر:

”يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حول حالنا إلى أحسن حال“

نحن نشاهد أممًا متعددة في الشرق والغرب اعتمدت آليات متفرقة ومتعددة للتغيير الاقتصادي أو الثقافي أو الصناعي أو التعليمي أو التحول التقني أو … أو … إلخ بهدف الريادة في ذلك المضمار. وكذلك شاهدنا بعض الأفراد داخل بعض الأسر اعتمدوا بصورة فردية مستقلة أنماط تحول وتغير سلوكي لبلوغ أهدافهم المادية أو التجارية أو الروحية أو العلمية أو الثقافية أو الأدبية.. الخ لتميز والتفرد. البعض من أولئك أخطأ الطريق، وإن وصل للنجومية. والبعض الآخر أصاب الطريق وإن لم يصل أهدافه بعد ولكنه سيصل بإذن الله جل جلاله. إلا أن شعلة الحراك داخل كل مجتمع انطلقت وكل شخص مرهون بعمله وأسلوبه وطرق ظهوره وترويجه لأفكاره وإنتاجه وتصرفاته «كل نفس بما كسبت رهين». ولا يحق لأي أحد أن يعمم الأحكام من سلوك فرد داخل أسرة عريقة أو غير عريقة على كامل أبناء عائلته أو مجتمعه أو منطقته أو بلاده ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء: آية 15]. إلا أن المعروف عرفًا بأن الشر يعم والخير يخص.

في الماضي القريب كان تصرف أي ابن وتصرف أي بنت محسوبًا على عوائلهم ومناطقهم وأبناء ملتهم. فإن أحسنوا التصرف وأدوا الأمانة وأتقنوا العمل قيل ”نعم الناس أبناء فلان واتباع فلان“. وإن أساؤوا التصرف وخانوا الأمانة وأساؤوا الأدب قيل عنهم ”أسوأ الناس أبناء فلان واتباع فلان واتباع ملة فلان“. واليوم لا يمكن التعويل على ذلك الفرز داخل ذات الكيان الاجتماعي وإن كان البعض ما زال يحمل نفس المنظار ويسيئ توظيفه. نعم التغيير للأفضل هو ما تطمح إليه كل الأنفس لا سيما الأنفس الطاهرة والمجدة والشغوفة والعزيزة والكادحة، ولكن بعض الأنفس مع شديد الأسف تتبع خطوات الشيطان وتترك هُدى الرحمن ظنًا أنها ستصل بشكل أسرع وتحصد بشكل أكبر و. إن ضحت بمبادئ وألغت قيمًا وانتهكت حرمات. شهر رمضان المبارك منصة زمنية رائعة مشبعة ببرامج روحية مكثفة وتتيح لكل منا رسم خريطة الطريق أو مراجعة خرائطه السابقة للوصول للمجد والعزة والكرامة والتغيير نحو الأفضل. أما برامج بعض قنوات التلفاز وبعض المحطات الفضائية العابرة للقارات فإنها في شهر رمضان دسمة بالإيحاءات المنحدرة وتغذية الغرور وتعزيز خواطر الشياطين والنفخ في طول الأمل والتحريض على اتباع الأهواء.

ختامًا، لو سألك أحدهم الآن ونحن على مشارف انتهاء شهر رمضان المبارك: هل تغيرت؟ وإن تغيرت فهل تغيرت للأفضل؟ وبماذا تنصح الآخرين لإحراز التغيير الأفضل؟