الإسلامُ دين سعادة وسمو
كلّ ديانة سماويّة سبقت الإسلام كانت تركّز فقط على الظاهرة الدّينية الخاصّة به، وقد تفرّد الإسلام بجمعه بين الدين والدنيا، فهو يساير الإنسان في جميع خطوات حياته، في تربيته لأولاده وتعليمه وعمله وفي حياته الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ظلّه يتساوى الغني بالفقير والحاكم بالمحكوم ويظل الفيصل «التقوى».
من جانب آخر يُبصر المسلم التّشخيص الحقيقي لألمه، وللجانب المظلم في روحه عندما يقرأ القرآن ويشعر بأنّه المخلوق المفضّل عند الله تعالى على الرغم من الكائنات والمخلوقات التي لاحصر لها في هذا الكون.
يقرأ في القرآن الكريم:
﴿وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً﴾ «سورة الإسراء، آية 70»
ثمّ يقرأ تبعًا لذلك الآيات التي تخاطب العقلاء بتسخير الشمس والقمر والليل والنهار والأنهار وجميع الكائنات على وجه هذه الأرض من أجل الإنسان.
ومن هنا نرى أنّ القرآن الكريم هو الآصِرَة، والعُرْوَة التي تحكم صلتنا بالله تعالى وتقربنا من السماء فنشعر بالراحة والسّكون النّفسي عند قراءتنا وسماعنا لآياته المباركة، يجلو بها صدأ النفوس ونضمن لأبنائنا الحفاظ على عقيدة سويّة لا تطالها شائبة تعمل على تلويثها بقربهم للقرآن الكريم.
ولايغيب عن المسلم أن يُعمل فكره في قدرة الله تعالى في هذا الكون التي تدعو للتأمل ومزيدًا من التّدبر لا للنفور من الإسلام ووصفه بالجمود والرجعيّة عند أولئك الذين لم يفقهوا إلّا القشور من بحثهم؛ لذلك نراهم قد تركوا الإسلام واعتنقوا دين آخر كالمسيحة مثلًا.
ولن يتمّ هذا الضلال إلا بتغييب الفكر خلف سُجُف ثقيلة من الكسل المعرفيّ للإسلام الحقيقي، وعدم الاستفادة من اللبنة الأولى للمسلم «كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه»
فأشرف مُقدّس على الأرض شغف الإنسان المعرفي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجانب الروحي لا الجسديّ فقط.
ذلك هو لبّ الإنسان فإذا فقده فلن يجد لذّة الحياة، لسبب بسيط وهو أنّ الإنسان في أنظمة الكفر تعلو قيمته الماديّة فقط
فقوانين سقراط وموسوليني تُخاطب الترفيه المطلق للحياة ولاشأن لها بالدين.
أضف إلى ذلك أنّ الديانات التي سبقت الإسلام ما هي الآن إّلا تشريعات وعقائد مُبتدعة، ومُحرّفة ما أنزل الله بها من سلطان لكثرة ما دخل عليها من تحريف، بينما تولى الله تعالى حفظ الدين الإسلامي وحفظ القرآن وقيض له حفظة يَعُون فهمه وروايته كما نزل.
ولايغيب من المؤمن الرشيد أن الإسلام وضع ميزانًا يضبط به مقاييس الدين والدنيا فجعل المتعة بحدود حدّها الله تعالى كي تكفل سعادة الدارين، للدنيا نصيب وللآخرة نصيب أيضًا يقول الله تعالى:
﴿وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ «سورة القصص، آية 77»
إنّ الإسلام بحاجة لنصرتنا، بالقول والعمل ولا يكفي المسلم أن يصلي ويصوم ويتهجّد وإنما واجبه أعمق بكثير.
فإذا كان هناك من يُبشر للمسيحية فإنّ المسلم أولى بحمل راية الدعوة للإسلام، فالإسلام هو ا لتحديث الناسخ لجميع الأديان، وقد بيّن الله تعالى لعباده من خلاله أنّه خلقهم لمهام مُختلفة وخلق كلّ مافي هذا الكون مُعينا لهم.
يقول الله في حديث قدسي:
«ابن آدم خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك».
وقد يتساءل البعض هل الإسلام بحاجة لجهودنا ليبقى صامدا أم تكفّل الله تعالى بحفظه كما فعل منذ قرون عديدة؟ وتحديدا عندما حفظ القرآن الكريم وأعجز كفار قريش على أن يضاهوا بمثل آياته، وحفظ نبيه الكريم وتعهد برعايته فلم تطاله أيديهم، وأحبط جميع محاولات قتله منذ ولادته إلى أن اختاره لجواره.
إنّ دعم الله للإسلام تمثّل بخلق سلطة كبرى داعمة كان نبينا الكريم وأهل بيته أساسها ولولا تلك الأسباب مجتمعة لتوقف مدّ الإسلام وأصبح محصورًا في جزيرة العرب بل لقضي عليه من قبل الإمبراطوريتين الفارسيّة والرومية.
بلا شك يحتاج الإسلام إلى صلاتك في أول وقتها، لكنه بحاجة أيضًا إلى علمك وأدبك واقتصادك وإلى مطابقة أقوالك مبادئه وتعاليمه المحمديّة.
فإذا وصلت إلى شواطئ القلوب بأخلاقيات الإسلام الحقيقية عندها سوف تصبح ابن الإسلام وناصره.
«إنّ أديان الأرض أكثر من أشجانها، وكل دين يسعى للانتشار ويدعو لغيره بالاندثار»
وفي حال اصطدام الآخرين بفظاظتك وغلظتك سيبقى إسلامك كتابة على الماء.
كن محمديّا، واجعل لك مناخًا اجتماعيّا مميزًا يستنشق منه الناس أخلاق الإسلام الشّذيّة.