آخر تحديث: 6 / 10 / 2024م - 9:39 م

العدل الدولية والاحتمالات المرتقبة

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

جرائم الكيان المحتل في تدمير وإبادة الشعب الفلسطيني ومحاولة التطهير العرقي، نجم عنه قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين شيوخ وأطفال ونساء، وتدمير جوامع ومدارس ومشافٍ شملت البنية التحتية في كافة مدن وبلدات القطاع، حتى النبات والشجر لم يسلم من جرائمهم الفظيعة، فوصفت هذه الجرائم من قبل أصحاب القانون بجريمة الإبادة الجماعية، حيث تسمى في القانون الدولي“ جرائم الجرائم“ وأنها معتمدة بالقانون منذ تاريخ 9/12/1948 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه الجرائم أثارت الرأي العام العالمي ودفع بدول كثيرة منها جنوب أفريقيا التي عاشت في العقود السابقة حالة التطهير العرقي والفصل العنصري وعانى مجتمعها القهر والذل والدمار، دفعها بأن تتبنى محاكمة الكيان المحتل في المحاكم الدولية نتيجة لجرائمه. ويتلخص الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية حسب الاتفاقيات الدولية بأنه:“ قتل أعضاء من جماعة معينة «هم الشعب الفلسطيني»، والاعتداء الجسيم على السلامة الجسدية أو العقلية لأعضاء الجماعة وإخضاع الجماعة لظروف معيشية قاسية تفضي إلى القضاء عليهم بصفة كلية أو جزئية”. بعد تقديم جنوب أفريقيا المستندات وكافة الدلائل بإثبات جرائم الإبادة الجماعية من قبل الكيان المحتل، وتصويت المحكمة بأغلبية ساحقة لإدانته، حيث صوّت القضاة الأربعة عشر من الخمسة عشر الذين يمثلون محكمة العدل الدولية لصالح الشعب الفلسطيني وإدانة الكيان المحتل في جرائمه، ووقف المجازر والإبادة، والذهاب لمجلس الأمن الدولي حسب المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على“ أن كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة يتعهد أن يطبق حكم محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفا فيها. وفي حال امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فالطرف الآخر له الحق أن يلجأ إلى مجلس الأمن. وبإمكان هذا الأخير تقديم توصياته أو إصدار قرار بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ الحكم”.

محكمة العدل الدولية هي هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة. تأسست بموجب ميثاق الأمم المتحدة «الفصل الرابع عشر» في 26 حزيران/ يونيو 1945 بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية. يطلق عليها أيضا اسم“المحكمة العالمية”. عملها يكمن في النظر في الخلافات والنزاعات بين الدول التي تعرض عليها وذلك في إطار مراعاة القانون الدولي. لها أيضا دور استشاري في القضايا القانونية التي تطرح عليها من قبل المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة. تبلورت فكرة تأسيس محكمة دولية في القرن 19 خلال مؤتمر لاهاي للسلام الذي انعقد في العام 1899. ثم تطورت الفكرة مجددا في مؤتمر السلام الثاني الذي انعقد في نفس المدينة في 1907 ومن ثم بعد تأسيس عصبة الأمم المتحدة في 1919 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى» 1914-1918». بدأت هذه المحكمة نشاطها للمرة الأولى في العام 1922 لكنها لم تتمكن من مزاولته بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية. الأمر الذي أدى إلى تجميدها بشكل كامل لغاية 1946 وهو تاريخ انعقاد أول جلسة افتتاحية لها.

مهمات محكمة العدل الدولية هي فض النزاعات بين الدول، بينما محكمة الجنايات الدولية فهي تختص بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن جرائم الحرب.

ومحكمة العدل الدولية هي الهيئة القضائية الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة، وتتمثل مهمتها، تسوية وحل النزاعات القانونية بين الدول على أساس القانون الدولي، وعلى هذا الأساس فإن جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة يمكنها اللجوء إلى المحكمة وتقديم شكوى للبت في القضايا والخلافات القانونية المدنية التي تشترك بها عدة دول، وتتعامل مع قضايا مثل ترسيم الحدود وحقوق الإنسان والقانون البحري وغيرها من القضايا الدولية، كما يتم اللجوء إليها بتوقيع اتفاقية بين طرفي النزاع، وقراراتها نافذة وفي حال عدم تنفيذها من أحد الأطراف بالإمكان اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لفرض نفاذ القرار أو الحكم، وكذلك لها اختصاص استشاري يتعلق بتفسير الاتفاقيات والأحكام. وإصدار الفتاوى بشأن المسائل القانونية التي تحيلها إليها هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة المأذون لها بذلك. فهل يا تُرى سنشهد في القادم من الأيام تنفيذا لما صدر من قرارات صادرة عن هذه المحاكمة؟