آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:39 ص

عبد الله العبد المحسن حول الفلوكلور الشعبي إلى المسرح

جهات الإخبارية حوار: عيسى العيد

عبدالله بن حسن بن منصور آل عبدالمحسن بدأ في كتابة مسرح الطفل على براميل واضعا عليها الخشب ومفروشة بالسجاد، حتى أصبح رائدا لمسرح الطفل في الخليج العربي،

حول الفلكلور الشعبي إلى مسرحيات هادفة ترفع من مستوى الأخلاقي للطفل، وتنمي لديه الخيال الواسع والذكاء النافذ.

لكي نتعرف على هذه الشخصية السعودية الرائدة أجرينا معه الحوار التالي:

حدثنا عن بداياتك في الكتابة المسرحية للأطفال وريادة مسرح الطفل بالخليج؟

تعود البدايات للمرحلة الابتدائية حيث كنت ضمن فرقة المسرح إضافة إلى الكشافة، وكان بمدرستنا مسرحاً، وكانت نشطة في الجانب المسرحي حيث كانت تعمل مهرجانين مسرحيين سنوياً، وكان يدرّبنا على التمثيل مدرّسي اللغة العربية، وكانت المسرحيات من المقررات المدرسية التاريخية منها والاجتماعية، وقد استفدنا من مدرسينا بأساسيات الكتابة المسرحية واختيار الشخصيات، وبما أنني أسمع كثيراً من القصص الشعبية عن طريق جدتي، إضافة إلى القراءة للقصص التي توجد في مكتبة والدي، وخاصة ما كتبه رفاعة الطهطاوي، ومحمد عثمان جلال، والشاعر أحمد شوقي الذي اعتمد على أسلوبه الجميل وغنائيته الطافحة وحكاياته التي يقرّب فيها إلى الأطفال بصورة مشوّقة التي جاءت استجابة لروحية الطفل وعفويته.

قلت إنك بدأت الكتابة المسرحية للأطفال وأنت في الصف السادس هل كان لأحد المعلمين الأثر الذي زرع في داخل هذا الشغف الجميل؟

نعم للأستاذ الفلسطيني عبدالله زين الدين الأثر الكبير، حيث بدأت الكتابة بقصص سمعتها من جدتي، واعرضها عليه، فيصحّح بعضها ويوجّه نصائحه لي، ونتيجة للممارسة والتدريب تكوّنت لي الخبرة في نهاية المرحلة المتوسطة، فتكوّنت لي الخبرة حيث أحدّد الحدث الرئيسي، واربطها بالأحداث الثانوية، بأسلوب شيّق وبسيط لغوي، وكتابتها بطريقة الأداء التي تهيئ فرص التفكير والتقليد للطفل، وتدفعه لفهمها جيداً، حيث إنني اجتهدت كثيراً باختيار المسرحية وكتابتها بما ينسجم مع قدرات الطفل واستعداداته.

بعد مسرح المدرسة ومرحلة التعليم أين كانت هي المرحلة التالية من حياتك الكتابية والمسرحية؟

بعد تلك المرحلة كتبت مسرحيات لنادي الوحدة بجزيرة تاروت، ونادي المنار، ونادي الهدى، وكانت أول مسرحية التي كان لها دور في شهرتي وبروزي كانت بعنوان ”حكاية جدتي“ عام 1390 هـ، فكانت دافعًا لي في خوض مسابقات المدارس، وكذا الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

هل كانت لك مشاركات في مسابقات قد حققت من خلالها إنجازات مهمة في حياتك الكتابية؟

نعم لي مسرحية قد شاركت فيها بمسابقة الرئاسة كانت ”الكريكشون“ عام 1395 هـ، والتي حققت المركز الأول على مستوى أندية المملكة، وتلتها مسرحية ”الشراك“ عام 1396 هـ، وحققت المركز الأول أيضاً، ومسرحية ”من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه“ عام 1397 هـ، وتوالت مسرحياتي للأطفال حتى بلغت ثلاثين مسرحية للأطفال، وأربعين مسرحية للكبار، حيث كانت الأندية تقيم حفلات ساهرة منوّعة، وكان هناك جوّ تنافسي بين الأندية.

جميل جدا حدثني كيف جاءت لك هذه الريادة؟

جاءت ريادتي لمسرح الطفل في الخليج بنتيجة للأسبقية حيث إن أول مسرحية للطفل كتبتها ومثّلت على مسرح مدرسة تاروت المتوسطة عام 1388 هـ ولاستمراريتي وتحقيق معظم مسرحياتي على المركز الأول في المسابقات، وتكريمي من قبل وزراء الثقافة والإعلام في دول الخليج العربي، كوزير الثقافة والإعلام في السعودية الأستاذ إياد مدني، وزير الثقافة والإعلام الشيخة مي الخليفة، وزير الثقافة والإعلام القطري الدكتور حمد الكواري، وكرّمت من قبل محافظ البحر الأحمر بالغردقة وغيرهم الكثير، ولله الحمد والمنّة.

