آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

إنتاج الكراهية والتسامح

كاظم الشبيب

تكمن المشكلة في منظومات الدول النامية، مثل الرؤية الإعلامية، برامج التدريب، مناهج التعليم، سياقات الثقافة السائدة، البيئة الفكرية العامة، في غالبها هي قوالب مُنتجة للكراهية أكثر منها روافد للحب. لذا يغلب على الفرد فيها حب قبيلته، أهل مذهبه، أهل ملته ودينه. بينما قد يعزز هذا التوجه العميق عنده حب هوياته الخاصة، إلا أنه، في الوقت ذاته، قد يقوده، إلى كراهية الطرف المقابل من الهويات، فيكره القبائل الأخرى، والمذاهب الأخرى، والديانات الأخرى، فيتحول حبه إلى هويته إلى عصبية عصية على التليين والتغيير.

من مفاتيح امتصاص العصبية واحتواء أثارها، ثم عكس اتجاهها، مفتاح التسامح بكل أنواعه، الإنساني والثقافي والاجتماعي، وعلى رأسها التسامح الديني. فمن حق كل شخص أن يعتقد أي دين وأي مذهب، لكن ليس من حقه التعدي على أديان ومذاهب غيره، لأن ”التسامح الديني لا يعني عدم قدرة الإنسان على المجاهرة بمعتقداته الخاصة، وإنما يعني محاولة عدم التهجم على معتقدات الآخرين حيث كانت هي دائماً أقصر الطرق المؤدية إلى المشكلات والاضطرابات“.*1

وغياب التسامح الديني هو من أسباب الحروب والصراعات عبر تاريخ الإنسانية، مروراً بكل الفترات الزمنية التي جاءت فيها الرسالات السماوية ورسالات الإصلاح الأرضية، حتى يومنا الحالي. لأن ”التسامح الديني هو حجر الزاوية المتين الذي تُبنى عليه العلاقات الإنسانية. وعندما يرى الإنسان كل المذابح والآلام التي سببها عدم التسامح الديني عبر تاريخ الإنسانية، وحتى وقتنا الحاضر، يمكنه أن يدرك ويتيقن أن عدم التسامح هذا، ما هو إلا نشاط يهدف إلى تدمير بقاء الإنسان في هذه الحياة“.*2

لعل التسامح هو مجرد بوابة للانتقال، أي محطة ترانزيت، من مشاعر الكراهية بنسبها المختلفة إلى مشاعر الحب بنسبها المختلفة. وفي المقطع المرفق وجهة نظر هادئة عن الموضوع بعنوان فيلم صامت عن أنواع التسامح الديني والثقافي:

*1 و 2 الطريق إلى السعادة ص 151