استوقفتني عنوان مسرحية الكريكشون يبدو أنه عنوان غريب ألا تشرح لي معنى هذا المصطلح؟

لهذا مصطلح في الخليج معاني كثيرة: بعضهم يطلق عليها الكريكشون وآخرون القرقيعان هي فلكلور شعبي تختص به دول الخليج حيث إن الأطفال يلعبون ألعابهم الشعبية في الحارة، وما أن تغرب الشمس يعود الجميع لبيوتهم ويخرجون وبأيديهم أكياس، ويخرجون زرافات في الحارات يطرقون الأبواب بأناشيد جميلة، فيقدم لهم الفول السوداني والحلويات، وكلما امتلأ الكيس أعاد الطفل إلى البيت وأفرغه، من ثم يعود ثانية إلى حارة أخرى.

كيف حولت ذلك الفلكور الشعبي إلى مسرحية تعرض على خشبة المسرح؟

ضمن إطار خبرتي حوّلت هذه العادة إلى مسرحية حدّدت فيها مستويات السلوك الخلقي والعقلاني حيث أرى بأن السلوك الأخلاقي في العمل المسرحي يعتبر أحد نواحي التكيف الذكائي للطفل مع بيئته الاجتماعية، حيث إن الطفل يعتمد في تفكيره على الواقع وعلى الصورة والخيالات الذهنية للحدث ومتسلسلة ومتسقة مع طبيعة تفكيره ومساعدته على تفهم وتفحص قيم المجتمع لبناء قيمته الذاتية بطريقة لها معنى في حياته.

ما هي المعالجات التي رسمتها في المسرحية أو بمعنى آخر ما هي النتيجة من هذه المسرحية في ظل فلكلور شعبي ممسرح بذاته؟

من خلال مسرحية قلت: عندما تبدأ الأطفال كلهم في فرح، ويتحدثون بأن أكياسهم قد امتلأت ويحصل أن أحد الأطفال وحده يمر من زقاق مظلم في إحدى الحارات، ويأتي شخص آخر فيسحب كيسه ويهرب به، وهنا صار الطفل يبكي فمر به بعض أفراد حارته، وحاولوا ترضيته بتقديم بعضهم أكياسهم له، فلم يوافق ورد عليهم لا أريد إلا من كدّ يدي وتعبي، وسأله أحدهم ولماذا تبكي؟ فردّ عليه، خوفي على ضياع أخلاقنا.. أبكي لأن ما حصل لي لم يكن من أخلاقنا فكيف حصل ذلك، وما حصل لي الليلة قد يحصل لآخرين، إذ البحث عن السارق هو الحلّ! فتفرقوا في الأزقة ليستعيدوا كيس أخيهم، ذلك الكيس المميز بألوانه وخيطه الأسود، فلم يجدوه وفي نهار اليوم الثاني جلس الطفل المسروق مع صديقه المقرب له وهو يقول: جاءتني فكرة لكشف السارق، فأخذ يوشوش في أذنه، ثم قال له مناداة أطفال الحارة في مكان بالقرب من بيت طيني قديم به حمار، وعندما حضروا ناداهم أن السارق قد يكون بيننا، وفي هذا البيت حمار يكشف السارق، من يلمس ذيل الحمار دون أن يرفسه رفسة قوية فهو برئ، أما من يرفسه الحمار فهو السارق، لذا اعملوا قاطرة، وليدخل الجميع واحداً بعد الآخر، ليلمس ذيل الحمار، وكلما خرج شخص اشتم يده، حتى جاء أحدهم وشم يده ولم ير أي أثر من الزيت في يده، وهنا صرخ قائلاً: للأسف ابن حارتي وجاري هو السارق وأوضح للجميع السبب، وأخيراً اعترف وطلب منهم مسامحته، وفي الأخير سامحوه على أن لا يعود إلى العمل المشين مرة أخرى، وتحرك الجميع بأناشيدهم خارجين من المسرح.

نظراً لشحّ المسارح في ذلك الوقت فكيف تعرض مسرحياتك؟

في البداية لا يوجد بجزيرة تاروت سواء مسرح مدرسة تاروت الابتدائية، وكان خاصاً للمهرجان المسرحي المدرسي، أما بالنسبة للأندية فكنا نعتمد على مجموعة من البراميل الضخمة نضعها بجوار بعض، وتغطى بألواح خشبية، وتفرش بعد ذلك بالسجاد، ويسوّر المسرح بأقمشة مع الاهتمام بالستارة والصوت والإنارة والمكياج والملابس والديكور واللوحات الخلفية، وقد كان لنادي النصر بجزيرة تاروت قصب السبق في بناء مسرح مقارب للمسارح الحديثة من حيث المقاسات الفنية وعمل الستارة والإنارة والصوت.

هل طالت تلك الفترة البدائية في بناء المسرح؟ ومن كان معك في تلك الفترة الرائدة؟

تلا تلك الفترة نادى الهدى بجزيرة تاروت حيث بادر الشباب ببناء مسرح حديث، وقد كان لكوكبة منهم نذرت نفسها للنادي وحب البلد يتقدمهم المهندس جاسم سهوان، والمهندس عبد الشهيد السني، والأستاذ محمد الدعلوج، والأستاذ جاسم الصايغ، والأستاذ والفنان عبدالعظيم شلي، والأستاذ حبيب محمود، والأستاذ الفنان محمد المصلي، والأستاذ الفنان عبدالله علي حسين، حيث كان لهم دور كبير في بناء المسرح وتجهيزه، إضافة إلى إنارته وتوصيل الميكرفونات، ورسم اللوحات الخلفية وتنظيم الحفل وتقديمه.

في رأيك كيف يتطور مسرح الطفل ويتقدم ويرتقي؟

دلّت البحوث بأن مسرح الأطفال يزداد كفاءة وفاعلية عندما يتعاون الجميع في الارتقاء به، وإذا بذل المؤلف جهدًا مقصودًا لمساعدة الأطفال على حب المسرح ومشاهدة المسرحيات التي تعرض عليهم وإدراك قيمتها، وخاصة المسرحيات التي تعد عناصرها بعناية، فإنها تحقق أهدافًا تربوية واجتماعية وفكرية. فالمؤلف المتميّز القادر على الاستخدام الفعّال لمهارات الكتابة المسرحية ومراعاة عمر الصغار واستعداداتهم ولغتهم بإخراج جيد، يسهّل عليه جذب انتباه الأطفال وتوجيههم لنهاية المسرحية، ومن الوظائف الأخرى للمسرحية الجيدة، هي المساعدة على تنظيم ما تحتويه المسرحية من معلومات في إطار كامل شامل مع الديكور الجيد والإضاءة، فإنه بذلك يعمل على مساعدة الصغار على تذكر النقاط الرئيسية تؤدي بهم إلى استخدام عقولهم للتفكير بمستويات مختلفة.

كيف تقيم التجربة المسرحية للأطفال في المملكة قياسًا بالعالم العربي؟

مسرح الطفل بالمملكة مرّ بمحاولات عدة، فالبدايات ما هي إلا محاولات اجتهادية، وأخذت بعدها عدة أشكال تنظيمية وتكوينية بقصد الإنتاج المسرحي المتميّز كماً وكيفًا، ومن أهم هذه التنظيمات: وزارة التربية والتعليم، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وجمعيات الثقافة والفنون، والأندية، وقد توقّدت همم الشباب في الارتقاء بمسرح الطفل، وقد ساعدهم على تحقيق ذلك عدة عوامل أهمها:

1. مسابقات الأندية التي ترعاها الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

2. تخصيص ميزانية مالية خاصة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب لصرفها على المسرح وتوفير متطلباته.

3. إرسال مجموعة من الشباب المسرحي في دورات الإخراج والتأليف المسرحي في كل من مصر وتونس.

4. تخصيص مكافآت وجوائز مادية وشهادات تكريم للمؤلفين والمخرجين من قبل الرئاسة.

وكذا حذت حذوها فيما بعد جمعيات الثقافة والفنون.

وقد برزت من خلال المسابقات والتكريم والدورات كوادر وطنية في مجال التأليف والإخراج تضاهي إن لم تتخط إخواننا من كتاب مسرح الطفل في عالمنا العربي، فأغلب مسرحيات الأطفال في المملكة تملك مقومات المسرحية الهادفة القيّمة في النص والإخراج، وفي رسمها المزايا والخصائص الخلقية والنفسية والاجتماعية للأطفال، وهذا في حدّ ذاته غاية مسرح الطفل، فكتّابنا يهتمون بالفكرة والأسلوب والحدث والشخصيات والديكور، وذلك لإثارة التشويق للأطفال وتثقيفهم لذا نجد مشاركات شبابنا في المحافل المحلية والعربية يجدون التكريم والحفاوة، ومعظم عمليات التكريم هذه تأتي لإنتاجهم المسرحي المتميز باعتراف المحكّمين والحضور، وهذا يعني أن هناك تغيّراً في عملية التأليف المسرحي للطفل، بحيث تنافس إن لم تتخط الأعمال المسرحية بالبلاد العربية، وحيث إن الناتج الإبداعي لشبابنا جاء نتيجة متغيرين أساسيين هما: الحماس والخبرة.

















التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد الصغير
[ تاروت ]: 11 / 9 / 2023م - 5:07 م
كل هذه الاعمال التي قدمها الاستاذ أبو فراس للأسف لم يتم تسجيلها تلفزيونياً على ما أعتقد. اتمنى لو يبادر الاستاذ ابو فراس او أي فنان آخر بإعادة عرض جميع أعماله الجميله من جديد، كالدوخله، الكريكشًون، لشراك، و بإسلوب أكثر تميزاً، يتماشى و ميديا العصر و من ثم تسجيلها تلفزيونياً.